انتقل إلى جوار ربه يوم الخميس، الثلاثين من رجب، عام هـ الأخ الكبير والنسيب الطيب، اللواء المهندس عبد الرحمن بن عبدالله العياضي - رحمه الله، وغفر له، وأنزله منازل الصديقين والشهداء، في الفردوس الأعلى من الجنة، ووالدينا والمسلمين.
امتدت صلتي به رحمه الله أربعين عاماً، وكان عنوانها السماحة والهدوء.
زرته في مكتبه عندما كان قائدًا لسلاح الإشارة في الحرس الوطني؛ للشفاعة في حاجة أحد الأقارب، فبادر بقضائها فوراً، لكن ذلك لم يفاجئني، فليس غريباً عليه نفع الناس وخدمتهم.
الذي اذهلني، وبقي مضيئاً في ذاكرتي، مسلكه الإداري المتميز داخل مكتبه، ومع فريق عمله، حيث وجدت قائدًا فذاً، يجمع الحزم والصرامة والجدية واللطافة والأدب والهدوء، ونادرًا ما تجتمع هذه الصفات في الثقافة العسكرية.
ولا غرو أن يكون من خدم بلاده - حرسها الله - وحظي بثقة قادتها - حفظهم الله - مدة تجاوز نصف قرن، أن يكون متحلياً بهذه السمات والفضائل الحميدة.
سافرت معه في رحلات متعددة، منها رحلة حج عام هـ، وكان بمعيتنا الوالد الكريم الشيخ الوجيه عبدالعزيز بن محمد الربيعة (جد أولاده) رحمه الله.
ولعل أبرز وصف لتلك الرحلة، أنها رحلة تجللت بالسماحة واللطافة والتواضع والهدوء، غمرني بها شريكا رحلة الحج، وكأنني في نزهة مع أقراني، فطار بي العجب من جميل أخلاقهما، ولطيف معشرهما، رحمهما الله.
يتحدث (أبو عبدالله) بهدوء لا تكاد تسمع صوته، ويعمل بأناة وصمت وحكمة، ويخالق الناس بأدب رفيع، لم أسمع منه على طول صلتي به؛ لمزًا أو غمزًا أو انتقادًا لقريبٍ أو بعيدٍ.
ترك في نفوس من حوله أطيب الأثر وأجمله؛ لنبيل شمائله، ورقي تعامله، وبذله الخير للجميع.
حدثني ابن العم العميد ماجد بن محمد القديري، الذي عمل معه في سلاح الإشارة، بأن الشغل الشاغل لأبي عبدالله - تغشاه رحمة الله - كان في بناء قدرات زملائه، وتدريبهم وتعليمهم؛ ليمتلكوا المهارات العملية لأداء مهماتهم الفنية، باقتدار وكفاءة عالية؛ لنفع بلدنا العظيم، ولم يكن يحابي أو يجامل أحدًا على حساب أحد.
رحمك الله أبا عبد الله رحمة واسعة، بدأت حياتك عصاميًا جادًا، وخدمت بلدك وأهلك باقتدار وكفاءة عالية.
عشت هادئًا، ورحلت هانئًا، يذكرك الناس بالخير، ويدعون لك.
أسأل الله أن يبارك في ذريتك الطيبة؛ الرجال الأفذاذ الذين اقتدوا بأدبك وسماحتك، وحسن معشرك، وخلفوك في خدمة بلدك، الأبناء البررة؛ عبد الله وسعود وعبدالعزيز ومحمد ونورة، وجبرهم ووالدتهم الكريمة ابنة الكرام منيرة بنت عبدالعزيز الربيعة؛ في مصابهم ومصابنا، وعزائي لشقيقه الرجل الشهم البار أخي الكبير العم صالح بن عبدالله العياضي ولإخوانه النبلاء؛ ابراهيم وسعود أبناء عبدالله البابطين وأخواته الكريمات، وأبنائهم الكرام وجميع محبيه.
** **
- د.سعد بن إبراهيم الخلف