د. محمد عبدالله الخازم
صرح السيد أسامة مرتضى- ممثل إحدى الشركات الأمريكية- خلال المنتدى الصحي السعودي الأمريكي عن اتفاقهم مع الجهات السعودية على بناء أكثر من مشروع صحي تشمل مستشفيات التخصصي ومدينة الملك عبدالله بجدة والعسكري بالرياض. جميعها مشروعات ضخمة وأرجو أن يكون هناك جهة عليا كمجلس الخدمات الصحية تتولى تنسيق تلك المشاريع حتى لا نجد أنفسنا بعد عدة سنوات نكرر خدمات صحية في بقعة واحدة بشكل غير منطقي، وبالذات حينما يتعلق الأمر بالتخصصات الدقيقة التي لا ينصح بتشتتها وتكرارها في مدينة واحدة، لأجل ضمان الجودة لها مستقبلاً.
المشروع الأكبر والذي لفت انتباهي سابقاً وحالياً هو مشروع المستشفى العسكري، وقد كتبت عنه سابقاً مقالا بعنوان «المستشفى العسكري الجديد: وجهة نظر وتاريخ 08-01-2012م».
حسب تصريح السيد مرتضى فإن حجم المستشفى سيكون 4000 سرير من ضمنها مستشفى تعليمي وكلية طب وكلية تمريض وغيرها.
من الواضح أن المستشفى خطط له قبل سنوات، لكن المعطيات الحالية تغيرت.
في الجانب التعليمي لم يعد هناك حاجة لتأسيس كلية طب تابعة لمستشفى، بل إن الرياض يوجد بها كليات طب أكثر من اللازم، فبينما حجمها يفترض أن يكون فيه ما لا يزيد على كليتين أو ثلاث أصبح فيها ست أو سبع كليات بما سيتم افتتاحه قريباً.
هذا عدد مبالغ فيه ولا يخدم العملية التعليمية فضلاً عن كونه يمثل هدراً اقتصادياً ليس مبرراً.
مشكلة المملكة لم تعد في عدد كليات الطب بل في مخرجاتها، ففي كندا التي تدرب ولا زال بها أكبر نسبة من الأطباء السعوديين لا يوجد بها سوى 17 أو 18 كلية طب بينما في المملكة يقترب عدد كليات الطب ثلاثين كلية.
كلية الطب ليست مجرد مستشفى ومبنى وإمكانات مادية بل عدد ونوعية حالات واعضاء هيئة تدريس في مختلف التخصصات.
المملكة منذ أربعين عاماً تبعث الأطباء للتدرب بكندا وأمريكا وألمانيا وغيرها من الدول ورغم ذلك فشلت في نقل تجارب تلك الدول في تطوير برامج تعليم طبية متخصصة تليق بهذه الخبرات، وأحد الأسباب هو هذا التشظي في الخدمات الطبية والتنافس على تأسيس كليات طب محدودة المخرجات.
وحتى في حال تجاوزنا كلية الطب، فعدد أربعة آلاف سرير يعتبر حجما مبالغا فيه ويصعب إدارته ولا أعتقد بحاجة الرياض إليه، وخصوصاً في ظل توسع كافة القطاعات الصحية بالرياض.
نحن لسنا الصين أو الهند لنؤسس مستشفى بهذا الحجم الضخم، الذي يفترض أن يقسم إلى مستشفيات في مناطق مختلفة.
وقد كنت تساءلت سابقاً عن الحجم المثالي للمستشفى من الناحية التشغيلية؟ وأجبت بأمثلة من الدول التي نعتبرها المتقدمة في هذا الشأن، ففي كندا يعتبر مستشفى فانكوفر العام أكبر مستشفى وعدد أسرته 955 سرير (أتحدث عن مستشفى في موقع واحد وليس منظومة صحية كمستشفيات تقع في أكثر من موقع) وفي المملكة المتحدة يعتبر كوينز ميدكل سنتر ببرمنجهام أكبر مستشفى ويبلغ عدد أسرته 1300 سرير وفي الولايات المتحدة يعتبر مركز بتسبرق الطبي التعليم الأكبر بسعة 1601 سرير (أكبر منه مركز كورنيل الطبي بـ 2272 سرير لكنها ليست في موقع واحد).
أكرر ماطالبت به قبل ثلاث سنوات تقريباً، بإعادة النظر في ضخامة مشروع المستشفى العسكري وتوزيع الخدمات الصحية العسكرية بصفة عامة في المملكة، لتكون موزعة على جميع المناطق وبالذات تلك التي توجد بها القواعد العسكرية.
لا نريد تحويل جميع المرضى من مناطقهم وقواعدهم للحصول على العلاج بالرياض، لما في ذلك من مبررات وصعوبات اجتماعية وعملية واقتصادية سواء على الفرد أو على الوزارة أو على الوطن بصفة أشمل.