الثقافية - علي القحطاني، أحمد الجروان، كمال الداية، أحمد دسوقي:
تحتفي الجزيرة الثقافية في هذا العدد باليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق 18ديسمير من كل عام، ونستذكر في هذه المناسبة دعم المملكة العربية السعودية للغة العربية في مختلف المحافل الدولية، الثقافية التقت بجمع من المثقفين والأكاديميين الذين شاركوا الثقافية الاحتفاء بهذه المناسبة، إلى جانب الهموم والتطلعات في خدمة العربية، وكانت البداية مع معالي الدكتور: عبدالعزيز خوجة وزير الثقافة والإعلام الأسبق الذي أكد في حديث خاص للثقافية على أهمية الاحتفاء باللغة العربية، مبيناً بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله امر بإنشاء مجمع اللغة العربية، الذي أصبح مرجعاً عالمياً للغة القرآن، مضيفاً أن المملكة العربية السعودية سعت إلى أن تكون للغة العربية احتفالية سنوية عبر تسجيلها كيوم عالمي في منظمة «اليونسكو» والتي قدم مقترح الاحتفاء بها الممثل الأسبق للملكة لدى المنظمة الدكتور زياد الدريس، وتبنت «اليونسكو» المقترح لتقر تاريخ 18 من ديسمبر في كل عام يوماً عالمياً للغة العربية.
كما أكد الدكتور زياد الدريس في حديث خاص للجزيرة الثقافية بهذه المناسبة، أن معظم المبادرات في المحافل الدولية لخدمة اللغة العربية كانت من المملكة العربية السعودية، والدكتور الدريس هو المؤسس والمبادر لفكرة واحتفالية اليوم العالمي للغة العربية 18 ديسمبر الدكتور: زياد بن عبد الله الدريس شغل منصب المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو باريس من عام 2006م إلى عام م، الذي قال بهذه المناسبة : في هذا العام، يكون مضى نصف قرن على اعتماد اللغة العربية لغة دولية في المنظمات، الأمم المتحدة، وينبغي أن نجلس ونتساءل ما الذي تحقق خلال هذه الخمسين عاما؟ في خدمة اللغة العربية دوليا وإقليميا ومحليا في الدول العربية بعامة؟ هل تحققت الآمال المرجوة التي كان يعقدها؟ أولئك الذين بذلوا جهدا كبيرا من أجل جعل اللغة العربية تقف أمام المجتمع الدولي في مصاف اللغات الدولية الأخرى، الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية والصينية، هل تحققت هذه الآمال والطموحات؟ هل تمدّدت وتوسعت؟ أم أن اللغة العربية بقيت فقط لغة دولية صوريا، وأصبح تمددها، بل وأصبح انكماشها يزداد يوما بعد يوم. بفعل قصور أبنائها عن استخدامها في منصات المنظمات الدولية، واستبدالهم اللغة العربية باللغة الإنجليزية والفرنسية. هل استطعنا أن نزيد من رسوخ هذه (اللغة الخالدة)أن لا يكون وجودها قاصرا فقط على التحدث بها في المداخلات، وفي الكلمات والخطابات، وإنما يتجاوز ذلك بكثير من خلال جعلها لغة دولية فعليا تنافس في الساحات الدولية وفي المنصات الفعاليات الأممية العالمية ، أسئلة مثل هذه، وغيرها كثير ينبغي أن نكون شجعانا في طرحه أمام أنفسنا نحن العرب، ومساءلة أنفسنا. إن كنا قد قمنا بواجبنا تجاه هذه اللغة ، أم أننا مقصرون في حقها كثيرا؟ وعندما نواجه أنفسنا بهذه الأسئلة. فهذا لا يعني. بأن نفرط في التشاؤم وأن ننسى المبادرات أو المحاولات التي جرت خلال هذه الخمسين عاما، لإعزاز اللغة العربية، وسأقول بكل فخر كسعودي بأن معظم هذه المبادرات لخدمة اللغة العربية، كانت من لدن المملكة العربية السعودية و كان من أبرزها تأسيس برنامج الأمير سلطان بن عبد العزيز لدعم اللغة العربية. الذي تبناه الأمير سلطان يرحمه الله من خلال مؤسسته العريقة، وقد فُعّل هذا البرنامج كثيرا من الحضور داخل منظمة اليونسكو وخارجها أيضا ثم كان مُحّصلة هذا النشاالذي بدأ في العام 2007م وذروته أن جاءت فكرة تأسيس احتفالية اليوم العالمي للغة العربية في العام 2012، بمبادرة سعودية أيضا وهي فكرة يحتفل بها الآن ليس العالم العربي فقط، بل العالم أجمع، الجاليات العربية والمستعربون والمحبون للغة العربية من شرق العالم إلى غربه هل كلهم يعلمون بأن هذه المبادرة هي من صنع؟ سعودي؟ هذه الأعمال والمبادرات وغيرها لا شك أنها خدمت، وأعزّت اللغة العربية. وإن كانت في بداياتها، والمأمول منها أكبر بكثير، لكننا أيضا نطمح إلى مبادرات، وإلى منصات تفاعلية، وإلى برامج ،تنزل إلى الناس. في الساحة، و.تُفعّل لديهم اللغة العربية، وتجعلها قريبة منهم، أولا لدى الشباب العرب. ثم بعد ذلك لدى الشباب من غير العرب. الذين نقدم لهم خدمة جليلة عندما نجعلهم يتعرفون على اللغة العربية وبالتالي على التراث والدين والثقافة التي حملتها اللغة العربية طوال قرون الماضية الطموحات ما تحقق ليس بالأمر الهين، لكن طموحاتنا أكبر بكثير، ونأمل بعون الله تعالى أن تتحقق هذه الطموحات. في الأيام والسنوات القادمة بإذن الله تعالى.
كما تحدث للثقافية الأستاذ الدكتور: عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري، الذي قال: بدءاً أتقدم بالشكر والتقدير للقائمين على جريدة الجزيرة، وللعاملين في (الجزيرة الثقافية) على اهتمامهم بتفعيل اليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، وأتشرف بالمشاركة بهذه الكلمة، وأقدم في مستهلها مقترحاً للمسؤولين عن التعليم في بلادنا وإلى الزملاء في أقسام اللغة العربية بالذات، وهو السعي إلى تكريم واحد أو أكثر كل عام في مثل هذه المناسبة، وأقصد الرواد ممن خدموا هذه اللغة الشريفة وأفنوا أعمارهم في الارتباط بها: تدريساً وتأليفاً وعملاً في اللجان وفي المؤتمرات والندوات والملتقيات التي تناقش هموم اللغة العربية ومستقبلها وظاهرة الضعف اللغوي لدى طلابنا في المدارس والجامعات، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بلغتنا الحبيبة لغة الضاد، ويمكن أن تعلن الأسماء قبل ثلاثة أشهر ويطلب من الطلاب كتابة بحوث موجزة عن جهودهم في خدمة اللغة العربية، ثم يقدم كل واحد منهم ملخص بحثه في يوم الاحتفال، وتخصّص جوائز تحفيزية لهم.
وإذا كانت ذاكرتنا تستدعي في كل عيد «عيد بأية حال عدت ياعيد» للمتنبي، فإن الذاكرة في اليوم العالمي للغة العربية تستدعي بقوة قصيدة حافظ:
رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي
وناديت قومي فاحتسبت حياتي
وهي قصيدة قديمة نظمها الشاعر ونشرها قبل أكثر من مئة سنة، وحين نقرؤها اليوم نشعر كأن الشاعر بيننا ويرى انصراف أهلها عنها، وزهدهم فيها، وعقوقها، وامتهانها، والتخلي عنها إلى لغات أخرى وألفاظ أخرى.
يقول حافظ:
وسعتُ كتاب الله لفظاً وغاية
وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف
آلة تنسيق أسماء لمخترعات
فبربكم ألا يمكننا توجيه هذين البيتين لكل من يقول: قروب، وموبايل، ومول، وويك إند، وهاشتاق، وهايبر، وكوبري، وغيرها من الكلمات التي تصفعنا صباح مساء.
هل عقمت لغتنا حتى نلجأ إلى كلمات دخيلة على لغتنا نتشدق بها دون أن نعلم أننا نطعن لغتنا في خاصرتها، هل في قولنا: مجموعة ومجموعات، وسوق وأسواق، وجوال ونهاية الأسبوع، وسوق كبير، وجسر، هل في استخدامنا لمثل هذا الكلمات السهلة تكلف أو تنطع أو استدعاء لكلمات حوشية لا توجد إلا في المعاجم ولا وجود لها في الألسن؟؟
وحين يقول حافظ:
أرى كل يوم بالجرائد مزلقاً
من القبر يدنيني بغير أناة
فكأنه بيننا ويقرأ ويسمع وسائل إعلامنا القديمة منها والجديدة ويـألم لما أصاب اللغة العربية على يد أهلها من انحدار رهيب وانتشار للأخطاء اللغوية في كل وسائل الإعلام، ولجوء إلى العامية في الكثير من البرامج التلفازية أو الإذاعية، وميل إلى العامية في وسائل التواصل الجديدة.
وحين نسمع الإفراط في استخدام مصطلحات وألفاظ وتراكيب من لغات أخرى لدى بعض المتحدثين في وسائل الإعلام نترحم على حافظ إبراهيم ونتذكر قوله:
أيهجرني قومي عفا الله عنهم
إلى لغة لم تتصل برواة؟!
سرت لوثة الإفرنج فيها كما سرى
لُعَابُ الأفاعي في مسيل فرات
فجاءت كثوبٍ ضم سبعين رقعة
مُشَكَّلَةَ الألوان مختلفات
وبعد، فإن الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية يجب أن يكون دافعاً لمزيد من الاهتمام بهذه اللغة، وسعياً إلى دعمها بالحديث بها قدر الإمكان وخاصة في قاعات الدرس وفي المحافل الرسمية وفي وسائل الإعلام.
ومن جهة أخرى أكدت الكاتبة اللبنانية الأستاذة: غريد الشيخ، صاحبة دار النخبة للتأليف والترجمة والنشر ،تعدّ أول امرأة تضع معجمًا لغويًا وهو «المعجم في اللغة والنحو والصرف والمصطلحات»، في كلمة بهذه المناسبة قالت فيها: إذا كان العالم قد اعترف باللُّغة العربيّة وأهميّتها، وأعلن الثامن عشر من شهر ديسمبر من كل عام يومًا عالميًّا للغة العربية، فإن الحضارة العالميّة والتّاريخ يشهدون بعَظَمةِ هذه اللّغة الحَيّة وريادتها ودورها في الحفاظ على العلوم والفلسفة والآداب في وقتٍ كان العالم في ظلامٍ وجهل.
في الثامن عشر من شهر ديسمبر عام 1973 م قامت الأمم المتحدة ومنظّمة اليونيسكو العالمية بإقرار اللّغة العربيّة مِن اللّغات الرّسميّة التي يستخدمونها، مما جعلها لغة رسميّة عالميًّا، وكان هذا الاعتراف نتيجة الدّور الرّيادي الّذي لعبته هذه اللّغة على مرّ العصور، وبدأ هذا الحدث في عام 2012 م.
لم يكن الهدف من تعيين يومٍ للغة العربيّة إقامة الاحتفالات فقط، وإنّما مراجعة أحوال هذه اللّغة وتقويمها وتسليط الضّوء على المشكلات التي تواجهها، التي إنّما تُصيبُها، بسبب أبنائها الّذين أهملوها، وتراجعوا عن استخدامها لصالح اللّغات الأُخرى واللَّهجات المحلّية، وبسبب الحكومات الّتي لم تجعل اللّغة العربية أساسيّة في مناهجها، بل وأُلْغِيَتْ هذه المادة من بعضِ الكُلّيّات وخصوصًا الإعلام، فتجدُ الإعلاميّ لا يُتقنُ لغته الأمّ، ويدّعي أنه ليس بحاجة إليها، ولا نستطيع تجاهل دور الأهل الّذين يبتهجون بأبنائهم لأنّهم لا يفهمون العربية، وإنّما يتكلمون اللّغات الأُخرى بطلاقة.
هذا بعض المشكلات التي تواجه اللّغة العربيّة في بلادنا، والقائمة تطول، ونحن بحاجة حقيقية أن نوحّد الجهود لإنقاذ الأجيال الجديدة من الجهل بلُغتهم الأصيلةّ، ولا بدّ هنا من تسليط الضّوء على مزايا هذه اللُّغة الَّتي تجمع، ولا تفرّق، فإذا علمت أن نحو أربعمائة وخمسين مليون نسمة من سكّان العالم يتكلّمون اللُّغة العربية تتأكّد أنّه لا بدّ من العمل بجدّيّةٍ أكبر للمحافظة عليها للتَّواصُل مع النّاطقين بها، وأُضيف أنَّ اللّغة العربية الفُصحى هي التّي تجعلُ التّواصُل بين العربِ أسهل لأنّ بعض اللّهجات العامّيّة قد لا تكون مفهومة من الشّعوب العربية.
ولا بدّ هنا من الإشارة إلى أهميّة المعاجم العربية لدَعم هذه اللُّغة وإبقائها قويّة وتقريبها من الأجيال، لأنّ الإنسان يكره، ويبتعد عن اللّغة الَّتي لا يفهمها، علمًا أن الكثير من المؤسَّسات التربوية قد ابتعدت عن فرض مادّة المعاجم في الصّفوف بحجّة عدم حاجة الطّلّاب إليها، مع أنّ هذه المادّة كانت مفروضة في جميع الصّفوف المدرسيّة.
وللتّقنيات الحديثة دور مهمّ في تعلّم اللّغة العربية بالنّسبة إلى العرب، وإلى النّاطقين باللّغة العربيّة من غير العرب، لأنّ التّعلّم التّقليدي قد يؤدّي إلى الملل وعدم الرّغبة في تعلّم هذه اللّغة، وقد بدأت محاولة تطوير تعليم اللّغة بتسخير مختبرات اللّغة، ثم انتقلت إلى البرامج السّمعيّة والبصريّة المتكاملة، ثم استخدام الحاسوب.
أخيرًا أقول إنّ اللّغة العربيّة هي أوسع اللّغات وأجملها وأبلغها وأدقّها، فهي اللّغة التي وسعت كلامَ اللّه (القرآن الكريم) لفظًا ومعنًى، وهي لغة التّواصل مع كتب التّراث العربي الغنيّ... فلنعمل جميعًا، أفرادًا ودولًا، على الحفاظ عليها وجعلها في المركز الأول بين لغات العالم.
كما أكد د.إبراهيم بن سعد القحطاني، نائب رئيس جمعية الأدب والأدباء بالمدينة المنورة، في كلمة خاطب بها جمهور العربية وخص بها الثقافية قال فيها: يحتفي العالم باليوم العالمي للغة العربية في اليوم الثامن عشر من ديسمبر من كل عام ، وتحتفي مملكتنا الغالية باللغة العربية في كل آن وحين، بتشريعات مكنت حضور اللغة العربية في أروقة الأنظمة والممارسات المختلفة ، وبمباركة كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، وسمو ولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – عراب رؤية المملكة 2030 التي قامت بتعزيز ذلك الاتجاه الذي يربط بين الهوية الوطنية واللغة العربية على جميع الأصعدة.
ولعلي أسلط الضوء على جانب مشرق وضاء يحكي الحفاوة البالغة بتلك اللغة العالمية ، وهو مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ، الذي أشاد به سمو وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء المجمع سمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود – حفظه الله – وذلك بقوله : « إن مجمع الملك سلمان للغة العربية يحمل اسما غاليا علينا جميعا ، وذلك تثمينا وتقديرا لمقام خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله ورعاه – ولجهوده المخلصة في خدمة الثقافة العربية ، وحرصه على اللغة العربية ، ودعمه لكل الجهود المبذولة في سبيل صونها والمحافظة عليها «
وقد حظيت بزيارة ذلك الصرح الشامخ مؤخرا ، وذلك في الملتقى التنسيقي الثاني للمؤسسات السعودية المعنية باللغة العربية مؤخرا ، واطلعت على جهود مخلصة ، ومبادرات نوعية ، برئاسة سعادة الأمين العام للمجمع.
أ. د . عبدالله الوشمي وفريق عمله المتميز في مجالات الحوسبة اللغوية ، والتخطيط والسياسة اللغوية ، والبرامج التعليمية والثقافية ، انبثقت عنها مشروعات وبرامج من أهمها برامج الانغماس اللغوي ، وبرمجان اللغة العربية ، ومركز ذكاء العربية ، ومنصات ( عين العربية ، والمستشار اللغوي ، ومعجم الرياض المعاصر ) ، وجائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ، ، ومعرض اللغة العربية ، والمؤتمر السنوي للمجمع ، واختبارات الكفاية اللغوية ، وغير ذلك .
وكل عام ولغتنا العربية تزهو في جمال وجلال.