أ.د.عبدالرزاق الصاعدي
لجمع الفوائت أدبيات ومحترزات ينبغي أن تُراعى، وعلى جامع الفوائت أن يأخذها في الاعتبار، ومنها:
1- توخّي الدّقّة في النقل والحكم والتحليل والاستنباط وتحرّي الصواب والاحتراز من الخطأ وأوجه الاحتمال، حتى لا يُدخل في المعجم ما لا أصل له.
2- أن يكون المستدرِكُ على دراية بتداخل الأصول وأثره في المعاجم، وأن يكون حاضراً في ذهنه، فيراجع الجذرين المتداخلين أو الجذور المتداخلة، فقد يقوده إلى أحكام بعيدة عن الصواب، فيحكم على كلمة بأنها فائتة وهي في الأصل (الجذر) الآخر الذي تحتمله ولم يفطن إليه، ورأيت بعض المستدركين وقع في هذا.
3- أن يحترز من التصحيف عند الاستدراك، ففي الغفلة عنه مزالق خطيرة، قد يقع فيها المستدركون، وهي آفة لم يخل منها معجم قط، من العين إلى التاج، وقد رأيت الدكتور خليل الحسون- مع فضله وتحرّيه- يستدرك على معاجمنا الفعل انتاض، وشاهده عنده قول الطرمّاح:
نَقَبَتْ عَنْهُمُ الحُرُوبُ فَذاقُوا
بَأْسَ مُسْتَأْصِلِ العِدَى مُنْتَاضِ
هكذا، وهو تصحيف، والصواب: مبتاض، بالباء. والتصحيف في المعاجم كالمرض يُعْدِي وينتشر.
4- أن يحترز من التحريف، وهو أخطر أثرًا من التصحيف، ويليه في الشيوع، ولا يكاد يسلم منه مخطوط قديم، من كتب اللغة والأدب والتاريخ، وعانت منه المعاجم.
5- أن يحذر المحقق من الاستعجال بالقول بالتحريف، دون أن يدرك الفائت، وهذا عكس السابق.
6- أن يعرف الفرق بين الإبدال والتصحيف، فقد يعجل الباحث فيحكم على الإبدال بأنه تصحيف، أو يحكم على التصحيف بأنه من الإبدال، وكلاهما شرّ ينبغي الحذر منه والتثبت قبل الحكم بالفوات.
7- أن يتدبّر أثر القلب المكاني في الفوائت، وأن الجذور الناتجة عن القلب المكاني يصعب فيها الحكم بالفوات أو نفيه في الفوائت الظّنّيّة من لهجاتنا، فهي تحتمل الفوات وتحتمل التوليد المتأخر، وقد وجدت فوائت قطعية في مصادر قديمة ناتجة عن القلب، ومذكورة في مصدر قديم وخلت منها المعاجم، فلا يعجل الباحث أو المستدرِك بردّها لأن القلب كثير في لغة العرب، وهو نتيجة لأسباب عدة، منها تعدد لهجات القبائل.