أ.د.صالح معيض الغامدي
حظيت «سيرة الوقت» باهتمام جيد منذ صدورها، فلقد تناولها بالقراءة مجموعة من النقاد والقراء من زوايا متعددة، ولعلي أشير هنا إلى بعضها. لعل الدكتور محمد الخازم في مقالة له بعنوان «معجب الزهراني وسيرة الوقت»، ورغم إعجابه واحتفائه بها ووصفه إياها بكونها «سيرة جيل» فقد رأى بأنها سيرة حياة سردت «وفق تسلسل زمني لا يروي النهم الدرامي أو العمق الفكري»، وانتقد الكاتب على الإفراط في شرح مواقفه ورأى ذلك تقليلا من ذكاء القارئ، فـ «إصرار السارد على شرح مواقفه فيه عدم تقدير على قدرة القارئ على التفسير والاستنتاج، وقد لمست في كل منعطف محاولة تقديم وجهة نظر نقدية تنبع من رؤية المؤلف الراهنة وليس من تلك التي كانت سائدة وقت الحدث والحكاية»، واستشهد الخازم بنقد الزهراني للمناهج الدراسية الابتدائية والجامعية. ورأى أن حكاية السيرة بدت نتيجة لذلك وكأنها شبيهة بمقالات نقدية قتلت سلاسة البناء الدرامي الممتعة». والحقيقة أن الخازم بدا قاسيا قليلا على هذه السيرة ربما لأنه كان يريد من الكاتب أن يسردها وفق تصوره هو كونه من أبناء منطقة الباحة ولديه حكاية سيرية تتقاطع مع سيرة الوقت. ولكن ينبغي أن ندرك أن الزهراني يكتب سيرته للقراء عموما، وهم ليسوا قريبين قرب الخازم من الكاتب. وقد أحس الخازم نفسه بهذه القسوة عندما قال واصفا قراءته بأنها ربما تكون «مبالغة مني تحميل سيرة الوقت أكثر مما تحتمل».
وتناولها الطيب ولد العروسي في مقال له بعنوان «الأم في سيرة الوقت»، وكان تركيزه الرئيس منصبا على الكيفية التي رسم بها الكاتب أمه وحضورها في سيرته الذاتية، وامتدادا لذلك المرأة بشكل عام. ورأى أن هذه السيرة « صورة في غاية الوضوح والصدق للمجتمع الفردي الذي عاش فيه الكاتب، والذي كان يقدر المرأة التي تجاوزه في تجاوز الصعاب، ولو أن الانفتاح المجتمعي الذي تخيله العروسي في بيئة القرية التي نشأ فيها الزهراني لم يكن بالدرجة العالية التي تخيلها من خلال قراءته للسيرة، فقد كانت المرأة تعاني أيضا كثيرا من المصاعب التي كان عليها أن تواجهها بشكل يومي.
وتناول معجب العدواني هذه السيرة في دراسته التي كتبها بعنوان «السيرة الذاتية وسجالاتها عند ثلاثة كتاب عرب»، هم بنسالم حميش ووليد سيف ومعجب الزهراني، وركز العدواني على البعد السجالي في «سيرة الوقت» واصفا إياها بقوله «جاء العمل مزيجا من سيرة بسيطة وسيرة فكرية بدت أكثر عمقا، وفي كلتيهما تجلت محطات سجالية استهلت بالشخصي ومن ثم الانتقال إلى حكاية جيله وسجالاته المعروفة مع التيارات المناوئة» وبخاصة في الجزء المتصل بالجامعة في هذه السيرة. وعلى الرغم من أهمية هذا الملمح السجالي للسيرة إلا أنه لا يشكل سمة بارزة فيها، فالزهراني في سرده لسيرته يميل إلى تغليب أسلوب تحاوري هادئ أكثر من أسلوب المواجهة السجالية السافرة.
وقد وصف الكاتب علي فايع سيرة الوقت وكاتبها في مقال له من حلقتين بعنوان «الثقافة الـ (نكدة) في سيرة الوقت!»، نشر في عكاظ، بأنها سيرة تميزت بـ»الالتزام بالحياد تجاه المواقف والأحداث، فلم تكن الكتابة بالنسبة له انتقاماً من المجتمع بقدر ما كانت محاولة لتعرية ثقافة النّكد»، وحدد سمات النكد التي قصدها في الموضوعات التالية: قمع المرأة الشاعرة، نبذ المهن الوضيعة، وانغلاق أساتذة الجامعات، والجوائز الأدبية والرسائل العلمية، والجامعة والمناقشات والإشراف.