بعض الأشياء بيننا تحكي قصصا تماما كالقصص التي يحملها البشر.
من بينها همست لي قطرة عن حكايتها
فاستراق سمعي لها، تقول:
لم يكن خوفي من السقوط وحسب.
كان الهلع الأكبر من تغير شكلي.
إما سيتضاعف حجمي، أو أتقطع إلى أشلاء، في غضون ثوان يحكم طولها من قصرها نسمة هواء، أو يد طفل عابث، أو ربما أحد تلك الحشرات الطائرة التي إما ستلتهمني أو تحملني إلى مسار مختلف.
سأنضم إلى تلك التي تقف أمامي وربما تأتي من بجانبي، لا أدري من سيصطدم بالآخر.
لكني سأحرص أن أكون الأقوى بينهن.
ومعالمي وصفاء روحي ستكون لها الغالبية بالتأكيد.
لكن السؤال الأهم.
مكان السقوط وما سيترتب عليه.
هل سيكون في مكان تتلاشى فيه روحي، فلا أستطيع لملمة أجزائي؟
أم على سطح أرتطم به فأعود لسابق شكلي، وانفصل عنهن!.
أم...
(وهي تسرد ما يتكرر عليها في كل لحظة، تبعتها عيناي ...)
رفرفت فراشة قريبة على سطح الورقة، فتساقط كل ما بها من قطرات فوقع المحظور!
لكن شيئا ما حدث، لم يكن فالحسبان.
تماماً، كسكون الروح مع اشتداد العاصفة.
وظهور اليابسة بعد التيه مع أشرعة البحر.
التغيير غير المحسوب.
المستجدات في خطط الواقع.
الواقع الذي نهرب إليه، بقدر ما نهرب منه.
أضحت قطرة الماء في بركة.
حفرة بين زهرات تباع الشمس،
اختلطت مع الطين فثقل عليها.
كانت صفعة قوية، تغيرت ملامحها كلها.
السكون السكون، لعل بعده تركد الكدرة.
انقشع السحاب، فأطل قرص الشمس حاميا
لم تشعر قطرتي بثقلها انتشت بين الهواء تهيم معه صعدت خفيفة وكأن في الصعود رفعة وسمو عن كل ما يثقل كواهلنا.
رحلت وتركتني أتخبط في المسار أعيد معها دورة الفلك ، وأبحث في ذاتي عن نواتج التغيير وتلك المواقف التي تحيك قصصنا ونستلهم منها الخبرات، معارك الحياة وصراعات البشر التي مهما تضخمت فهي إلى الزوال كشمس الصباح الآفلة مساء وقرص القمر المتلاشي فجرا.
وكما حدثتني القطرة الأهم مكان السقوط وما سيترتب عليه.
نواتج التغيير المشبعة بالخيرات حتى لا نكرر ما لا نرغب فيه.
عادت قطرتي ذات مساء في ليلة باردة، لأراها على نافذتي تعكس وجهي بنقائها.
** **
عائشة بنت جمعة الفارسية - سلطنة عمان