لم يعد الحديث عن شخص ك(ابن إدريس) من الأحاديث الميسورة، إذ لم يكن أحادي المهمات والاهتمامات ولا نمطي الأداء ولا واحدي المرحلة، فهو رائد من منطقته ومؤسس في بلاده ومواكب لمرحلة الانطلاق، وكل مخضرم وعى مراحله المتقلبة وواكبها بفاعلية تكون له حيوات متعددة، ولا سيما أن الحقول المعرفية تتنازع عليه، ومن الصعوبة بمكان أن تجسد في حقل معرفي أو في مرحلة زمانية، والتنازع قد يفوِّت على المتنازع عليه
...>>>...
الوجود في حد ذاته لا يعني قيمة دونما حاصل أو ناتج، مبدأ قلما نعترف به، لأن البدايات تظل تبهرنا حتى تصبح نهايات، معوق يمنع تطور البداية لأنه يوهمنا أنها رمز للاكتمال، وهو ظن مرجعه يعود إلى صعوبة تأليف البدايات، وحتى وإن كان الأمر كذلك، فهي تأريخ لا يمكننا إغفاله، لكنها ليست انجازا، والخلط بين القيمتين أحسبه مصدر أزمة غياب النتاج الثقافي.
* لقد قرأت (بوشكين) مترجمًا.. لكن ترجمات عديدة لشعره لم ترق لي؛ لأن من قام بها محض مترجمين لا يملكون حسّاً حقيقياً، ولا يملكون تلك المفاتيح السرية العجيبة التي تمنح من يملكها قدرة على سبر أغوار النص الشعري المترجم، ولا يملكون - كذلك - قدرة خلابة على الإحاطة بتلك الغيوم التي تظل مختبئة في النص الشعري، وتنتظر أصابع قادرة على الوصول إلى ما تكنزه من مطر شعري عذب وصاف..
هذا اسم مفعول من الفعل (حسب) والاستعمال الفصيح المعروف هو بفتح الميم أوله وإسكان الفاء منه أي الحاء في هذا الاسم، ولكن هذه الطريقة استعمال لهجي قديم في بعض لهجات الجزيرة وما زال مسموعًا إلى اليوم وبخاصة على ألسنة كبار السنّ منا أما غيرهم فتأثروا باستعمال العربية الفصيحة ففتحوا الميم وسكنوا الفاء (مَحْسوب)، ومثال هذا اللفظ: مَهْبول، مَهْجوج، مَهْجور، مَعْروف، مَعْمور، مَحْفور، مَحْروث،
...>>>...
نصف مليون قارئ لرواية سعودية في نصف شهر، خبر يستحق التأمل والسؤال، وجعل صديق كبير، يستدعيني إلى مكتبة، وحينما أدرك أني لا أعرف شادية وروايتها، فتح فمه مندهشاً، وغّير الكلام إلى موضوعٍ ثانٍ.
لم اطمئن لسؤال مراوغ، يخفي جهلي برواية سعودية، وظل سؤالي حارقاً ونافراً في ذات الوقت، فالرواية المحلية هذا الجنس الأدبي الشامل، تقلد في عباءته سيد الفنون الشعر، ومهد لحضور شرائح المجتمع المقصية
...>>>...
تتحول بعض التصرفات السلوكية - التي وجدت بوجود الإنسان -، وما تحمله من دلالات مع مرور الزمن إلى تراكمات وترسبات لا تعلو أن تشكل ثقافة تتشعب وتتعمق عبر الأجيال، ويُعرف بها الإنسان - الفرد أو الجماعة.
كما هو شأن بعض الآراء والأهواء الشخصية، عندما تتحول بمرور الوقت إلى (أيديولوجيا) كما رأى ذلك (د. عز الدين إسماعيل) في كتابه (آفاق معرفية..) والصمت نقيض الكلام، سلوك إنساني يعبر عن موقف ما، كالخوف
...>>>...
تسألني يا صاحبي عن السفر والضوء وحكايات المساء، وأنا الآن مشغول بالعصافير واحتمالات المواسم! تفزعني أنباء الزنابق الطازجة تحت أمطار اللهب فلا تمر لحظة إلا ويتكسر في قلبي الزجاج، ويتطاير غبار الصحراء في حلقي!.
لا باس أحاول أن أتذكر.. سافرت للمرة الأولى وفي دمي رائحة الخوف، وأعاصير الشباب يومها.. حذروني من المدن المراوغة وطيور الليل وعلموني كيف أبدأ الحديث عن الجو، وفظاعة الشرق! والإفلات
...>>>...
موضوع النص وقراءاته حقل متسع تتداخل فيه المدارس النقدية والمجالات الفكرية إلى حد التشعب والتعقيد. لذا فإننا سنقتصر من كل ذلك في سياقنا هذا على ركن مدقق محوره محاولة التنقيب عن الخلفيات التكوينية التي رسمت إطار النشأة التاريخية لعلم القراءة في العصر الحديث ومواكبته في مطلع القرن العشرين لجملة من التحولات النوعية في حقل العلوم الإنسانية.
حين أصدر أفلاطون حكمه بطرد الشعراء من جمهوريته
...>>>...
تطرقنا في المساق السابق إلى أهميّة مسابقة (أمير الشعراء)، التي نظمتها هيئة أبي ظبي للثقافة والتراث، الصيف الماضي. ونضيف اليوم في هذا السياق: أنْ لعلّ صفة (التقليدي) في نعت الشعر المخصص له مهرجان (أمير الشعراء) ليست إلا إشارة غير دقيقة إلى الأصالة اللغوية والفنية، لا إلى فصل الشعر عن حركة التجديد التي لا حياة للشعر بدونها أصلاً. ويؤكّد هذا المفهوم الإعلانُ اللاحق عن تلك المسابقة، حيث جاء
...>>>...
حينما نضع في بالنا هذه الفكرة نكون قد ترفّقنا بأنفسنا وبالآخرين أيضاً، وما يسوؤني هو أنّنا نعلّم أطفالنا منذ وعيهم المبكّر أن ينذروا أنفسهم للآخرين، حتّى لو لم يكترث الآخرون بذلك الإيثار، والنذر، متعلّلين بغرس القيم فيهم، ومنها الإخلاص، أو الوفاء، أو التضحية...
حينما كنتُ أقرأ لطفلتي قصصاً احتفظت بها منذ طفولتي، استوقفتني قصّة (عروس
...>>>...
استقر الشعر العامي على لهجة نجد لغةً وأسلوباً في القرن الحادي عشر.. وكان الشعر ذا القافية الواحدة هو الأغلب في الشعر العامي القديم ثم غلب على الشعر العامي فيما بعد النظم على قافيتين ولا سيما للغناء وبقي الشعر ذو القافية الواحدة مستعملاً حتى الآن ويُسمَّى بالشعر الديواني. وليس الشعر العامي ذو القافية الواحدة ظاهرة تمثل الشعر الأمي القديم لمجرد كونه على قافية واحدة بل يضاف إلى ذلك غلبة
...>>>...
تميزت الرحلات التي قام بها بعض رحالة الشام إلى الجزيرة العربية عموما بكونها كانت تدوينات وصفية لرحلات العمل والعبادة، فأما العمل فقد نجده في تلك المدونات التي عنيت بتسجيل أحداث الطريق ومن ذلك (الرحلة النجدية الحجازية) للشيخ (محمد بهجة البيطار) وأما العبادة فقد كان الخروج المقصود أساسا فيها هو الحج أو مرافقة الحجيج ومن أمثلة ذلك (رحلة الحجاز) لعبد الغني شهبندر وهي الرحلة التي تشمل على وصف
...>>>...
بعد أن تولت في العراق القوى القومية المتعاطفة مع نظام عبد الناصر في مصر، تم إطلاق سراح المعتقلين وبينهم المثقفون العراقيون الذين كانوا نزلاء السجون والمعتقلات، خرج الكثيرون منهم مكسوري المزاج محطمي المشاعر لأنهم أجبروا على تقديم اعترافات سياسية والكشف عن انتماءات حزبية وكشف خلايا تنظيمية ثقافية أدت بعض الاعترافات إلى موت المعترف
...>>>...
لا أحد اليوم يُنكر.. تزاحم.. الكثير من القوم على التعالم واللعب على العقل المسلم فيما يكتب ويُصنف ولولا أن هذا.. المعجم.. عالمي النشر لدبجته بما لم يطرقه أحد من أفاضل القروم عبر القرون ممن تعالم أو يتعالم ويحب أن يُحمد بما ليس فيه لكن سبيلي التذكير وما أنا عليهم بحفيظ وسبيلي أخرى بيان بعض العور مما يُطرح في: علم الحديث، واللغة، والنحو،
...>>>...
... وهكذا، حين حدّثني عن التي جالسها في أحد مقاهي جدّة، وعن كيفية إمساكه يديها قبل أن يسرد لها طفولة كانت، وطفولة لم تكن، هزائم وانتصارات ووجوه شتّى، انتفضتْ مريم في ذاكرتي.
بداية، اتفقتُ مع أمواج الريبة من حولي على توصيف لهذه الفتاة لا يؤذيها: كانت مريم عالماً افتراضياً ابتلعه الشمال، وكنتُ عالماً من واقع مُثقل بالحنين والخطايا والاعترافات الكثيرة. كان يستمر في حديثه كلما غرقتُ في صمتي:
...>>>...
معمل أبي، وإن كان شيئاً حديثاً في زمنه، أي حين أنشأه في دمشق في الربع الأول من القرن العشرين غداة الحرب العالمية الأولى، فإنه بمقاييس اليوم يعتبر مصنعا متواضعاً. فمعظم إنتاجه كان يعتمد على العمل اليدوي، ولم يكن فيه مما يعمل على الكهرباء سوى عشر طاسات لإعداد الملبس، وكانت فريدة في نوعها يومذاك، وهي مصنوعة من النحاس الأحمر على شكل كرات كبيرة ذات فتحات أمامية، كان يوضع فيها المقدار المطلوب من اللوز،
...>>>...
ج- قابلية الطفل للتجدد والاكتشاف، وهذه ظاهرة في الإنسان بصفة عامة لدرجة أن الحاجة إلى التجدد، وهي متفاوتة في الأفراد والجماعات، تعتبر الحافز إلى كل الاكتشافات والاختراعات، وهذه القابلية في الطفل في جميع مراحل حياته، إلا أنها يمكن أن تقمع مباشرة أو بطريق غير مباشرة، وهو ما يجب تلافيه، ومن شأن الخيال العلمي أن يساهم في تنمية هذه القابلية(8).
إن البحث في وظائف أدب الخيال العلمي وقابليات
...>>>...
تشهد المسلسلات التاريخية إقبالاً منقطع النظير، فهناك ولع شديد برؤية أعمال تعبق بأنفاس التاريخ سواء كان هذا التاريخ قريباً أم بعيداً. وهذا الولع بمشاهدة التاريخ مؤنسنا يعبر عن رغبة دفينة في وجدان الإنسان العربي تدفعه لمقاربة نظرة مختلفة أو رؤية مغايرة عن التي حقن بها وعيه ردحاً من الزمن، تطلعه على جانب آخر من الصورة لم يتمكن من رؤيته من قبل.. جانب تم التعتيم عليه أو حذفه أو تزييفه أو تضخيمه بصور
...>>>...