الثقافية - علي القحطاني:
خمسة أعوام مضت منذ أن أضاءت «قيصرية الكتاب» سماء المشهد الثقافي في منطقة قصر الحكم بالرياض، لتصبح أكثر من مجرد سوق لبيع الكتب؛ وجهة ثقافية تجمع عشاق المعرفة بمختلف اهتماماتهم وأعمارهم. في منطقة تحمل عبق التاريخ والحضارة، استطاعت «قيصرية الكتاب» أن تقدم تجربة متكاملة تمزج بين التراث والحداثة، مانحة زوارها فرصة للاستمتاع بالأجواء التاريخية المحيطة بقصر المصمك وجامع الإمام تركي بن عبدالله، مع إتاحة جرعة ثقافية غنية عبر أرفف الكتب وفعالياتها المتنوعة وتظل «قيصرية الكتاب» نموذجاً ملهماً يجمع بين الثقافة والتراث، ورمزاً حياً يسهم في نشر المعرفة وتعزيز الهوية الثقافية في مدينة الرياض.
التقت «الثقافية» الأستاذ أحمد الحمدان، المشرف العام على «قيصرية الكتاب»، للحديث عن تأثيرها بعد مرور خمسة أعوام على افتتاحها. استعرض الحمدان خلال اللقاء الدور الكبير الذي لعبته القيصرية كوجهة ثقافية مميزة، تسهم في إثراء المشهد الثقافي وتعزيز السياحة الثقافية في العاصمة.
كما تحدث الأستاذ أحمد الحمدان لـ»الثقافية «عن التجديدات التي شهدتها «قيصرية الكتاب» لتلبية تطلعات مختلف الفئات، إلى جانب الخطط المستقبلية لتعزيز دورها كمنارة ثقافية تربط بين الماضي والحاضر. وتناول أهمية الحفاظ على المكتبات المنزلية باعتبارها إرثاً ثقافياً ثميناً يجب نقله للأجيال القادمة، على الرغم من التحديات التي تواجهها مثل ضيق المساحات وضياع المقتنيات.
وأكد الحمدان على العلاقة التكاملية بين الكتاب الورقي والإلكتروني، مشيراً إلى أن الإقبال على الكتب الورقية لا يزال قائماً على الرغم من التطور الرقمي. كما قدم مقترحات لدعم صناعة النشر، من بينها إطلاق جوائز تشجع القراءة وتعزيز مكانة المثقف والقارئ في المجتمع، بهدف بناء مستقبل ثقافي مستدام.
نصف عقد من الزمان
بعد مرور خمسة أعوام على افتتاح «قيصرية الكتاب» في منطقة قصر الحكم بالرياض، كيف تقيّمون أثرها على المشهد الثقافي؟
«قيصرية الكتاب» أصبحت محطة جذب رئيسية لكل من يزور منطقة قصر الحكم وقصر المصمك، حيث يلاحظ الزائر زيادة ملحوظة في أعداد الوافدين على تلك المواقع التاريخية. هذه الوجهة الثقافية ليست مجرد مكان لشراء الكتب؛ بل هي ملتقى للفعاليات الثقافية، تسهم في إثراء الزائر ثقافياً وتجديد معلوماته التاريخية. ومن اللافت أيضاً تزايد أعداد الزائرين الأجانب، من المقيمين في المملكة، الذين يدمجون زيارة القيصرية مع استكشاف منطقة قصر الحكم وجامع الإمام تركي بن عبدالله.
أنشطة «قيصرية الكتاب»
ما أبرز التغييرات التي طرأت على أنشطة «قيصرية الكتاب» لتلبية تطلعات الفئات المختلفة؟
بعد التطوير الذي أجرته الهيئة الملكية لمدينة الرياض، اكتست منطقة قصر الحكم ومحيطها حلة جديدة، تجمع بين التراث العمراني العريق والتصاميم الحديثة. وأُعيدت «قيصرية الكتاب» إلى مكانها الأصلي بحلة متجددة لتستعيد دورها كمنارة ثقافية تجمع القراء وتحث على القراءة، مع توفير الكتب بطريقة تسهّل وصول الزوار إليها.
منارة ثقافية
هل هناك خطط مستقبلية لتعزيز دور «قيصرية الكتاب» كمنارة ثقافية؟
نعم، العمل جارٍ على استكشاف طرق جديدة لتطوير «قيصرية الكتاب»، بما يليق بالمكانة التاريخية لمنطقة قصر الحكم. الفريق المشرف على القيصرية يعمل على صياغة أفكار مبتكرة تهدف إلى توسيع دورها الثقافي والفكري لتحقيق أهداف أوسع تخدم المجتمع.
إثراء المشهد الثقافي
ما أهمية «قيصرية الكتاب» في تعزيز المشهد الثقافي بالرياض؟
الدور الذي تلعبه «قيصرية الكتاب» ملموس وواضح. الحضور المكثف من المهتمين، رغم بعد المسافة أو صعوبة الوصول إليها ، يعكس تأثيرها الكبير على المشهد الثقافي في العاصمة. كما أن استضافة أصحاب المعالي والشخصيات البارزة في فعالياتها يعكس أهمية الدور الذي تضطلع به القيصرية في إثراء الثقافة المحلية.
فعاليات «قيصرية الكتاب»
كيف يتكامل دور القطاع الخاص والمؤسسات الثقافية في دعم فعاليات «قيصرية الكتاب»؟
«قيصرية الكتاب» تفتح أبوابها وعقولها للتعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات الثقافية، بهدف تعزيز المشهد الثقافي وإحداث تأثير إيجابي يعود بالنفع على الجميع. هذا التكامل يجعل من القيصرية شريكاً رئيسياً في التنمية الثقافية التي تليق بمكانة العاصمة ومركزها التاريخي.
المكتبات المنزلية
كيف يمكن الحفاظ على المكتبات المنزلية ونقل إرثها الثقافي للأجيال القادمة؟
الحفاظ على المكتبات المنزلية مسؤولية كبيرة يجب أن يتحملها أصحابها، إذ تمثل هذه المكتبات كنزاً ثقافياً جمعه مؤسسوها بعناية على مدى سنوات. من المؤسف أن نشهد التخلص منها بسبب ضيق المساحة أو ضعف الاهتمام. لهذا، ندعو الجهات المعنية لتبني مشروع وطني يهدف إلى توثيق هذه المكتبات والحفاظ عليها بعد رحيل أصحابها، عبر توظيف تقنيات حديثة لتسهيل الوصول إلى محتوياتها وإتاحتها للباحثين والمهتمين.
الكتب الرقمية
في ظل ظهور الكتاب الإلكتروني إلى جانب الكتاب الورقي، كيف ترى العلاقة بين النوعين؟
العلاقة بين الكتاب الورقي والإلكتروني علاقة تكاملية، حيث يختار القارئ ما يناسبه. هناك شريحة كبيرة من القراء تظل وفية للكتاب الورقي، بينما يجذب الكتاب الإلكتروني الأجيال الشابة. ومع ذلك، لا يزال الوقت مبكراً للحكم على تغلب أحدهما على الآخر، خاصة مع الإقبال السنوي الكبير على معارض الكتب والرغبة المستمرة في اقتناء الكتب الورقية.
صناعة النشر
باعتبارك ناشراً ورائداً في صناعة النشر، ما الحلول التي تقترحها لدعم الصناعة المتعثرة؟
لدعم صناعة النشر، يمكن إطلاق مبادرات تشجع على القراءة، مثل جوائز تحفز الأطفال والشباب على القراءة، إلى جانب تعزيز مكانة المثقف والقارئ في المجتمع. هذه الجهود ستسهم في بناء قاعدة قرائية صلبة تدعم استدامة صناعة النشر وتحفز على تطويرها.
** **
@ali_s_alq