**يصدر هذا العدد من (الثقافية)- اليوم- بشكل استثنائي لنستكمل به عددنا الخاص الأول الذي صدر يوم أمس الاثنين 3-3-2008م عن السياسي والثقافي العربي الأستاذ غسان تويني.
وربما جاز لهذه المساحة أن تتحدث عن عمل صامت دؤوب امتد أكثر من عام ونصف العام تلمُّ (الجزيرة) -ممثلة بمجلتها الثقافية- كل الأطياف التي افترق بعضها عن بعضها ثم اتفقت كلها مع كلها على الإشادة بتجربة
...>>>...
إنسان عديد الجوانب والمواهب والتطلعات تتعانق أو تتراكم في نفس غنية، قلقة أحياناً بسبب من صبوتها إلى وجه هو الحق والتواقة إلى رقي للناس لا يحد، إلى حقوقهم وحريتهم.
غسان تويني صعب الغوص عليه لارتباطه بأمداء كثيرة. أين نقطة الجمع عنده بين مدى ومدى؟ من حين إلى آخر يبدو لي أنه يلهو. لا بد في السياسة من لهو ولكن لا بد لها من قناعة إن كنت من الصادقين. الحقيقة أنه يسعى، يبدو لك براغماتياً. هذا لا
...>>>...
ثمة في الناس من يعرف قيمة المعرفة وثمن الكلمة، ولذلك فهو في سباق مع الزمن في مسعاه للتحصيل، وفي حركته لتحقيق النتائج في ميدان الحياة وفق القاعدة الحاسمة في معطياتها: أكثركم خدمة للإنسان أكثركم تحصيلاً وعطاءً.
وعلى هذا الأساس، فإن مسيرة الحياة عند هؤلاء تعيش في رحاب المعرفة، فلا ينتهي البحث فيها ولا تتوقف التجارب في كنفها إلا عندما يسكن الجسد ويتوقف القلب عن الخفقان وتدخل النفس في رحلة نحو
...>>>...
أن يطلب إليك الكتابة في غسان تويني فهذا يعني وضعك أمام أصعب التحديات والامتحانات. إذ للقيام بهذه المهمة يجب أن تكون ملمّاً بموسوعات كثيرة نهل منها الرجل وأضاف إليها في الصحافة والسياسة والثقافة والتاريخ والفكر والدبلوماسية وعلوم الحياة وأعني هنا علوم الصبر والعناد والحكمة وقوة الكلمة. ولو طلب إليك الكتابة عن غسان تويني في إحدى شخصياته أو أحد جوانب حياته وتجربته المذكورة فهذا يعني أنك أمام
...>>>...
غسان تويني رجل الهويات المتصالحة، في زمن يتهدده اختزال الناس إلى هوية واحدة. وهو رجل المسالك المتعددة تفتحها أدواره المتنوعة، التي اختارها أو التي اختارته، ومعها اللغات والمقاربات. تتعدد مسالكه في بلد ينزع الكثيرون فيه، من السياسيين والمفكرين والمتحزبين لهم، إلى بناء الأسوار حول الجماعات، على اختلافها، الموروثة منها والمتخيلة، وإلى التعامل مع الأفراد وكأنهم مجرد جزءٍ من جمهور أو كتلة أو
...>>>...
علاقتي بالأستاذ غسان تويني تعود إلى ما قبل ولادتي فحين تزوج والديّ في القاهرة عام 1945م، لم يكن بين الحضور إلا صديقين اثنين قادمين من لبنان، أحدهما الأستاذ غسان، وكان لم يبلغ بعد سنّ العشرين.
خلال طفولتي وصباي، كان اسمه دائماً على ألسنة أفراد عائلتي، يتابعون مقالاته ونشاطاته، وما زلت أذكر تلك السنة الانتخابية في 1957م، وكنت آنذاك في الثامنة من العمر، حين سمعت أعمامي يهمسون في وجع (سقط
...>>>...
لا يمكنني أن أنسى ذلك الموقف والأستاذ الجليل غسان تويني يظهر على شاشات التلفزيونات وهو ينظر إلى ابنه جبران وقد ابتلعته يد غادرة أهدرت كرامة الوطن والإنسانية والكلمة الحرة والتاريخ الثري في الأب والابن وما وراءهما من معانٍ تعمر خواطر كل من يسمع باسم تويني وتاريخ هذا الاسم ومعناه العربي والثقافي.
وقف الرجل الجليل وكنت مثل كل البشر في تلك اللحظة ننظر في الوجه والصورة وأحاسيسنا مع رجل مكلوم
...>>>...
في 12 كانون الأول 2007 نهار الاحتفال الخاص بالذكرى الثانية لاغتيال الصحافي النائب جبران تويني، وقف والده غسان شاباً بعمر الثانية والثمانين، أنيق القسمات، وضاح الكلمة والحكمة والكفاحية. فلا أخاديد العمر، ولا متاعب المهنة، ولا الموت المتوالي عليه بالغاً حد المساكنة في الابنة والزوجة والابن ثم الابن، جميعها لم تقو على تهدج صوته يغمرنا بالسعادة التي واتته من على المنبر حينما انتبه إلى أن أمامه
...>>>...
قبل أن يبدأ غسان تويني محاضرته في (مركز الدراسات اللبنانية) - أوكسفورد- قدمه للجمهور السفير البريطاني السابق بول رايت، بكلمات معبرة اختصرت سيرة المحاضر، فقال: أنا محتار في اختيار الصورة الحقيقية التي تنطبق على مقاييس التعريف بغسان تويني، هل هي صورة الصحافي... أم صورة السياسي... أم صورة الدبلوماسي أم صورة الأديب؟ إن غسان في نظري، هو كل هذه الصور وأكثر!
الحديث عن غسان تويني لا بد أن يتشعب ليطال الشخصيات المتعددة المتوحدة في رجل واحد؛ فهناك غسان الصحفي، وغسان السياسي، وغسان الأب، وغسان المفكر، وغسان رجل الأعمال (وهذه صفحة حميدة خاصة إذا سخرت في خدمة الصحافة والثقافة والفكر والفن).
لا أعتقد أن ثمة قارئاً لا يعرف من هو غسان تويني، وما هو الموقع الذي يحتله في عالم الصحافة اللبنانية خاصة والعربية عامة، حتى يمكن القول إن تويني أسس مدرسة
...>>>...
أكتب عن الصديق السياسي والناشر والكاتب غسان التويني، كما عرفته في الأمم المتحدة، حيث يدخل السفير العامل في الأمم المتحدة في ثلاث خانات، خانة الدول الكبرى، طبقة النبلاء في صالون المنظمة، وهم الذين تأتيهم المرتبة بالوراثة، قوتهم من مكانة دولهم وليست من أدائهم، وفرت هذه القوة مقعداً دائماً في مجلس الأمن، ولهم نفوذ بسبب وضع دولهم في سلم العلاقات الدولية، يمارسون ضغوطاً لا شأن لها
...>>>...
الحديث عن غسان تويني بمقدار ما هو سهل فهو دقيق، سهل لأن الكثير يمكن أن يقال فيه وعنه بعد أن جمع في شخصه الصحفي والسياسي والدبلوماسي والمفكر. وكان ناجحاً في جميع هذه الحقول. نشاطه في استمرار لا يفتر، وكلمته عالية، عميقة لا تغيب، عاشق حرية وديمقراطية مجاهد عنيد في سبيلهما وفي سبيل الإبداع، كارهاً للحكم التسلطي أينما كان.
أما مكمن الدقة فهي الخشية التي تلازم المتحدث عنه من ألا يوفيه كامل
...>>>...
غسان تويني صاحب صحيفة النهار ظاهرة فذة وفريدة في حياتنا العربية، إنه رائد من رواد حرية الكلمة وحرية الصحافة، وقد كرس حياته كلها من أجل معركة الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية في وطنه لبنان، وصمد في وجه الرياح العاتية وظل وفياً لمبادئه وأخلاقه الرفيعة التي وفرت له مكانة وحصانة في مجتمعه ومحيطه العربي، وحين تشكلت الكتلة التاريخية لحماية استقلال لبنان والتي اهتدت بأفكاره على مر السنين،
...>>>...
سماه والده جبران التويني، مؤسس جريدة النهار، (غسان)، ترشيحاً له لأن يكون في وطنه العربي الكبير نجم الدور اللامع العريق الذي لعبه الغساسنة في التاريخ العربي. وبالفعل ما كاد الفتى ابن جبران يلمع سباقاً في جيله، حتى ارتأى فريق من وطنيي سوريا ولبنان، المتعاونين في ذلك الزمن في الجهاد ضد الانتداب الفرنسي، أن ينزلوا هذا الاسم غسان في صلب النشيد الشعبي الوطني الشهير، المعتمد من الجماهير والشبان
...>>>...
من يعرف غسان تويني عن كثب يتردد كثيراً في الكتابة عنه، فالانطباعات عن سيرته ومسيرته متعددة كثيراً ما تكون تلقائية عفوية ولكنها باستمرار تتميز إما بالاعجاب والتقدير أو بالتشكيك فيما يرمي إليه حتى أحرف الكلمات في ما يريد إيصاله إلقاء أو كتابة. وحتى المشككون يشاركون المعجبين إعجابهم كونهم يعتبرون ما يختلفون مع غسان تويني فكراً أو سياسة أو موقفاً معيناً إنما يدركون صعوبة تفنيد بنود أو مواقف
...>>>...
يصح في غسان تويني القول إنه شخص فريد في زمن شحّت فيه الفرادة وحلت محلها الرتابة المضجرة. فما زال هذا الرجل الذي تجاوز الثمانين من العمر يكتنز حيوية الصحافي والسياسي والديبلوماسي والإنسان المنتج والمبادر.
ورث باكراً عن والده صحيفة (النهار) وشغل فيها موقع رئيس التحرير، وهو يناهز الثانية والعشرين، فأدخل فيها على طريقة كامل مروه، صاحب جريدة (الحياة)، الكثير من العصرنة، وحوّلها من مجرد جريدة
...>>>...
في يوم من أيام حزيران - 1995م، وفي مكتبهِ بجريدة (النهار) في الحمرا ببيروت، التقيت الأستاذ غسان تويني للمرّة الأولى وكنت مكلّفاً من مدير عام منظمة اليونسكو السابق فديريكو مايور بالتباحث معه لإصدار (كتاب في جريدة) واختيار بيروت عاصمة لانطلاقته.. كان لقاءً مثمراً له يعود الفضل في عقد البروتوكول الخاص بدولة المقر بين منظمة اليونسكو والحكومة اللبنانية بعد تدخل سريع وعملي قام به الأستاذ تويني
...>>>...
كان قدر غسان تويني أن يعيش في بلد التناقضات، والاغتيالات والحب ! وهو البلد الذي يوقض (ديك) النهار فيه العرب النائمين ويقدم لهم الحرية - المفقودة على امتداد هذا الوطن العربي الذي حكموه بالحديد والنار ردحاً من الزمن - مع قهوة الصباح.
ثمانون عاماً هي الفترة التي عاشها الصحافي والأديب القدير غسان تويني؛ محاطاً بأمل الوحدة العربية؛ مشغولاً بتضميد الجسد اللبناني الذي نشبت فيه أظافر الحاقدين من
...>>>...
إن اسم غسان تويني مرتبط ارتباطاً عضوياً بتاريخ لبنان الحديث، سواء في الحياة السياسية أو الأدبية والفنية، احتلّ غسان تويني مركزاً مميزاً في المجتمع اللبناني عبر شخصيته القوية وثقافته العالية فحوّل مؤسسة (النهار) الإعلامية إلى منبر مدوٍ لكل معارك وقلاقل لبنان خلال أحداث المنطقة المأساوية.
وما أعطاه هذا التأثير الكبير على الحياة العامة السياسية والفنية والأدبية كونه وريثا صحافيا بارزا، هو
...>>>...
عرفت عنه منذ ستين سنة خلت، مثالاً للشاب المثقف والحضاري، ينظر إلى الأمور من منظاره الخاص وكأن الدنيا موضوع اختبار دائم.
ثم شاء القدر أن أتعرف إليه وألتقيه مراراً، طالباً عائداً من أمريكا، شهدت له مجلات عالمية، وشاعراً متغزلاً بمن أصبحت زوجته سنة 1953، ومرشحاً للنيابة ونائباً قطباً من أقطاب المعارضة وصحافياً رائداً وعضواً في اللجنة التي انبثق عنها بعض الإصلاحات في أوائل في أوائل الحروب من
...>>>...
شخصية ليبرالية بامتياز، وعلمانية إيمانية مشتركة بامتياز ينتمي إلى خلاصة المسيحية الشرقية العربية كما ينبغي أن تكون عليه صورتها، والتي هي حضاريا طبعا، جزء لا يتجزأ من صورة المشهد الثقافي العربي الإسلامي التعددي في المنطقة.
أجل، تلك هي الهوية التي كافح من أجلها غسان تويني ولايزال، طوال ما يزيد عن ستين عاماً، عرفت الاستاذ غسان من خلال تلاميذه ومعاونيه، ففي مساء جميل من أمسيات بيروت اخذني
...>>>...
من بين رموز الصحافة العربية المعاصرة، يمكن النظر إلى غسان تويني باعتباره الوجه الأوحد الذي جمع إلى جانب مهنته الصحافية بين شخصية السياسي اللامع والمثقف المتعمق الذي تتجاوز ثقافته وقراءاته قشور الفكر الرائج وعناوين واجهات المكتبات.
وفي الوقت الذي سيطر على الإعلام العربي نموذجان هما (كلب الحراسة) إشارة إلى كتاب بول نيزان الذي حمل هذا الاسم ونعني به نديم الحاكم ومادحه، و(مدير الوعي) أي
...>>>...
لا أعرف غسان تويني الإنسان.. ولكن أعرف غسان تويني (النهار)..
(النهار) البيروتية، هذه الصحيفة العربية الكبرى التي لا يمكن أن نذكرها منفصلة عن اسم وشخص غسان تويني.. (النهار) البيروتية التي ما زالت، منذ تأسيسها، هي الأولى عربياً، ولم تنافسها حتى اليوم أي صحيفة عربية، حتى لو كان بين هذه الصحف من هي أكثر منها مبيعاً وانتشاراً في المنطقة والعالم، لأن (النهار) لم تعد صحيفة فقط، بل هي مؤسسة
...>>>...
لو أن المعني ليس هذا الرجل العظيم الذي شكلت مسيرته الوطنية والصحافية والأخلاقية نموذجاً للجيل الذي أنتمي إليه وهو جيل النكبة والشعارات القومية الصاخبة والجميلة وجيل الهزيمة ثم الثورة والكلاشنكوف ثم الإحباط والتقوقع الإقليمي، فلما استطعت النهوض من سرير المرض في أحد مستشفيات لندن لأكتب هذه السطور التي لا تفي غسان تويني جزءاً من حقه على الذين عرفوه عن قرب وعن بعد والذين قرؤوا له وتابعوا
...>>>...
عندما توفي جبران تويني في 11 تشرين الثاني 1947 في التشيلي حيث كان وزيراً مفوضاً لديها كان غسان تويني لا يزال طالباً في جامعة هارفارد يُحضّر الدكتوراه في العلوم السياسية ويحلم بأن يصبح استاذاً جامعياً، ويؤسس مجلة أدبية تتجاوب مع مواهبه الأدبية، الشعرية والمسرحية. فعاد إلى لبنان ليواجه مسؤولية تأمين استمرار (النهار) وبقائها. فالتزم المبادئ التي قامت عليها الجريدة وأعلنها جبران تويني في
...>>>...
بالنسبة للشخص الروسي لايعد العالم العربي قريبا من الناحية الجغرافية، وهاما من الناحية الاقتصادية، وضروريا من الناحية السياسية فحسب،وإنما أيضا له قيمته ومعزته من الناحية الثقافية، فللعلاقات الثقافية التاريخية بين شعوب روسيا والبلدان العربية بعدها الديني أيضا اذ يعتبر عشرون مسلما في روسيا المشرق العربي وطنهم الثاني ومركز الحضارة الاسلامية، بينما لاينسى الارثوذكس الروس، الذين يشكلون 80% من
...>>>...
لم يتسنّ لي مع الأسف التعرّف على شخص الأستاذ غسّان تويني معرفة جيّدة من قبل، ما خلا بعض اللقاءات العابرة التي كان آخرها وأطولها على ما أذكر هو ذلك اللقاء المؤثّر الذي جمع في بيت سمير قصير عائلته وأصدقاءه ومعارفه بعد تشييع جثمانه إلى مثواه الأخير.
وكنت أتمنّى بالفعل لو أنّ صداقةً ما، أو معرفة وطيدة ما، جمعتني به من قبل، كي أبيح لنفسي التّحدث عنه بالأريحيّة والدقّة ورفع الكلفة التي تيسّر
...>>>...
حين ينصت المرء إلى حديث غسان تويني يشعر وكأنه يجوس في ثنايا ذاكرة لبنان الحية، بل وذاكرة الشرق الأوسط بكامله، وهي ذاكرة منظمة ومتقدة، لم تنل منها متوالية السنين، ولم تفت في قوتها المحن التي تناوبت على لبنان حتى طالت يد المنون ابنه جبران تويني، فكانت كارثة الاب المكلوم في فقدان ابنه جبران في تفجير سيارة عام 2005، كأنما هي عناصر تقوية أركان هذا البنيان الصلب الممثل في شخصية غسان تويني، الذي
...>>>...
أحب لبنان، وأحب اللبنانيين، ولي بينهم أصدقاء كثر. أحب فيه ذلك الثرى والتنوع والتعددية والسقف العالي لحرية التعبير، لكنه في الآن نفسه يجعلك تشعر بالخوف المستمر نظرا لهشاشة بنيته الاجتماعية ونظامه السياسي، مما جعله دائما يبدو وكأنه على أبواب انفجار محتمل. لهذا لا أريد أن أرى في هذا البلد إلا أفضل ما فيه، وأتجنب عندما اكتب عنه أو عن رموزه أن أتورط في متاهاته، أو أن أجد نفسي منخرطا في صراعاته
...>>>...
صفحتان؟ وهل تكفي صفحتان لأعبر عن مشاعري وأروي ذكرياتي عن صديق العمر، عملاق الصحافة والسياسة والأدب غسان تويني، ألا يعرف من طلب مني أن أكتب عن غسان في حدود الصفحتين أن بيني وبينه تاريخا طويلا من العلاقات والمحبة والصداقة تضيق بها دفتا كتاب؟ أيجوز أن أختصر هذا التاريخ في بضعة سطور؟ فماذا أذكر وماذا أترك؟ أأذكر سني الخمسينات عندما وفد الى عالم الصحافة جورج أبو عضل فأسس مجلتي المجازين
...>>>...
قبل أن يستقر بي المقام أسبوعياً في رحاب (الشرق الأوسط) جريدة العرب الدولية كواحد من المشاركين أسبوعياً في صفحات (الرأي) ويومياً في رحاب جريدة (اللواء) اللبنانية الوقورة والملتزمة وطنياً وقومياً كواحد من الزملاء المعلقين والكتَّاب كانت محنة الحرب اللبنانية التي أشعلتها شرارة رماها على لبنان الحديقة الجميلة حفنة من الأشرار يوم الأحد في 13 إبريل - نيسان 1975 أوجبت عليَّ ترك الوطن حزيناً على
...>>>...
قلة من الرموز في لبنان تتجاوز في معنى وجودها انقسامات هذا البلد الصغير وطوائفه المتصارعة وحروبه الأهلية المضمرة منها والمعلنة. من دون طول تفكير يمكن القول إن غسان تويني هو إلى جانب فيروز واحد من هذه الرموز القليلة المتبقية من لبنان الآخر، وواحد من الرموز المتجددة التي لا تزال محملة بالوعود للبنان المستقبل.
غسان تويني هو للصحافة والفكر كما هي فيروز للفن والغناء وكما هو جبران خليل جبران
...>>>...
ثمة رجالات ملء ثيابهم كما تقول أمي، وملء تاريخهم كما تقول الوقائع الكبيرة، وهي تغض طرفاً عن التفاصيل.
وثمة رجالات تفيض ظلالهم وتنأى إلى ما هو أعلى وأبعد من هذه المقاسات والمقامات.
أجل.. هناك مَنْ إذا اختلفت معهم أو عنهم حاربوك، وإذا اختلفوا معك أو عنك حاربوك، وهناك مَنْ يغتنون بك وتغتني بهم، ولا سيَّما في ميداني الخلاف والاختلاف.
وقد كنت ولا أزال على قناعة مخضَّبة بالورد والندى، كما
...>>>...
في منتصف الثمانينيات، أخبرني نجيب طالب، طبيب نادية تويني إلى حين رحيلها في سنة 1983، أن غسان تويني أهدى إليه كتاباً لي. كان الكتاب واحداً من أربعة كتب أولى أصدرتها سوية تقريباً، قبل أشهر من هذه الواقعة، ولم يكن لي قبلها ذكر يعتد به في دنيا النشر ولا في (الساحة) العامة. وكان نجيب طالباً قد قرأ الكتاب فدعاني إلى عشاء في بيته بعد أن اهتدى إلى الاتصال بي بعناية صديق مشترك. وأما غسان تويني فلم
...>>>...
تجتاحني سعادة غامرة وكبيرة استحققتها مرتين. مرة في أن تتاح لي فرصة الكتابة عن أحد عمالقة الصحافة والقلم والكلمة في هذا الشرق، وآخر الكبار في هذا المضمار في لبنان، عنيت به أستاذ أجيال من الصحافيين والإعلاميين أستاذنا الكبير غسان تويني. واستحققتها مرة ثانية بأن أكون في عداد هذه النخبة العظيمة والمميزة من المثقفين ورجال الإعلام والفكر والسياسة والعلم والمعرفة والخبرة التي كانت على تواصل من
...>>>...
تبوأ الكاتب الصحفي غسان تويني مكانة مرموقة في الفضاء الصحفي المستقل في العالم العربي، فقد مدتنا تجربته وجرأة قلمه وتمرّده على الواقع المتردي والفساد السياسي، بمرجعية اقتدنا بها، فهو الأستاذ والمعلم الكبير، الذي لم تغوه السياسة، فقد ظل وفياً لقلمه رغم تقلده المناصب السامية سياسياً ودبلوماسياً.
قرأت ذات مرة أن الأستاذ غسان تويني يُقلق العقل بكتاباته، وبالفعل هو كذلك، يقض مضجع كل من يريد أن
...>>>...
هي تحية موجهة لغسان تويني من خلال ابنه جبران، فمشهد وداع الأب للابن الذاهب نحو حلم لبنان الجميل، نحو التأصيل، ما زال أمام غمامة العين، وما زال عالقاً في الذاكرة التي لا تحب أن تخون، هي تحية إنسانية، خالصة، زاهية بالنبل، وبالنفس الأمّارة بالحب والأشياء الجميلة، حينما يتعالى الإنسان فوق الأشياء، ويكون هو السمو.
اسمح لي.. يا أستاذي الكبير عني عمراً، والكبير مني قدراً، الكبير في الصحافة
...>>>...
سيرة ناديا تويني هي حكاية قصائدها، إلهامها وصراعها مع الأيام التي عاشتها إبداعا لافتا ولدت 8 تموز 1935م، من المدينة الشوفية، بعقلين، حملت ناديا إيمانها بالأرض والعشيرة والتراث، وعشقها للأشجار والأزهار، وشغفها برموز الجبل وما منه وما عليه. كذلك تعلقها اللامتناهي بامرأة الجبل الممثلة بجدتها (ستي هند)، والدة محمد علي.
أما والدتها مارغريت مالاكان، فاقتبست منها جماليات اللغة الفرنسية التي
...>>>...