سهام القحطاني
لماذا ننقسم ما بين مؤثّرين ومتأثرين، وهل الأمر له علاقة بموضوع التأثير أو صفات المؤثر الصورة» والمتأثر» الخفي -الافتراضي- أو وهم استرداد القيمة المفقودة أو قانون الجذب؟
فهل إذا شجع ودعم سعد علياً أصبح سعد هو علي في الصورة والتأثير؟ وفي حالتي الدعم والتشجيع فهناك تسليم خفي بقيمة مصدر الدعم والتشجيع قيمة تنعكس على المتأثر وتمنحه ذات قوة المصدر.
فالتسليم بقيمة مصدر التأثير إلى درجة كبيرة كما يقول إيريك هوفر: «محاولة للتعويض عن الإيمان الذي فقدناه بأنفسنا .... والتعلّق بشيء يمنح حياتنا الفاشلة معنى و قيمة-المؤمن الصادق، ت/غازي القصيبي-
إن جاذبية التأثير عند الفرد نحو صورة شخص أو صورة فكرة أو صورة نمط، لا تتحقق إلا من خلال الانخراط مع جماعة ذات أهداف واحدة أو ما نسميهم «بالجمهور» فما يجذب الفرد إلى صورة المؤثّر هي «ارتفاع جماهريته»؛ لأنها مؤشر لقوة ذلك المؤثِّر وبالتالي هي قوة تنتقل للمتأثر بالتبعية، ولذا يظل دعم كل متأثر في جمهور مؤثِّراً ما يقوى لأنه يقوي ذاته.
وبذلك فالكمّ أهم معيار في بناء في قوة المؤثِّر والمتأثر؛ ولذا تُقاس قيمة «المؤثّر» بعدد المتابعين له، وكلما زاد العدد ارتفع ثمنه، وتحوّل إلى «سلعة» يرتبط ثمنها بكم متابعيه، وهو تحول أنتج «تسليع المتأثر أو المتابعين» فأصبح كل من يريد أن يرفع عدد متابعيه يلجأ إلى «شراء هؤلاء المتابعين سواء حقيقيين أو افتراضيين» وأصبحت هناك جهات تتكفل «بالبيع والشراء لهؤلاء المتابعين».
فالسلطة المتحكمة في صناعة المؤثر الجمهور وليست قيمة المؤثر.
وهو ما يجعل المُؤثِّر دوما يبحث عن رضا الجمهور.
وقبل أي مغالطة تأويلية للعنوان أريد التوضيح أن العنوان هنا هو» وصف يرتبط بحالة وليست صفة مرتبطة بقيمة»، وهذا المسار التفاعلي غالباً ما يتكرر وفق نوعية كل زمن ومقتضياته، فلكل زمن مؤثروه.
وكل زمن له وسائطه التي يتخلق من خلالها المؤثّرون، وفي زمن التفاهة تهيمن الصورة في صناعة المؤثّرين عبر الجدد والتي بدأ عهدها منذ نشأة الكتابة؛ أي تحول كل ما يفكر فيه الإنسان إلى صورة سواء من خلال اللغة مثل النظريات والقوانين أو الرسومات، ثم دمج جناحي الصورة في وسائط مرئية سمعية مثل السينما والتلفزيون ثم مواقع التواصل الاجتماعي المعزّزة لتلك الوسائط لتكريس أثر الصورة؛ كونها الأسرع تداولاً والأسرع تأثيراً والأسرع خداعاً.
والفرق بين الصورة في السينما والتلفاز والصورة وفي الوسائط الرقمية، أن الأولى تعتمد على تأثير الموضوع والثانية تعتمد على تأثير الفرد الذي أصبح هو الصورة والمحتوى، ليشكل هذا التطور الرقمي «المؤثّرين الجدد» في حياة المجتمعات.
لا شك أن لكل زمن مؤثرين، فلزمن الحرب مؤثروه مثل الأبطال والشعراء، ولزمن السلم مؤثروه مثل العلماء والمفكرين، ولزمن الفوضى مؤثروه الذين يمثلونه وهم السطحيون الذين يرون الأمور كما هي بلا أعباء فكرية، المسالمون الذين لا يُثقلون سلة حياتهم بقضايا مصيرية أو وجودية، المبتهجون الذين يرون أن الحياة زهرية اللون، المهرجون يروجون للسخافة، والمتمردون الغاضبون على المجتمع، ولكل صنف جمهور ينجذب إليه لأنه يمثله من خلف الحائط الافتراضي.
وكل زمن له وسائطه التي يتخلق من خلالها المؤثرون، وفي زمن التفاهة تهيمن الصورة ووسائلها كوسيط في صناعة المؤثرين الجدد عبر مواقع التواصل الاجتماعي المعززة لذلك لتكريس أثر الصورة ؛كونها الأسرع تداولاً والأسرع تأثير والأسرع خداعاً.
فالصورة كمحتوى ثقافي في نصوص المؤثّرين الجدد تعتمد على تأثير الفرد الذي أصبح هو الصورة والمحتوى.