د. محمد عبدالله العوين
ماذا يمكن أن نقول عن هذا التصريح المضحك الذي لا يمكن أن يتحدث به إلا من أصابه مس؟! هذا ما نطق به المدعو حسين عبد الأمير اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيرانية ونقلته عنه وكالة « تسنيم « الإيرانية شبه الرسمية، والصواب أن النون تسبق السين؛ لكي يدخل ما تفوه به اللاهي عن الحقيقة في خانة الدعوة إلى الابتسام أو الفرفشة أو التسلية والتخفيف عن النفس من متاعب إيران لشعبها ولجيرانها ولحلفائها الألداء في المنطقة!
لقد جرت ثورة المعممين على الشعب الإيراني ويلات الحروب والفقر والحصار، وأغرقته في مستنقع الأزمات؛ وهو الشعب المتعطش للحياة المستقرة الآمنة المنتجة والمتطلع للانفتاح على العالم وللتفاعل مع جيرانه ومحيطه العربي والإسلامي؛ ولكن المعممين - زورا - أغرقوا إيران في الكهنوت وصبغوا حياة الفرس بآلام المآتم التاريخية؛ ليفصلوهم عن الواقع ويعيدوهم إلى ما يمكن أن يؤثر على عواطفهم؛ بحيث تكون مشاعر الحزن الدينية المستعادة في كل مناسبة مفتعلة وسيلة للتحشيد ضد أعداء وهميين، وطريقا سالكا لتخليق أنصار وأتباع ودراويش يمنحهم المعممون صكوك الجنة؛ ليحققوا أحلام عودة الإمبراطورية الفارسية تحت زعامة « صاحب الزمان « والولي للمهدي الدعي الغائب المنتظر؛ وهو ما حدث في كل الحروب التي خاضها الخمينيون؛ حيث دفعوا بمئات الآلاف من زهرات شباب إيران وهم يعلقون على رقابهم مفاتيح الجنة إلى حرب العراق، وهو أيضا ما يتكرر الآن في هذا الزمن المنفتح على كل الثقافات وفي هذا الوقت الذي استيقظت فيه العقول المخدرة بمثل دعوات الكهنوت الخميني من غفوتها؛ لكنهم لا زالوا يعتقدون أن تغييب العقل في سبات الماضي الحزين المؤسس على المآتم يمكن أن يحشد لهم الأنصار؛ فوجد المدافعون اليمنيون عن حريتهم واستقلال بلادهم على الحوثيين وعلى مقاتلين من إيران ومن جنوب لبنان تعاويذ ومفاتيح دخول الجنة!
يا أيها اللهيان هل أنت في كامل عقلك حينما نطقت بما نطقت به لوكالة تنسيم أو تسنيم كما تسمونها؟! هل وعيت وأدركت عواقب ونتائج ما قلت؟!
يا أيها اللاهي إلا عن أحلام خرقاء بددتها عاصفة الحزم في اليمن وستبددها إن شاء الله عواصف عربية قادمة: هل تعلم أنك وملالييك تتحدث عن أرض عربية قحة؟! ما الذي دفعك إلى أن تتخيل - حتى ولو من باب الخيال المرضي - أن أمن اليمن من أمن إيران؟ وما الذي قرب إيران على بعد المسافة بآلاف الكيلومترات من اليمن؟ وما النسب أو الحسب اللذان يجمعانكما باليمنيين؟ ومتى كانت بينكما صلة قربى؟ وهل وطأت يوما ما في التاريخ قدم إيرانية أرض اليمن؟ إلا إن كنتم تريدون إعادة عقارب التاريخ إلى الوراء؟! فإذا أردتم ذلك فإننا سنضعك أنت وملالييك ومعمميك تحت الحكم «العربي» الذي أذعن له أجدادك الفرس وشرق آسيا وشرق أوروبا أكثر من ألف عام!
إصح من غفوة منامات الضحى أيها اللهيان!
فلا أنت ولا خمينيك بقادر على إعادة إيوان كسرى، ولا أنت ولا معمموك بمستطيعين الهيمنة على ديار العرب؛ فعلى الرغم مما اشتغلتم عليه طوال ستة وثلاثين عاما من عمر ثورتكم المشئومة، ومع ما زرعتموه من أوكار وما ربيتم ورعيتم من عملاء وما أنفقتم من أموال؛ لتضليل الشعوب ولخداع العالم وللتآمر مع أعداء الأمة العربية، ومع ما قدمه المستفيدون منكم لإخضاع الأمة والحيلولة دون عودتها إلى مجدها السالف؛ إلا أن عملاءكم بدؤوا يتساقطون، وخيباتكم بدأت تتوالى؛ فقد رأى العالم كله كيف أن أرضا مخضرة منتجة آمنة تطأها أقدامكم لا تلبث إلا وتتصحر وتجدب ويعمها الخراب والدمار والدم والجوع؛ وهاهو العراق أمامكم ماثلاً، وها هي سوريا الجريحة تندب حظها العاثر تحت سيادتكم، وها هو لبنان يتوقد للاشتعال، وها هو اليمن يحترق بعملائكم!
إن أمن إيران يكمن في إيران فقط، وعليك أن تعي هذه الحقيقة المرة.