يعتبر هذا النقش من النقوش الهامة للغاية والتي تعبر عن العلاقة القوية والوثيقة بين الحضارة المصرية وحضارة شبه الجزيرة العربية، حيث اعتاد المصريون القدماء من بدايات التاريخ بالخروج خارج حدود أراضيها سواء لغرض عسكري أو لغرض تجاري. وتظهر الاكتشافات الأثرية الحديثة أن تيماء كانت مأهولة بالسكان منذ العصر البرونزي على الأقل.
في عام 2010، أعلنت وزارة السياحة في المملكة العربية السعودية عن اكتشاف نقش تيماء الفرعوني من قبل رمسيس الثالث، كان هذا أول اكتشاف مؤكد لنقش هيروغليفي على الأراضي السعودية استنادا إلى هذا الاكتشاف، افترض الباحثون أن تيما كانت جزءًا من طريق بري مهم بين ساحل البحر الأحمر في شبه الجزيرة العربية والنيل.
وقد ظهر أقدم ذكر لمدينة الواحة باسم «تيامات» في النقوش البابلية الجديدة التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن قبل الميلاد، وتطورت الواحة إلى مدينة مزدهرة غنية بالآبار والمباني الرائعة.
تم العثور على النقش الهيروغليفي في تيما في عام 2010 وأثار وجوده بالقرب من تيما سؤالًا كبيرًا حول السياق الثقافي الذي يمكن فيه تفسير وجود مثل هذه الخرطوشة في عمق شمال غرب الجزيرة العربية.
ولقد أجرى علماء الآثار السعوديون بحثًا ميدانيًا ومكتبيًا وجدوا من خلاله طريقًا تجاريًا مباشرًا يربط وادي النيل بالتيمة، والذي كان يستخدم في عهد الفرعون رمسيس الثالث في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وتمشي القوافل المصرية عليه لتزويد تيمة بالسلع القيمة التي أرض مدينة مثل البخور والنحاس والذهب والفضة.
وقد كان هذا النقش محفورًا على صخرة ثابتة بجوار واحة تيماء في المملكة العربية السعودية في شبه الجزيرة العربية في عام 2010، حيث ذكرت الرحالة البريطانية ان هذا النقش الذي قابلته هو أول نقش هيروغليفي مصري يجتمع في الجزيرة العربية.
النص عبارة عن خرطوشة مزدوجة للملك رمسيس، الذي حكم مصر من 1192 إلى 1160 قبل الميلاد.
وكان من عادة ملوك المصريين القدماء الأقوياء بأنه يتم تأمين الحدود المصرية من الأعداء المختلفين والمعروفين كلًا بأسمائهم، وليس لتأمين الحدود فحسب وإنما أيضًا لتأمين طرق التجارة بين هذه الدول، وأحيانًا لفرض السيطرة على هذه المناطق النائية للاستفادة من مواردها الاقتصادية؛ ولذلك كان على الملوك المصريين أحيانًا بناء المعابد على الحدود المصرية، وهو ما حدث بالفعل في عهد الملك رمسيس الثاني عند بناء معبده الضخم المنحوت في الصخر والجبال على الحدود الجنوبية من مصر، حيث قام ببناء «معبد أبو سمبل» والقائم حتى الآن على حدود مصر الجنوبية، وذلك لتذكير شعوب هذه المناطق بوجود ملك قوي يحمي هذه الأراضي، وحتى يستفيد بأكبر قدر ممكن من الموارد الخاصة بهذه المنطقة وهي «نبو» أي الذهب، وهي بالمناسبة الكلمة التي أطلقها المصريون القدماء على بلاد النوبة لما تحتويه بلاد النوبة من ذهب «نبو» .
وفي نفس السياق نجد الملك رمسيس الثالث قام بالعديد من بناء المعابد على الحدود المصرية من الجنوب، ولم يكتف فقط ببناء المعابد و لكن أيضًا تم ذكر اسمه في العديد من المواقع خارج الحدود المصرية، ومن أهمها ما تم ذكره في موقع تيماء والتي تم ذكر فيها اسم الملك «رمسيس الثالث» بوضوح بلقبيه «النسوت بيتي» وأيضًا اللقب الأخر وهو «سا رع» -والذي قمنا بشرحه بالتفصيل في النقاط السابقة-.
وعن وجود اسمين الملك بهذه الطريقة في هذه المنطقة البعيدة والنائية عن الحدود المصرية فهذا يؤكد وجود علاقة قوية ووطيدة بمصر وشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام، ويؤكد ذلك نقش تيماء الذي تم اكتشافه عام 2010 في منطقة تيماء المشهورة.
ذكر الدكتور علي ابن ابراهيم الغبان وهو عالم اثار و مستشار سعودي والمشرف على برنامج العناية بالتراث الحضاري ان مسار الرحلة كالتالي «»يمر هذا الطريق بعد وادي النيل بميناء القلزم، ثم مدينة السويس حيث يوجد معبد للملك رمسيس الثالث، ثم يسير بحراً إلى سرابيط الخادم بالقرب من ميناء أبو زنيمة على خليج السويس، حيث عثر هناك على نقوش للملك رمسيس الثالث أيضاً، ثم يعبر شبه جزيرة سيناء بشكل عرضي ويمر على منهل وادي أبو غضا بالقرب من واحة نخل، حيث عثر فيه أيضاً على خرطوش مزدوج مماثل لخرطوش تيماء يحمل اسم الملك رمسيس الثالث»، كما اضاف «ثم يتجه الطريق إلى رأس خليج العقبة، ويمر على موقع نهل، ثم موقع تمنية، وقد عثر في كل منهما على خرطوش مزدوج للملك رمسيس الثالث يماثل خرطوش تيماء، كما توجد إشارة في بردية للملك رمسيس الثالث إلى إرساله أناس لجلب النحاس من بلد مجاور». ومثل هذا المسار يفتح بابا جديدا في العلاقات الخارجية التي قامت بها مصر مع دول الجوار وبالخصوص شبه الجزيرة العربية والتي كانت تحتوي على مصادر هامة لاستخدامها من قِبل المصريين القدماء.
في الحقيقة أن كل ما تم ذكره مسبقًا ما هو الا تمهيد لهذا الاكتشاف العظيم والذي يُضاف الى بقية الاكتشافات السابقة والتي تُعد ذو اهمية كبيرة للتأكيد على مسار هذه الرحلة وايضا لتوعية الجهات المعنية بهذا المكان لجعله مكان جذب للأجانب والمحليين ايضا لتوعيتهم بأثار بلادهم، فهذا الكشف العظيم يقع في جنوب المملكة الاردنية الهاشمية غرب المدوره بموقع ابو الحار بوسط وادي مليء بشجر الطلح بقرب من حدود المملكة العربية السعودية:
علماً بأنه للوصول الى الموقع يتطلب السير على الاقدام لمسافة (1) كيلو متر « حيث أن المنطقة المحيطة بالنقش تتسم بالوعورة.
ويتضح فيه اسم الملك رمسيس الثالث بشكل جلي وواضح حيث يظهر فيه الاسمان اسم الولادة للملك رمسيس الثالث و هو « رع مس- س ، حكا ايونو « والتي تعني « حملة رع ، حاكم ايونو « اسم التتويج» نسوت بيتي « لهذا الملك باسم « وسر ماعت رع مري إمن « والتي تعني « القوي بماعت ورع ، محبوب امون»، و هذه تعتبر منطقة جديدة لم يتم ذكرها مسبقًا في أي من المصادر.
ان هذا الموقع الذي قمت باكتشافه مؤخرا مع رفيق الدرب الباحث خالد هليل الحويطي يعتبر امتدادا وتأكيدا لما تم اكتشافه من قِبل علماء الاثار حيث ان هذا الموقع يؤكد على ترابط النقاط التي تم اكتشافها مسبقا مع النقطة التي اكتشفتها حديثا حيث أردت أن أقوم بتوثيقها بشكل رسمي، وذلك لمساعدة علماء الاثار في ربط مسار رحلة الملك رمسيس الثالث وربما تكون نواة لاكتشاف العديد من الاشياء والمواقع الجديدة التي لم يتم الكشف عنها بعد.
** **
مرضي عطاالله جلباخ القعساء - باحث مهتم بالآثار