علي الزهراني (السعلي)
إن فهم العصر الذي نحن فيه يتطلب معرفة كيف يفكر النشء ، ما هي اهتماماتهم ، الموضوعات التي يطرحونها آمالهم المستقبلية….؟
وذلك في ظل تراكمات بعلمه السابق والحالي 2024 ، عالمنا الذي تعيش فيه بما فيه من تحديات، تناقضات ،صراعات، وحروب ، فعاليات وأنشطة تغزوهم وتتغلغل فينا عبر شاشة بحجم الكفّ ، وفق ثقافات الشعوب واختلافها من دولة وأخرى ، نحن بداية لابد أن نتفق أننا في كوكبٍ متغيّر مختلف مشاكسٍ وكل يوم نشهد طفرة في كل شيء من ماديات ومعنويات أولها وليس آخرها في كل المجالات : الذكاء الاصطناعي والروبرتات وهكذا ،.. إذا سلّمنا بذلك على مستوى تفكير أجيالنا القادمة فإننا نحتاج أن نرفع سقف طموحاتنا إلى عنان السماء وأن كل جديد قادم فيه من السلبيات ما لا يتوازى مع الإيجابيات فنحن لسنا بمعزلٍ عما يدور حولنا..
كل هذا كان حديثنا مع صديقين تجاذبنا فيه أطراف الحديث، ومن حماسنا في تحليل ثقافة أجيالنا طرح صديق كان يسمعنا ويسرق بصره لنا لينضمّ لنا طارحا قصة تدور في فلك ما نتكلم عنه سابقا أشرت إليه بأن يجلس معنا، فسلّم وأثنى على ما كنّا نتحدّث به فجلس مستأذنا في مشاركتنا حول موضوع اختلاف الثقافات بين أطفالنا ومراهقينا، وما هو الحل من وجهة نظر كل واحد مِنّا فقال بأدب جَمّ وهذه الحكاية يسرها لنا عن طريقة أخته الخمسينية فقالت:
زرت في بيت أختي فسلمت على بنت أختي التي تصاحب فتاة من عمرها في غرفتها لكن هذه الفتاة لم تعجبني من حيث لبسها وطريقة مضمضة حروفها بالكاد تخرج من فيها الكلمات بطريقة أقلقتني على بنت أختي وما هي نهاية هذه الصحبة ومصيرها!
هنا قفز لذهني فكرة رامية كرة الثلج عن طريق سؤال فجيلنا ذكي ولمّاح -ويفهمها وهي طائرة - نعتقد أننا أذكى منه وفي الحقيقة هم تجاوزا كل شيء وبتنا تلاميذ عندهم المهم - هذا كلام من شاركنا طرح رأيه - فطرحت السؤال الآتي على بنت أختي وصديقتها:
إن هيئ لكما أن تفتحا نافذتين هكذا عبر تفكيركما فماذا تريان ؟ قلت « محدثكم وصديقي جميعا»:
- هذا سؤال ثقافي وفلسفي أكبر من سِنّهما؟!
- قال صاحبنا:
- انتظروا لتسمعوا ماذا رأت المراهقتان وعلى فكرة هما في المرحلة المتوسطة؟
- تفضل .. ونعتذر للمقاطعة!
فأكمل بطريقة أكثر ذكاء بعد أن رشف قهوته:
- قالت بنتي أختي:
أرى ثلجا يتساقط، وقطتي أسابق الريح معها جريا حصان أمتطيه منطلقا أراقب الغيمات عدوا هنا قالت صديقتها بعد أن حركت رقبتها بصعوبة ووضعت رجلا على رجل رافعة يمناها عاليا بغطرسة وتكبّر ورموش عينيها كأنها ناعسة بصعوبة ترفعها وتخفضها: -أنتِ ايش قصدك من سؤالك؟!
أنا أرى الماضي باجترار آلامه، أكون مشهورة كفلانة أبثّ على منصات التواصل الاجتماعي «لايف» لمتابعيني بالسفر لكل دولة، تكون المولات توأمي، لا أذهب لبيتي إلا للنوم، أتابع كل حفلات الفنانين هاتفي بيدي كمكياجي.
أختي عرفت أن صديقة بنت أختها ضائعة بلا مستقبل فجلست قرابة الفجر وأنا وبنت أختي تناظر الساعة نُلَمّح لها وإذا الصدمة استأذنا قائلة: سهرة حلوة أختي التي تصغر مني مع السوائق تحت عمارتكم!
قال صاحبنا: هاه فهمتم المعنى؟
كلنا الثلاثة أطرقنا رؤوسنا محوقلين نضرب كفا بكف هذا الحوار بين هاتين المراهقتين الطفلتين هو اختصار الأجيالنا القادمة بين بياض ثلج كـبنت أختك وبين سواد ليل لصديقتها والله يستر من الثقافتين!
سطر وفاصلة
مهما تقمصت بنات الجنوب، أقنعة ولبسن أثوابا متحضرة ولكنات في أماكن خارج أسوار عبق القرية إلا أنهن يملكن وميض اللهجة الطاهر التي تظهر فقط عند الغضب لتخرج ألسنتهن بعبارات ولكنات ديرواية يعرفن بها وما إن يعدن إلى وضعهن الطبيعي المتكلس في المدن تختفي تلك اللهجات الجميلة، وتصبح ألسنتهن معلبة تنتهي عند أول موقف فرائحي أو يفاجئن بالغضب!