علي الزهراني (السعلي)
أجلس ما بك؟ اعتذر.. لا بد من النوم مبكرا! سلامات
ماذا يشغل فكرك يا حنّاس؟ شقيقتي أتت مدينتنا وقد ألمّ بها عارض صحي، وأود أن أرحّب بها على طريقتي! حقّ وواجب الله يوفقك، بس انتبه لا تجيب العيد!
ارتمي في حضن مخدته وهو لا يعلم هل وصل رأسه الكبير إليها أم لا؟ غطّ في نوم عميق مع حُلْم أقلق منامه جاءت فيه أم طليقته مبتسمة ومعها طفلة تخبره عن حسنات طليقته وأنها وأنها.. في مجلس يشبه الخيمة بطريقة عصرية، الحلم كله سيوف وخناجر ودماء.. استيقظ بعد أن نفث عن يساره متعوذا من الشيطان ومن هذا الكابوس اتخذ متكأ بعد أن التقط مخدته ينظر إليها ما كتب عليها.. وهو يحوقل خائفا متثاقلا يترقب تذكر جملة من أُمّه حين كان يخبرها عن تفاصيل حلمه وهو صغير هذه العبارة لم تفارقه منذ رحلت (الدم في الحلم يفسده عدّ لنومك يا بُنَيّ واطمئن).
استقبل يومه بنفسيتين فرح بلقاء أخته وبعض حيرة من تفاصيل حلمه!
صلّى الجمعة والخطيب يتحدّث عن آيات من سور القرآن، وصراع الأخوان وما بينهما في قصة حلم يوسف عليه السلام، ابتسم وقال بينه وبين نفسه «أيش هذه مصادفة يعني احلم والخطيب يتحدث عن تفسير الأحلام لالالا هذا كثير «تذكر جملة أمه يرحمها الله فانتبه لباقي ما يقوله إمام الجامع الذي ختمها بالصلاة على النبي بالدعاء بالنصر والتمكين لأهلنا في بقاع الأرض من المسلمين، العجيب قرأ في الركعة الأولى آيات عن القاء يوسف في الجُبّ والثانية «قل يا أيها الكافرون» سلّم على بعض جيرانه وهم يتحدثون عن حلم مزعج استيقظوا عليه هنا ابتسم بملء فيه قائلا «هذا اليوم العالمي للحلم» بعد العصر حمل مفاتيحة وتبضّع من السوق حاجات ضرورية للرحلة وباقة وردة تليق بأخته كتب عليها (الحمد لله على سلامتك يا قمري وشمسي وأنفاس همسي) وحين عاد اتجه يمينا يريد كبري فلسطين ولسانه يلهج بالدعاء.. كل شيء جاهز اتصل على أخته وجلسا فوق الساعة وأكثر وهما يضحكان معا هنا أراد أن يرسل لها الموقع وإذ بصوتٍ الهاتف يقول له «عفوا لقد تجاوزت الحد الائتماني» ابتسم حمل أطفاله والفرح يشق شفاتهم بعد أسبوع من توتر الاختبارات حين وصل أرسل الموقع «اللوكيشن لأخته» مرتين وثالثة وهو في البَرّ، تأخرت طلبت من بنته أن تتصل عليهم.. اتصلت به أخته أخيرا «ياخه الموقع أوصلنا لبيتك».
انتفض كمن نشط من عقال برجله، وأولاده يقولون:
«خير يابه لِقِصَك شي» فتح هاتفه على حساب أخته فتح الموقع والمرسل عشر مرات وهو نفس الموقع الذي هو فيه، اتصل على أخته من هاتف ابنه، قصّ عليها الخبر تفاجأ بأنها مُصّرة أقفل الهاتف بلطف أرسل الثلاثة مواقع لبنته الكبرى وابنه نفس المكان الذين هم فيه.. تذكر تعبها أخبرته لاحقا بأن زوجها هو من أخبرها وهو فهمها بأنه سخر عليها وعليه في موقف لالالا يحسد عليه!
لملم بعضه سار على الشاطئ ودمعاته تتساقط تترى حين عاد شحنه أولاده يريدون الانتقام!
فأفهمهم أن المهم عنده أخته وسلامتها والعلاقة بينها وبين زوجها أرسل رسالة لها وله، ترك الهاتف جانبا جهّز العشاء ضحك مع أولاده بعد أن لعبوا لعبة الحقيقة وعَبْرة مخنوقة مسجونة سكنت ضلوعه في سؤال طيب لماذا؟!
عاد لشقته وباقة بيده وضعها في الثلاجة قائلا
(ليتني بداخلها محنطا محتضنا الورد) أخذ مخدته وقرأ:
(لعل القادم مثل هذا) وبحانبها ملصق لوجه مبتسم.
سطر وفاصلة
قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) هنا المراد في هذه الآية الكريمة من سورة يوسف عليه السلام، حسنا.. الشكوى منطق الضعف أليس كذلك؟ من البشر للبشر إلا الشكوى إلى الله فهي قوة تطلبها من القوي سبحانه، وحين تحزن لا تريد أن تذرف دمعة واحدة أمام أحد من الناس!
إلا إلى الله.. فالحزن إلى الله رفعة وراحة وشفاء لما في القلوب.. فاللهم نشكوى إليك حالنا وحزننا نثق بك يا رحمن يا رحيم
أما البشر فكلنا نحلم ونثق ونحزن لكن لانسفّ كرامتنا لكائن مَنْ كان مع كل الاحترام لهم وثقتنا فيهم..