د. عبدالواحد الحميد
بعض الجرائم التي نقرأ تفاصيلها المؤلمة في صحافتنا وفي مواقع التواصل الاجتماعي يصعب تصديق حدوثها في مجتمع يدَّعي أنه محافظ! وجريمة الابتزاز الجنسي التي تتعرض لها بعض النساء وأحياناً بعض الأطفال هي واحدة من أحط وأقذر الجرائم التي لا يمكن أن يرتكبها إلا شخص يفتقر إلى المروءة والأخلاق. وللأسف فإن هذا النوع من الجرائم كثُر في السنوات الأخيرة، وربما هو موجود من السابق ولكن كشفت عنه وفضحته وسائل الإعلام الجديد.
مؤخراً، نشرت صحفٌ إلكترونية محلية قصة شاب تسلط على فتاة بعد أن نصب لها شباكه وأوقعها في الوحل ثم راح يبتزها بالصور الشخصية التي يحفظها في جواله. وبعد معاناة مريرة وجدت أن عليها الخروج من الأسر الرهيب الذي وقعت فيه، مهما كانت فداحة الثمن الذي يتعيَّن عليها دفعه، فأي ثمن هو أرحم من الذل والهوان الذي انحدرت إليه. لذلك قررت أن تتصل بهيئة الأمر وأن تحكي للمسؤولين قصتها مع الوحش الذي يبتزها لعلها تخرج بأقل الضررين.. وهذا ما حدث، فقد تمكنت الهيئة من القبض على الشاب المبتز، وأكملت الإجراءات النظامية بحقه.
مثل هذه القصة التي يتكرر حدوثها بين الحين والآخر تدل على أن بعض البنات بحاجة ماسة إلى التوعية، وبأسلوب غير تقليدي، بالمخاطر التي يمكن أن يقعن فيها إذا استسهلن إقامة مثل هذه العلاقات. لا يكفي أن تكون الفتاة متعلمة لكي تعرف أن بعض الشباب يفتقر إلى معاني الرجولة الحقة وإلى النخوة والمروءة وأن هذا البعض قد لا يتورع عن الإساءة إلى أشرف البنات حتى لو كُنَّ من قريباته! يجب توعية البنات بهذه المخاطر عن طريق المدرسة ووسائل الإعلام وبكل طريقة عملية ممكنة، ولكن من المهم الخروج من الطريقة التقليدية العقيمة التي تكرس فكرة تحجيم قدر ودور المرأة وتنتقص من مكانتها.
أما الأمر الآخر فهو ضرورة توعية البنات بأن الوقوع في الخطأ لا يعني استحالة الخروج منه وأن الضرر الذي قد يترتب على الخروج من الخطأ يظل أقل بكثير من الضرر الذي ينتج عن الاستمرار فيه. يجب توعية البنات بأن هناك جهات رسمية، كالهيئة، يمكن أن تقدم لهن الحماية والستر وأن عليهن ألا يترددن في الاستعانة بها للإفلات من قبضة المبتزين.
أخيراً يجب على المجتمع، ممثلاً بالجهات الرسمية المسؤولة إيقاع أقسى العقوبات بالمبتزين والتشهير بهم دون رحمة لأن ما يرتكبونه من جرائم تؤدي إلى خراب المجتمع وإلى تدمير مستقبل ضحايا الابتزاز من النساء والأطفال.