في غرفة الانتظار المملة، حيث الوقت يمضي كأنه يزحف على أطرافه، التقيتها صدفة. ألقيتُ عليها السلام وجلستُ بالقرب منها، فقد كان المكان مزدحمًا بالكراسي والوجوه القلقة.
تلك الساعة كانت بطيئة كأنها ترفض الانقضاء، وكل دقيقة تمر ثقيلة كالجبال.
اخترقت أسماعي تنهيدةٌ قريبة، كانت أشبه بصدى حزن دفين. التفتُّ دون وعي مني نحو مصدرها.
كانت هي.. شابة تتألق جمالًا رغم انطفاء النور في عينيها. حاولت سريعًا إخفاء سيلٍ متدفق من دموعها، وكأنها تخشى أن تُفضح مشاعرها أمام الغرباء. دفعتني فطرتي لسؤالها:
- ما بكِ؟
- هل تشعرين بألم؟
- كيف أستطيع مساعدتك؟
لكنها ظلت صامتة. كان الصمت يخيم على ملامحها، مثل غيمة ثقيلة تخفي ما وراءها من أسرار.
كانت جميلة، جمالها يشبه الشمس التي تشرق على أرضٍ مظلمة، لكنها بدت غارقة في بحرٍ من الدموع، حاولت عبثًا أن تُوقف انهمارها، لكن دون جدوى.
فجأة، أمسكت بيدي. كانت يدها باردة، لكن في عينيها وميض أمل صغير يكافح للبقاء. سألتني بصوت يائس:
- هل من العدل أن يُعاقب الإنسان على صدقه؟
أجبتها وأنا أنظر في عينيها:
- لا، بالطبع لا.
هزت رأسها بأسى وقالت بصوت مرتجف:
- فإنما تلك جريمتي.
شعرت بثقل كلماتها. ربتُّ على يدها برفق وقلت:
- اطمئني، فالعدل لا يغفل، والسلام سيجد طريقه إليك. تلك العَبرة التي خنقتك والدموع التي انهمرت منك ستتبدل قريبًا إلى فرح وطمأنينة.
ارتسمت على وجهها ابتسامة خفيفة، كانت كالشعاع الأول الذي يخترق الظلام. بثت تلك الابتسامة في داخلي شعورًا بالراحة والفرح.
لكن فجأة، قاطعنا النداء للدخول، فافترقنا دون وداع.
** **
- زايده حقوي