شروق سعد العبدان
قاعدة تقول :
إن من أصدق الردود غالباً ما يكون أتفهها .
حتى في عدم فهم السؤال نردُ بغباء مضحك
عوضاً عن قول لم أفهم !!
ولذلك يقول شمس التبريزي:
«البشر يميلون للاستخفاف بما لا يمكنهم فهمه»
وأنا قد عشت ذلك وتعايشته وجميعنا أيضاً ..
لهذا عندما سأل تلميذه جلال الدين الرومي
نراك تقرأ وتكتب كثيراً : فماذا عرفت ؟!
قال: « عرفتُ حدودي «.
إجابة قيلت باستخفاف وسرعة بديهة لكنها في نظري منطقية .!
فعلاً يعرف المرء حدوده عندما يركز على ما يفعل ويبذل.
يتغذى بموهبته، وإن كانت موهبتك التي خرجت بها من الدنيا لم تعطك حدودك فلا تستمر بها ..!!
مارست الحياة قوانينها معي بشكل مجدي .
عندما أتذكر سيناريو لقصة مرت بي .
أستشعر من جديد ماذا أخذت في طريقها .
فمرور العواصف عادة لاتُحمد عقباه .!
علمني كل ماتعلمته وأتقنته حدود التعايش .
فإن لم تستطع العيش تعايش .. لكن لا تمت.
لا تمت وأنت كاره لما مررت به . فالمرء سجين نفسه حتى يُطلقها إلى ما تحب .
فلا تختر السجن بإرادتك مرتين !!
أصبحنا نُقفل المواضيع مع أنفسنا وكأنها سخافة نحن من وضعناها .
حاولت تكراراً أن أكون عند حسن ظني بي أولاً .
الناس لاينظرون إليّ مندهشين .
هم ينظرون كيف نجوت بعد كل هذه الكمائن التي نُصبت إلي ..!!
وهذا ما يطمح الإنسان بنفسه . أن يكون مدهشاً أكثر من أي صفة أخرى ..
فشعور الدهشة باقٍ لأنه كثير .
وشعور الإعجاب لحظي .
أتذكَّر أول مرة تحدثت معك بها . كنتُ مندهشة لدرجة أنني أتذكَّر التفاصيل الصغيرة آنذاك .
كنتُ حينها أطمح بأن يكون كل شيء مثلما كان
نبدأ من حيث انتهينا .
نبدأ بكل عيوبنا وأخطائنا وكوارثنا .
نبدأ وكأن شيئا لم يكن ..
نمضي ونصلح ما يمكن إصلاحه. وندفن سوياً ماعجزنا عنه ونترحم عليه .
و لا نقيم عزاءً فالعزاء للأوجاع يركنها في داخلنا
وأنا لم أعد أحتمل ما يُركن .
فقد تنفرد الأشياء من تلقاء نفسها مثلما تفردت في عيني .
فكل العالم يصبح عادياً في حضورك .
الناس صباحها شمس وأنا صباحي استيقاظك
تفتح عينيك فتفتح الدنيا ذراعيها لي . أن أهلاً بيوم جديد مليء بك .
لا شيء يوازي الحديث معك في هذا الكون
جميع البشر يسمعونك كلاماً وأنا أسمعك أغنية .
عندما تمشي يطير الحمام يصفق بأن مرحّباً .
كل أسئلة الحياة جوابها أنت .
وكل مساوئ الكون حلها أنت .
وكل أمنيات قلبي تحققها أنت .
لقد تعلمنا معاً ما لم نتعلمه منفردين ..
وضعنا حدودنا في دائرة تحيط بنا ركائزها بيقين .
كبرنا كما يكبر الغيم حتى يلتقي ثم يهطل بالحنين.
نعم لقد «عرفت حدودي» !!
عندما كتبت نصوصاً وفهمتُ أخرى كما قالها الرومي..