إعداد: عبدالكريم العفنان
1
**يصدر هذا العدد من (الثقافية)- اليوم- بشكل استثنائي لنستكمل به عددنا الخاص الأول الذي صدر يوم أمس الاثنين 3-3-2008م عن السياسي والثقافي العربي الأستاذ غسان تويني.
وربما جاز لهذه المساحة أن تتحدث عن عمل صامت دؤوب امتد أكثر من عام ونصف العام تلمُّ (الجزيرة) -ممثلة بمجلتها الثقافية- كل الأطياف التي افترق بعضها عن بعضها ثم اتفقت كلها مع كلها على الإشادة بتجربة هذا الرجل العربي الكبير الذي سمعناه قبل يومين مستشهداً بالقرآن الكريم حول أصحاب الأخدود، مستلهماً الحكاية في فيض الألم تجاه (المجزرة) التي يقوم بها الصهاينة المجرمون ضد أهلنا في (غزة)، ومن يتابع مقاله الاثنيني في النهار يدرك عمق إيمانه بقضية أمته العربية، ووحدة أرضه اللبنانية، وعلوِّه فوق الطائفيين والمذهبيين والمستلبين للمحاور الخارجية، وهو الذي قال في محاضرة ألقاها بمجلس الشيوخ الفرنسي قبل أكثر من عشرة أعوام (6-6-1997م):
* الفكر الإسلامي المعاصر متنوع، ولا يعبر التيار الأصولي إلا عن وجهة نظر الأقلية، وهذا يفترض ألا يدفعنا إلى الخوف وإلى الدخول في إرهاب الدولة الذي يخفي غالباً أفكاراً مسبقة.
* إن عصر الصليبيين قد ولَّى وكذلك الاستعمار المتهم بانتهاجه السياسة نفسها.
* أترككم في ظل الأرز والنخيل رمزاً للأمل والصبر غير المحدود للشعوب التي ترويها ينابيع تاريخها.
** آمن غسان تويني أن ما بين العروبة والإسلام - كما قال - في محاضرة أخرى عام 1990م- من ترابط تاريخي سابق لزمن القوميات، وما كان بين العروبة والإسلام كذلك من وحدة حال سياسية سابقة لنشوء الدولة القومية، ثم ما قام ولا يزال قائماً بين المسلمين غير العرب وبين العرب من روابط حضارية وقربى سياسية تذهب حد التضامن الكياني.
2
** هذا الرجل استحق ويستحق الاحتفاء، وكنّا -في الجزيرة هنا ومكتبنا الإقليمي في الشام- على تواصل طيلة بضعة عشر شهراً، لنتحدث عمّن كتب وعمّن سيكتب، وعمّن هاتفناه وعمن هاتفنا وعمن وعد فوراً وعمن طلب إرجاءه قليلاً أو كثيراً، وعلى رغم أننا تواصلنا مع (تسعين) زعيماً وصحفياً وكاتباً وناقداً فقد كان بالإمكان أن يتضاعف العدد النخبوي؛ فمحبُّو الأستاذ وعارفو فضله وتلاميذ مدرسته لن يستوعبهم عددان ولا مجلدان.
** هكذا استطاعت (الجزيرة) أن تحشد هؤلاء للحديث عن تجربة الصحفي- السفير- الوزير- النائب- الناشر- الأكاديمي- رئيس مجلس إدارة صحيفة النهار البيروتية، وأحد الأسماء الفاعلة في الحقول الثقافية والعلمية والسياسية- العربية بامتداد عمر تجاوز ثمانين عاماً من العطاء المتصل المتفاني بدءاً بعمله أستاذاً في الجامعة الأمريكية ببيروت بعد تخرجه في جامعة هارفارد قبل ستين عاماً، وامتداداً برئاسته لجامعة (البلمند)، واستمراراً برئاسة تحرير ومجلس إدارة النهار وبعض الصحف الناطقة بالفرنسية، إلى عمله النيابي حيث يحتل اليوم عميد النواب في البرلمان اللبناني، كما دوره سفيراً للبنان لدى الولايات المتحدة بعد حرب 1967 ونائباً لرئيس الوزراء ووزيرا للإعلام، والتربية الوطنية، والعمل والشؤون الاجتماعية، والسياحة، والصناعة والنفط، ومندوباً للبنان لدى الأمم المتحدة خلال فترة الحرب الأهلية، وأعمال أخرى جعلته رجل المراحل وعرّاب علاج الأزمات؛ حيث ظلَّ مستقلاً بانتمائه، حفيّا بعروبته، متجاوزاً مشاعره الشخصية التي رزأته بفقد أبنائه واحداً بعد الآخر، ومطالباً الجميع - بعد اغتيال ابنه جبران - بالترفع عن الانتقام والتفرغ لبناء لبنان.
3
قدمت (الجزيرة) -أمس- وتقدم في مجلتها الثقافية -اليوم- عددين خاصين عن الأستاذ غسان تويني استطاعت فيهما أن تجمع (المتضادين) من الأفرقاء السياسيين والثقافيين، كما لم تستطع ذلك المبادرات الرسمية، ما يشير إلى تميز (الأستاذ) الذي اتفق الجميع على حبِّه وتقدير دوره وتثمين حكمته وريادته وشموخه وانتمائه العروبي واعتداله في كتاباته ومواقفه.
وإذ ضم الجزء الأول مقالات للرئيس الفلسطيني وأمين عام الجامعة العربية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب اللبنانيين والأستاذ وليد جنبلاط والدكتور بطرس غالي، والأمير الحسن بن طلال ورئيس الوزراء الفرنسي السابق دوفلبان، وعدد كبير من المفكرين والسياسيين والصحفيين منهم: جورج حبش، غسان سلامة، عدنان الباجه جي، عبدالله مناع، سعاد الصباح، طلال سلمان، غسان شربل، محسن العيني، ملحم كرم، محمد البعلبكي، باتريك سيل، عصمت عبدالمجيد، أسامة سرايا، نهاد المشنوق، ياسر عبد ربه، خالدة سعيد، ايريك رولو، علي اومليل، وآخرون.
فإن الجزء الثاني هذا اليوم يضم عدداً كبيراً من السياسيين والمثقفين والأكاديميين ومنهم:
الشيخ محمد حسين فضل الله، والمطران جورج خضر، والأساتذة والدكاترة والوزراء والكتاب والصحفيون: غازي العريضي، طارق متري، أحمد عبدالرحمن، فؤاد بطرس، أمين معلوف، سليم نصار، عبدالله الغذامي، محمد الرميحي، عبدالله بشارة، كلوفيس مقصود، كوليت خوري، نايف حواتمة، منح الصلح، ميشال اده، فؤاد مطر، شوقي عبد الأمير، أحمد بيضون، كريم بقردوني، إلهام فريحة، سميرة رجب، وغيرهم.
4
المجلة الثقافية الصادرة عن (الجزيرة) تدخل بهذين العددين عامها السادس حيث صدر عددها الأول ليوم الاثنين 3-3 من عام 2003م.
* التزامن مع الجمال جمال.