تِلْك الكتب التي تصر على إيقاظ فكرك تحمل غذاء جيدًا لك، القراءة البليغة قد لا تضعك أمام النص كما كتبهُ الكاتب لك، بل تأخذك إلى اختلاق أفكار أخرى وليدة فكرك فيها.
الكتب هي المعلم الذي لا ينطق لكن يحمل في طياته كنوزًا من المعرفة.
لكل قراءة تجربة وللكتب طرقات مختلفة من المعرفة، هناك الكثير من الأحاديث في صفحات الكتب لابد من الاطلاع عليها، فيَ قراءة كتاب ( فلسفة الفكاهة ) للكاتب تيري أيغتلون.
العنوان ملاحظة غامضة تجعلك تبدأ بداية استفزازية لماذا للفكاهة فلسفة ؟ وما الأفكار التي جعلت الكاتب أن يناقشها مع فكرهُ إتجاهها.
لم يتوقع العاديون أنّ الفكاهة فلسفة تُصنع من سلوكيات أشخاصها و تكوين الذوات عليها ، حتى أختيارها يتم على براهين و أسباب قد يراها البعض طبيعية لكن في باطن فعلها غرضًا ما قد يخدم أشخاصها الذي يمارسونها باستمرار حتى يختبئ خلفها حقائق المفاهيم.
هكذا بدأت «الضحك ظاهرة عالمية، لا يمكننا القول إنها ظاهرة موحدة» تحدث الكثير من الكتّاب عن شرح الضحك ومضمونه البشري إليه، لكن في هذا الكتاب كان يتحدث عن تفاصيل الضحك « إن للضحك أنواعا متسعة تبدأ مع حاجة أشخاصها له، ثم تعمق في التفاصيل البشرية اتجاه منظورها للضحك، وكيف يتم استخدامه من قبل الآخرين، جعلني أتفكر أكثر عن ممارسة الضحك هي فعلًا بحاجة إلى آداب أخلاقية لابد من ممارستها مع الآخرين ، هناك من يفرط بهذا الأمر دون آن ينتبه الأثر الذي يخلق من خلف استهتار الضحك على الآخرين وكأنهُ شيء عادي للغاية.
تحدث في كتابه «فلسفة الفكاهة « أن الفلسفة في الضحك تعود على ما يخبئه الإنسان في داخله حتى إنه وضعه مكانة البكاء، وقد هنا يشبهان بعضهما فيَ الأداء نفسه، كأن مهتما في الذكر أن يفرق الضحك المازح والضحك الذي يدس السم في طياته وهذا موجود في حياتنا، هناك من يرغب بالضحك لمحبةً لك و أخرى ليقلل من قيمة وجودك أمام غيرك وأخرى لأنهُ لا يراك شيئًا ثم ينسبهُ إلى رفاهية الذات ، غفلة البعض في موضوع المزح و الضحك و الفكاهة بعدة أنواعها لابد أن يكون هناك مبدأ تنظر إليه قبل أن تكمل فيه (غالبًا الضحك الذي لا يؤدي غرض الضحك للآخر فهو مجرد من الرفاهية بل يتعرى من نقائك ويتحول إلى وقاحة الفعل بهذا المزاح).
أصبحنا أكثر نضوجًا من قبل نفهم الأفعال التي نصادفها في ممارسة حياتنا اليومية، كما ذكر في هذا الكتاب أن المشاعر هي الفارق الذي يضع الفهم في قابلية الضحك أو رفضه من قبل غيره، كما أنه كان متخوفاً في منطقه عن ذلك الضحك أن يقع الإنسان على إعتاق فعله، وصفه بقد يصيب الإنسان في اختلال توازنه بين أحاسيسه و أساليبه وحتى أفكاره، لأن في لحظة الضحك يسترخي العقل من وعيهُ فيظل فارغًا من اتزانه وهذا ما يجعل الكاتب حريصًا في توضيح الفلسفة الناتجة من الفكاهة.
هذا الكتاب يجعلك أكثر وعيًا من زاوية الفكاهة يعلمك انطباع الأشخاص الذين حولك وكيف يتعاملون معك من ناحية الفكاهة والرفاهية الذي نضجت بينكما.
قسم الكتاب عن الضحك و المتهكمون و الهازئون و التناقض والتنافر والفكاهة والتاريخ و مبادئ الفكاهة ( ذكر بأن أول ضحكة ذكرت في الأدب و ردت في الكتاب الأول من الالياذة) كما إنه وضع شروحات كثير عن ما يصفه في الفكاهة قائلًا : أن الفكاهة تنبع من حس مبهج بهشاشة وبلادة أو سخافة البشر الآخرين.
الفضول في مسائل المعرفة إتجاه الفكاهة؛ كيف استخدمها الإنسان في مصلحته وكيف كانت ذات أثر جميل وبالوقت نفسه ذات حد خادش للآخرين المواقف وحدها تبين لك المفهوم الذي تلاءم معك .
ضروري إنك تتقن الوعي حتى في التفاصيل الصغيرة التي تصادفها في حياتك لتصل إلى التمكين القيم الذي يرفع من سقف قيمتك واحترامك لدى الآخرين وأمام نفسك .
كنت دائمًا أقيس الفكاهة « بأن المزاح الذي لا يضحك من أمامك فهو ليس مزاحًا فلا تفرط في فعلك هذا ثم تتساءل من غضب الآخرين عليك آو تنافرهم منك «.
نعم، الفكاهة إذا لم تكن في المكان المناسب تولد التنافر منك بلا تراجع، أختار مبادئك فهي تصنع سلوكياتك واختار سلوكياتك لأنها هي الجسور العامرة بينك وبين الآخرين.
** **
- نورة محمد بابعير