لغةٌ.. وما هيَ غير نبضٍ يَسحـــرُ
وبلابلٍ تشدو، وعزفٍ يبهَـــرُ
وتذوبُ في الأفواه شَهدًا سائغًا
فسحابةٌ تَـهمِي، ويجرِي كوثرُ
خَفّت على الأسماع، وانهَلَّتْ شَذَا
فغمامةُ اللحن المُوَشَّى تَقطُــرُ
أما المعانيْ الساحراتُ.. فلا تسل
قد رَقَّ ظاهرها، وراق المُضمَرُ!
ويذوب في ألفاظها المعنى.. فكم
لفظٍ أنيقٍ بالمعاني يَزخرُ؟!
وَسِعَتْ كلامَ الله في قرآنهِ
كلماتُها بكلامِهِ تتعطَّـــرُ
لغةٌ.. وكُلُّ المسلمين لها انتمَوا
أصداؤها فوق المآذن تُــنشَـــرُ
لغةُ العبادة، والصلاةُ استفتِحَتْ
بحروفها، ولكل قلبٍ تَعبُـــرُ
لغةٌ.. لكل العالمين ظلالُـها
في كل أرضٍ من نَداها أنهُـــرُ
لغتي.. منار الأمس، وهي منارةٌ
في يومنا، لغتي غدًا تتصدَّرُ
قاموسها ثَرٌّ أغرُّ، وَحَيَّـــةٌ
ألفاظُها، أسلوبُـها يَتطوَّرُ
شاخ الزمان، وما تزال فَتيَّةً
ليست تَشِيخُ، ولا تموت، وتُـقبَــرُ
مَنَحَتْ لغاتِ الأرضِ بعضَ بريقها
وإذا ارتضتْ لفظًا.. فلا تتذمَّـرُ
وتفاعلتْ.. لكنها لم تنهزمْ
أوَ ما تَراها في شموخٍ تُـثمِـــرُ؟!
أَخذَتْ وأَعطَتْ في اقتدارٍ، إنها
لغةُ الحياة، لها الخلود مُقَدَّرُ
قولوا لمن يرمي هزيمتَــهُ علَى
لغتي: أليس لديك ما يتدبر؟!
هلّا تأملتَ الحياةَ مُفَكِّــرًا؟!
شأنُ الحياةِ تأمُّلٌ وتَفَكُّــرُ
إنّ الشعوب.. حياتُـها بلغاتها
تحيا، تموتُ، تَرُودُ، أو تَـتأخَّــرُ
إنّ اللغاتِ هي الحياةُ، وإنّنا
بلغاتِنا نحيــا معًا ونُفكِّــرُ
بالأمس دان الغربُ هَبَّ مُترجِـــمًا
كتبــــًا بعصر ظلامهم، فتَنَوَّروا
لا يُنكِرُ الفَطِنُ الذكيُّ لسانَهُ
أما الجهول فإنه يَتَنكَّــرُ
هيَ في لغات الأرض أجملُ منطقًا
وألذُّ صوتا، في التخاطب أقدَرُ
رَقَّــتْ، وراقتْ، وارتَقَتْ كلماتُـها
كم شاعرٍ يشدو، وآخر َيَنْثـــرُ؟!
أمَّا جمال الخطِّ.. سيدةُ اللُّغَــى
عربيةٌ، زانت، وزان المظهرُ
كم لوحةٍ.. ولها فمٌ من حُسنها
وتكادُ تَنطِـقُ مِن جمالٍ يَبهَـــرُ!
يا أيها العربيُّ فأهنأ.. هذهِ
لغةٌ بكل الحُسن تُـورِقُ، تُزهِــرُ
يا أيها العربي فاخِرْ.. مَنْ يَكُنْ
للسانِهِ هذا الجمال، سيفخَــرُ
لغتي الحبيبةُ.. وهيَ رمزُ حضارتي
ولها انتمائي، والوفاءُ، وأكثَــرُ
** **
- علي بن يحيى البهكلي