الثقافية - كمال الداية:
صدر عن مؤسسة أبجد للترجمة والنشر كتاب (الآفاق المستقبلية في نقد السرديات العربية) للباحثة نادية هناوي. وهو الخامس في تعداد كتبها عن الأقلمة السردية بعد (أقلمة المرويات التراثية العربية) و( أقلمة السرد العربي من العصور الوسطى حتى القرن التاسع عشر) و(الأقلمة السردية: مخابرها الغربية- مناشئها الشرقية) و(أقلمة سرد الحيوان).
ويشتمل الكتاب الجديد على ستة فصول؛ يتحرَّى الفصل الأول اللا واقعية بوصفها تأسيساً منه تنطلق دراسات الأقلمة، وبوصف السرد غير الواقعي تأصيلاً لها، ويمكن البحث فيه عمَّا هو مصدر وعمَّا هو معدَّل أو مؤقلَم من خلال رصد الأشكال والموضوعات المبنية على القاعدة اللا واقعية، واستناداً إلى ما انتهى إليه السرد القديم من تقاليد محددة، وما جرى في السرد الواقعي من عمليات الأخذ والبناء بإزاء تلك المصادر والتقاليد التي فيها تتجلَّى فاعلية العقل البشري عبر هذا التاريخ الطويل من الابتداع والتطوير. ويدور الفصل الثاني حول علاقة التراث بالأقلمة من ناحية الأصول والتمثيل والتأثير، وذلك انطلاقاً من مفهوم التخييل ودوره في بناء السرد غير الواقعي وعبر رصد مصادره وأثره في توجيه الذاكرة الجمعية وتشكيل المنظومة السردية. والبغية هي الوقوف على الطريقة التي بها ساهمت أقلمة تقاليد السرد العربي القديم في تطوير السرد الحديث. ويتطرق الفصل الثالث إلى آخر مستجدات دراسات الأقلمة وما توصلت إليه من نتائج من خلال ثلاثة مباحث تتناول كيفية تصنيف هذه الدراسات وأهم أعلامها وطبيعة نظرياتهم والعلاقات التي تحكم توجهاتهم البحثية.
ويعالج الفصل الرابع مستقبل الأقلمة في دراسة الأدب العربي من ناحية غربلة مفهوم التناص؛ كونه لا يكترث بالتأشير على الآباء في دراسة علاقة نص لاحق بنص آخر سابق هو مصدر أصيل وله نظام تأليفي خاص، عُرف في حقبة تاريخية سابقة لها ثقافتها وتأثيرها. وهذا ما تراه المؤلفة فرصة تاريخية (لأن نسترد بعضاً من أولوياتنا الإبداعية والفكرية وأن نتغاير في منظوراتنا مع توجهات النقد الغربي ونجافي نزعة الاتباع التي هي سبب رئيس في غياب التأسيس النظري في نقدنا العربي. ولا يزال كثير من الباحثين العرب يرون استحالة وضع علم سرد عربي بسبب استحكام التبعية ولأن الفكر النقدي في الغرب ما هيمن إلا لأنه ابتعد عن دراسة التقاليد وأمثولاتها الأدبية الضاربة في عمق التاريخ). ويتتبع الفصل الخامس واقع دراسات الأقلمة في دراسة الأدب الصيني من نواحي الترجمة ومشاريع النقد وأطروحاته البحثية. أما الفصل السادس فيناقش أربعة مفاهيم تتجاور مع الأقلمة السردية هي (التراث، الهوية، الآخر الغربي، الآخر الشرقي).