محمد العبدالوهاب
لم تكن كغيرها من الأمسيات التي تقيمها المقاهي الثقافية بين الفينة والأخرى عبر شريكها الأدبي فحسب، بل تجاوزت ذلك كله وكأنها أشبه بمحاضرة أو ندوة إعلامية تُجسد واقع الصحافة وعلى وجه التحديد (المقالة)، في إشارة موضوعية إلى أنها تتسم بمراحل متعددة من مقدمة ومضامين أهمها الفكرة وطرحها بأسلوب مشوق ما بين جودة الصياغة وبين حسن السبك، معرجاً إلى أن الموهبة لا تكفي وحدها في المجالات الإبداعية ما لم تحظَ بالموضوعية والقدرة على صناعة حدث مُلهم، يلتمس من خلالها المتلقي ثراءً وعمقاً بالأطروحة، بصرف النظر عن تقبُّل الرؤى فيها أو اختلافه معها.
بتلك المقدمة الرائعة كان ضيف أمسية مقهى دفعة 89 الدكتور محمد بن عبدالعزيز الفيصل يتحدث عن (المقالة) بعد أن بزغت مع ظهور الصحافة، مما جعلني أقف حائراً في استرسال المحاور المعدَّة مسبقاً التي كانت تتوازى مع عنوان الأمسية (مستقبل المقالة) لجمالية وعبق مقدمته التي أرى أنها - غير مستغربة منه -، فهو المختص والحاصل على شهادة الدكتوراه في الأدب والنقد من جامعة الإمام محمد بن سعود، وبتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، بعد مناقشة أطروحته العلمية (المقالة في الأدب السعودي).
أقول حاولت جاهداً أن تكون المداخلات فيها من الإثارة والندية - على غرار - ما يقوم به الإعلام الرياضي مع كل نزال كروي مثير، وكأنه (ديربي) يشعل فتيل الحضور القيّم في تلك الأمسية من رواد ورموز الصحافة من كُتاب ومشرفي صفحاتها الثقافية بصحيفتي الجزيرة والرياض، التي جاءت بعد ذلك الثراء الأدبي والثقافي والإعلامي المبهر من ضيف الأمسية، خصوصاً وهنا كابتن فريق الجزيرة د. محمد الفيصل، وهناك كابتن فريق الرياض أ. عبدالله الحسني، ولكن يبدو أنهما شعرا بما أسعى إليه!! فكان تقدير واحترام كل منهما للصحيفتين الكبيرتين كنبلهما ورقيهما، ليكون ختام الأمسية مِسكاً من خلال تلك الاحتفائية الرائعة من مقهى دفعة 89 وإقامتها احتفالاً (مصغراً)؛ بمناسبة استضافة وطننا الطاهر لكأس العالم، الذي تزامن الإعلان عنه مع الأمسية.