حَانَ الفِرَاقُ وَقَدْ أَمْسَى تَلَاقِينَا
حُزْنَاً يُنَادِمُنَا أَبْكَى مَآقِينَا
مِنْ بَعْدِ فَقْدِكَ وَالآَلَامُ تَعْصُرُنَا
والشَّوقُ كَهْفٌ مِنَ الأَحْزَانِ يُؤْوِينَا
صِرْنَا بِفَقْدِكَ كَالصَّحْرَاءِ قَاحِلَةٍ
الْمَاءُ غَوْرٌ وَلَا غَيْمٌ يُوَاسِينَا
لَكِنَّ إِرْثَكَ كَالْأَشْجَارِ مُثْمِرَةٌ
وَفَيْضُ ذِكْرِكَ كَالأَنْهَارِ تَرْوِينَا
عَالِي الصِّفَاتِ وَإِنْ عُدَّتْ فَلَنْ تُحْصَى
إِرْثٌ ثَقِيلٌ وَحِمْلٌ كَانَ يُضْنِينَا
طِبْ مَيِّتَاً فَشُهُودُ اللَّهِ قَدْ حَضَرُوا
وَزَمَّلُوكَ بِنُورِ الحَرْفِ مُثْنِينَا
طِبْ مَيِّتَاً فَثَنَاءُ الخَلْقِ يُنْسِينَا
بَلْوَى المُصَابِ وَخَطْبٌ كَادَ يُنْهِينَا
طُوبَى لِمَنْ بَقِيَتْ أَخْلَاقُهُ فِينَا
نَهْجَاً يُسَيِّرُنَا ذِكْرَى تُعَزِّينَا
طُوبَى لِمَنْ كَتَبَتْ حُسْنَى فَضَائِلِه
أَحْوَالَ حَاضِرِنَا أَطْلَالَ مَاضِينَا
عَالِي المَقَامِ وَهَلْ كَانَتْ مَآثِرُكَ
إِلَّا كِتَابَاً وَمِنْهَاجَاً يُرَبِّينَا
جَابَهْتَ شِرْذِمَةً مِنْ عِلْمِكَ انْتَفَضُوا
وَحَاكَمُوكَ بِلَا قَاضٍ وَتَبْيِينَا
سَامَحْتَ جَهْلَهُمُ فَازْدَدْتَ مَنَزِلَةً
وَنِلْتَ فِي شَرَفٍ عِزًّا وَتَمْكِينَا
وَقَدْ سَمَوْتَ بِأَجْيَالٍ عَلَتْ أَدَبَاً
وَكُنْتَ قُدْوَتَهُمْ عِلْمَاً وَتَحْصِينَا
أَثْرَيْتَ عَالَمَنَا العَرَبِيَّ مَعْرِفَةً
وَفِكْرُكَ الحُرُّ قَدْ أَغْنَى نَوَادِينَا
مِنَ المُحِيطِ إِلَى البَحْرَينِ تَمْنَحُنَا
فِكْرَاً وِإِبْدَاعَاً نَقْدَاً وَتَحْسِينَا
وَمِنْ عُكَاظَ حَنِينُ الشَّوْقِ تَحْمِلُهُ
جُدْرَانُهُ فَبَكَاكَ اللِّبْنَ والطِّينَا
وَسَيِّدُ البِيدِ إِذْ أَحْيَيْتَهُ فِينَا
مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمَا مَنْ ذَاكَ يُحْيِينَا
أبَي العَزِيزُ تَجَلَّتْ عِنْدَكَ القِيَمُ
صُنْت العُهُودَ وَصُنْتَ العِلْمَ والدِّينَا
هَا قَدْ رَحَلْتَ إِلَى الرَّحْمَنِ فِي عَجَلٍ
أَحْسِنْ وِفَادَتَهُ يَا رَبُّ آمِينَا
طَالَ الكَلَامُ وَحَرْفِي لَنْ يُبَلِّغَنِي
فَأَنْتَ أَعْظَمُ مِنْ أَبْهَى قَوَافِينَا
** **
- إبراهيم عالي سرحان القرشي