د. محمد عبدالله العوين
حين يتم ضم اليمن إلى المجلس ليكون الدولة السابعة فيه لن يحتاج أمر حمايته إلى قرار من مجلس الأمن الدولي لكف شر أذى دولة معتدية تسعى إلى اختطافه وزج المنطقة من خلاله في مستنقع الحروب والفوضى، ثم الهيمنة، وهو المخطط الذي ترمي إليه إيران وحققت بعض ما تريد في شمال المنطقة العربية.
صحيح أن منع اعتداء دولة عدو على اليمن لا يحتاج من مجلس التعاون وبخاصة المملكة إلى مسوغات كثيرة ولا إلى قرارات من هيئة دولية أو إقليمية؛ بحكم الحدود الطويلة المشتركة والجوار والروابط الدينية واللغوية والتاريخية والمصالح المتبادلة وتداخل السكان وتوافر فرص النفع والضر لدول المجلس ولوجود اليمن على بحرين؛ بحر العرب والبحر الأحمر، وتحكمها في مضيق باب المندب.
على الرغم من وجاهة هذه الأسباب؛ إلا أن انضمام اليمن لن يستدعي تذكير العالم بها؛ فستكون تماما كالبحرين أو قطر أو عمان أو الإمارات أو الكويت، وبين دول المجلس معاهدات دفاع مشترك في حال تعرض أي من دوله لاعتداء، وهو ما حصل في البحرين -مثلاً- قبل سنوات قريبة حين دخلت القوات السعودية إلى البحرين لمساعدتها في ضبط الأمن وإعادة الاستقرار بعد أن سعت إيران إلى إثارة الفوضى والاضطراب وأوشكت أن تدخل البحرين في أتون حرب أهلية.
وهكذا الأمر بالنسبة لليمن في ما تعانيه اليوم من تدخل إيران السافر بتأجيج النزاع وإشعال وقود الطائفية؛ للوصول من خلال الفئة الباغية التي كونتها إيران ورسمت لها منهاج عملها ولقنتها أيدولوجيا الخطاب إلى أن تبسط سلطتها لا على اليمن فحسب؛ بل على دول شبه الجزيرة العربية، وهو نوع من الخيال المرضي الذي لا يمكن أن يعيش إلا في أذهان الممسوسين.
هذا جانب مهم من الجوانب التشريعية التي ستجعل اليمن ضمن خارطة دول المجلس له ما لها وعليه ما عليها من حقوق وواجبات.
حين يتم ضم اليمن بعد أن يستوفى هذا القرار بحثا ستسعى دول المجلس مجتمعة إلى وضع خطط لإنجاز بنية تنموية تحتية في كل المجالات، وهو ما نهضت به دول المجلس في العقود الماضية؛ ولكن ذلك كان يتم بجهود فردية ودون تنسيق مسبق ودون وجود آليات واضحة لضبط الإنفاق على المشروعات التنموية، مما أحدث حالات من تسرب بعض ما رصد من أموال ومساعدات إلى أيد خاصة عابثة في الحكومة اليمنية السابقة، ولم يتحقق إلا القليل مما كان مأمولا إنجازه من مشروعات.
لقد كان لمجلس التنسيق السعودي اليمني أثر واضح في تطوير جوانب عسكرية وتنموية مختلفة؛ ولكنه أيضا كان جهد دولة واحدة هي المملكة العربية السعودية، ولابد أن يكون متكاملا ضمن خطة مشتركة وبضوابط دقيقة محكمة وبإشراف لجان من المجلس تتولى الإنفاق والمتابعة؛ منعا لتسرب الأموال إلى أيد عابثة.
ولا يخفى أن تردي الحياة المعيشية وما يعانيه الإخوة اليمنيون من ضعف شديد في المستوى الاقتصادي ومن ترد في الدخل وانتشار للفقر وللبطالة سبب لأدواء عديدة لم تضر اليمن فحسب؛ بل امتدت إلى دول المجلس وانعكست على أمنه واستقراره، ووجود استقرار سياسيي وتنمية شاملة سيعجلان بالتخلص من الفقر والبطالة والفوضى الأمنية، وهذه هي الأسباب التي جعلت اليمن ملجأ ومأوى لجماعات التطرف والتكفير والإرهاب، مستغلة معاناة المواطنين اليمنيين وحالة الفوضى الأمنية والسياسية، وهي أيضا الأسباب التي تدفع دولة كإيران إلى أن تخطط لتجعل لها موطئ قدم في اليمن بتبني طيف من أطياف المجتمع اليمني يمكن أن تعبر من خلاله إلى المنطقة.
وربما يبدي بعض من يتحفظ على ضم اليمن إلى المجلس أنه سيكون عبئا سياسيا واقتصاديا على دوله، ويمكن الرد على هذا التخوف بأن اليمن عبء في الحالتين، ولكنه غني بطاقاته البشرية وموارده الاقتصادية وسيكون الأغنى إن وجد طريقه إلى النهضة مع إخوانه في دول مجلس التعاون.