د. عبدالواحد الحميد
لو أن «نيل المطالب بالتمني» لتمنينا أن جميع المباني المدرسية كانت نسخة من المدرسة النموذجية التي دشنها وزير التعليم في مطلع هذا الأسبوع. فالبيئة المدرسية المناسبة هي مطلب قديم نادى به التربيون وأولياء الأمور والكُتَّاب وكل المهتمين بقضايا المجتمع لأن نسبة ليست هينة من المباني المدرسية كانت ولا تزال مباني مستأجرة ولا تصلح لأداء العملية التعليمية والتربوية على وجهٍ صحيح.
في أوقات سابقة كانت هناك مشكلات تتعلق بعدم توافر الميزانيات الكافية، فكان لا بد من القبول بما يمكن أن توفره الميزانيات المحدودة من بنود لاستئجار مبان يتم استخدامها كمدارس على الرغم من أن بعضها منازل عادية لأن البديل هو حرمان الطلاب والطالبات من الدراسة. ومع انفراج الأزمة المالية منذ سنوات كان من المتوقع ألاَّ تبقى مدرسة واحدة بمبنى مُستأجَر، إلا أن واقع الحال غير ذلك، فالمدارس المستأجرة ما زالت موجودة في كل منطقة من مناطق المملكة رغم الميزانيات الهائلة!
والأغرب من هذا هو أن هنالك الكثير من المباني المدرسية الراقية التي شُيِّدَتْ جزئياً ولم يتم استكمال بنائها على الرغم من أن المتبقي من البناء لا يكاد يُذكر بالمقارنة مع ما تم تشييده. وقد سمعنا أن السبب هو خلافات بين المقاولين والوزارة، فظلت هذه المباني شبه المنتهية معطلة ومهجورة ومرتعاً للحيوانات السائبة وربما مرتعاً لما هو أخطر!
وقد كان يقال إن من أهم معوقات إنشاء المدارس والمباني الحكومية هو ندرة الأراضي وصعوبة الحصول عليها، ولكن المباني المهجورة وشبه الجاهزة أقيمت على أراض حكومية ولا علاقة لندرة الأراضي بحرمان أبناء وبنات الأحياء التي شيدت فيها من تقديم خدماتها لهم.
نحن نشد على يد وزير التعليم الدكتور عزام الدخيل، وبخاصة أن المدرسة النموذجية التي دشنها معاليه راعت ظروف الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة. لكن ما نتمناه هو أن يتوازى ذلك مع جهود حثيثة وملموسة ومثمرة للقضاء على ظاهرة المباني المستأجرة لأن استمرارها مع فتح مدارس نموذجية يعني أن بعض الطلاب سيتلقون التعليم في مبان مستأجرة غير مصممة كي تتناسب مع المتطلبات الدراسية والبعض الآخر من الطلاب سيتلقى التعليم بمدارس نموذجية مما سيوسع الفجوة بين الظروف الدراسية للطلاب بكل ما يحمله ذلك من انعكاسات على مستوياتهم وعدم إتاحة الفرص المتساوية لخوض غمار الدراسة الجامعية فيما بعد، بل وفرص النجاح في الحياة العملية مستقبلاً.
صحيح أن المبنى المدرسي المناسب ليس كل شيء في العملية التعليمية التربوية لكنه يظل هو الحد الأدنى المقدور عليه لأن بوسع المال توفيره بعكس الاشتراطات الأخرى التي قد لا يمكن توفيرها دائماً حتى عندما يتوافر المال.