مسعدة اليامي - «الجزيرة الثقافية»:
ضيف اللقاء الأستاذ سالم محمد مهدي الصقور, علوم طبية جامعة الملك سعود, طب أسنان. رئيس لجنة النشر والمطبوعات بنادي نجران الأدبي, ورئيس لجنة النشر,والترجمة في دار مدارك, ومحرر أول في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام, وصاحب مكتبة *أما بعد* بمنطقة نجران. في حوار موضوعي حول الكتب, والنشر وفتح مكتبة بروح حاملة للأمل بأن الكتاب لا زال يحظى بالمتابعة.
القراءة وجبة لذيذة
القِراءة مَا ذا تُشكْل لكَ في حَيَاتكَ؟
القراءة منطقة آمنة أهرب إليها من أخطار هذا العالم، وإن كانت تلعب أدواراً كثيرة في حياتي، فقد تأتي على شكل شفاء وأحياناً في دور معلم أو صاحب في غُربة أو حتّى وجبة لذيذة أقدمها لعقلي فإن العقول تجوع وتعطش كما يجوع الجسد.
أعتقد أن القراءة إحدى أشكال الشجاعة ليواجه الإنسان بها ذاته ويواجه واقعه ويستدل بها على اختيار طرُقه في الحياة، وقد كانت لي كذلك، رغم بأني لا أوافق بأن القراءة تكسب الإنسان ميزة عن غيره، وهذه قناعة مهمة يجب أن يصل لها كل قارئ، حتى تمنحه القراءة ملذاتها الخالصة.
المكتبات تفتح آفاقاً للتوسع المعرفي
ماذا تقول عن دُور المَكتبة في نهضة المجتمعات وتَطوير الأَفراد؟
المكتبة معيار حضاري في كل مجتمع ولكل فرد، وتكمن أهميتها في أنها تضم تجارب إنسانية ومغامرات عقلية من كل مكان وزمان، تفتح للمجتمعات القارئة نوافذ وآفاقاً أوسع وتدفعهم إلى التفاعل مع أفكار الآخرين ومعتقداتهم وحكاياتهم، وتخرجهم من حصار المألوف والساكن إلى مجتمعات حيّة تخوض تجربتها الخاصة مع الحياة. فلا يمكن المرور بتجارب إنسانية متفردة دون أن يكون خلفها معرفة تتصل بالقراءة والكتب والمكتبات.
عشر سنوات
مشروع مكتبة أما بعد مُنْذُ متى بَدأت التخطيط لذلك العَمل وَما الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها؟
أظن أنها بدأت لديّ فكرة المكتبة مما يزيد عن عشر سنوات، ولكن الانتعاش الذي تعيشه الثقافة في بلدنا الآن كان هو المحرض الأكبر لتنفيذ تلك الفكرة، وقد بدأت فعلياً قبل عامين من الآن في التنفيذ.
اسم المكتبة أول ما فكرت به
لماذا «أما بعد» وهل كان ذلك قرارك أم مقترحاً عليك؟
كان اسم المكتبة هو أول ما خطر لي قبل أي تفاصيل أخرى فيها. أما لماذا؟ فلأن هذه العبارة مشحونة ببلاغة ومتجذرة في إرثنا العربي المعرفي، وقائلها قُس بن ساعدة الإيادي كان نجرانياً عاش على هذه الأرض التي تقوم عليها هذه المكتبة الآن.
لا يوجد أزمة قراءة
فتح مكتبة في ظل أزمة القراءة ألا ترى أن في ذلك مجازفة؟
لا أظن أن هناك أزمة قراءة بقدر ما أرى إقبالاً عليها، أزعم بأني أعرف سوق الكتاب من خلال عملي مع عدة دور نشر وحضور المعارض ومتابعة الأرقام والإحصاءات التي تخص ارتفاع عدد القرّاء الذي يزيد عاماً تلو الآخر. بالتالي لا أرى أن هناك مجازفة في فتح المكتبة.
جزء من شخصيتها
التصميم الخاص بالمكتبة, يكشف عن دفء العصور و التراث و البساطة ـ ماذا تقول عن ذلك؟
تصميم المكتبة كان جزءاً مهماً من شخصيتها، حاولت صناعة مكان بسيط مليء بالكتب كما يحب أي قارئ أن تكون المكتبة.
تفاؤل وطموح
أرى أننا سنكون خلال بضع سنوات أمام مكتبة تكوينية بمدينة نجران وذلك النجاح لا يخفى على أحد ـ فماذا تقول؟
أنا متفائل بنجاحها وأتمنى ذلك ولديّ طموحات كثيرة وخطط تطوير وتوسع في تقديم الخدمات للقارئ والكاتب والمجتمع الثقافي، ولكن ذلك كله سيكون مرهوناً بأداء المكتبة وإنجازاتها خلال السنوات القادمة.
اكتسبت تجارب متنوعة
سالم الصقور جندي من جنود النادي الأدبي بنجران ـ دار مدارك ـ دار أثر ـ مؤسسة صفحة سبعةـ المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام ـ في ضوء التجربة ماذا تقول لنا؟
كنت محظوظاً بالعمل مع هذه المؤسسات جميعها، واكتسبت مع كل منهم تجربة مختلفة، وهي ما سهل علي رؤية الواقع الثقافي من داخله وبجميع مستوياته ودفعني أيضاً لخوض تجربتي الخاصة بمشروع المكتبة. كما أضافت لي مكسباً إنسانياً مهماً، وهم أصدقاء كثر من الوسط الثقافي.
واجب أدبي
تقيم الكتب عمل شاق - ماذا كان يتطلب؟
تقييم الكتب فعل يستوجب كثيراً من الشروط المختلفة عن القراءة العادية، فهو نوع من الواجب الأدبي والأخلاقي، حيث يجب أن يضع المقيم نفسه في مواجهة كتّاب قد يكونوا فوق مستواه الثقافي، وآخرين يختلف مع أفكارهم، وكثير من الركاكة، واختراقات للخطوط الحمراء والمحاذير، ومفاجآت لا تنتهي. كل ذلك يجعل المقيم أن يلتزم الحياد ضد ما يختلف معه، ويبحث عن مواضع الجمال في كل عمل يقرأه ومواضع النقص بنفس المقدار، ويتواضع أمام النصوص والكتب التي تفوق قدراته على التقييم. لذا هي بالفعل عملُ شاقّ لمن يلتزم بشروطها.
حصلت على جائزة في القصص الشعبية
ماذا تذكر لنا عن الجوائز التي حصلت عليها وعن عملية تحرير الكتب والمجلات ـ خاصة أن لك تجارب في ذلك؟
ليست لدي تجارب كثيرة مع الجوائز، حصلت على جائزة واحدة من وزارة الثقافة عن فرع القصص الشعبية والأساطير. أما المجلات فقد عملت في فريق تحرير مجلة رقمات التي صدرت من نادي نجران الأدبي، وكتبت فيها أيضاً، كما أن لي عدة مراجعات كتب نشرتها في جرائد عربية وسعودية.
باقات اشتراك
ما القواعد المتبعة في استعارة الكتب ـ و كيف سيكون نظام الدوام بمكتبة أما بعد؟
سيكون هناك باقات للاشتراكات في استعارة الكتب وبأسعار مخفضة للتشجيع على القراءة وبناء علاقة بين المكتبة وزبائنها. أما أوقات العمل فهي على فترتين، تفتح المكتبة في السابعة صباحاُ حتى الظهر، ومن الرابعة عصراً حتى الثانية عشرة ليلاً.
عروض في جميع المناسبات
هل هناك فكرة عروض خاصة في الافتتاح أو الاحتفال السنوي للمكتبة أو اليوم العالمي للكتاب؟
نعم هناك عروض كبيرة في الافتتاح على الكتب والاشتراكات، وستحرص المكتبة على تقديم عروضها في جميع المناسبات الثقافية.
التميز بتوفير عناوين أكثر
كيف ستكون أسعار الكتب والخدمات التي تقدم للمواهب الأدبية من تدقيق لغوي, تصميم الكتب وغيرها؟
أسعار الكتب لا تختلف كثيراً بين منافذ البيع والمكتبات، لكن التميز هو توفير عناوين أكثر ومواكبة كل الإصدارات الحديثة وطلبات القرّاء. أما أسعار خدمات الترجمة وغيرها من تحرير أو تدقيق لغوي أو خدمات ما قبل الطباعة فجميعها نقدمها بأسعار منافسة وفي متناول اليد ولدينا حالياً ما يزيد عن سبعين عقداً للترجمة مع عدة دور سعودية.
تخطيط لإقامة العديد من الورش المتنوعة
ماذا تقصد بالمساهمة الثقافية ـ ما البرامج التي ستشرع في تقديمها ـ وهل كتبت جدولاً سنوياً بما ستطرح كل شهر؟
نعم، هناك خطط لإقامة ورش في فنّ كتابة الرواية والسيناريو وغيرها واستضافة أدباء وشعراء وأندية قرائية ومسابقات ثقافية، كل ذلك مُعدّ ويبقى فقط اختيار توقيت تنفيذه المناسب.
مستقبل أجمل
ما الرسالة الخالدة التي تريد أن تكون وتد عن أهمية المكتبة ـ المكتبات في تقدم المجتمعات؟
المكتبات هي السبيل الوحيد لمستقبل أجمل.
التكوين الثقافي رافد
تخصصك علوم طبية لن أسألك ما علاقة, ولكن كيف تتجذر الروابط بين العلوم الإنسانية في تكوينك الثقافي؟
كل علم يقود إلى الآخر وكل جهل يقود إلى جهل أكبر، وأظن أن علاقة التخصص الدراسي ليست ركيزة في التكوين الثقافي بقدر ما تكون رافداً. أعتقد أن التكوين الثقافي والدوافع التي تكوّن الإنسان ثقافياً وتوجهه هي التجارب الصعبة في حياته.