الوطنُ هو محلُّ الإنسان - كما ذكر الجوهريُّ في الصّحاح - من أرضٍ وبيئةٍ، ويجوز فيه التَّثقيل والتَّخفيف، وقد خفَّفه رؤبة في قوله:
كَيْما ترى أهلُ العراقِ أَنَّنِي
أَوْطَنْت وَطْناً لم يكن من وَطَنِي
وسُميّ بذلك من أوطنتُ الأرضَ، ووطّنتها توطيناً واستوطنتها، أي اتَّخذتها وطناً ومحلاً ومقراً من الاتّطان، على وزن الافتعال.
والمَوْطِن اسم المكان من (وطن) على وزن (مَفْعِل) لأنَّه فعلٌ مثالٌ كوعد، وهو أوَّل غاية الإنسان، لذا سُمي الموضع الّذي يُوَطّن لتُرسل منه الخيل في السباق بالمِيطان، وهو المنطلق والبداية؛ وذلك لأهميّة هذه المرحلة؛ لذا موطني يزيدني فخراً واعتزازاً؛ لأنَّه منطلق الرسالة، ومهبط الوحي، عاش على أرضه المصطفى - صلى الله عليه وسلّم- وفيه الحرمانِ الشريفانِ: الحرم المكيّ، والحرم المدنيّ، ومن قمم جباله وبطون َأوديته نبعت الفصحى النقية.
أمَّا المواطنة فهي العلاقة بين المواطن (الفرد) والوطن (الأرض) ممّا تُولِّد الانتماء الصادق لهذا الوطن، ومن ذا وذاك لا بدّ أن نُحقق المواطنة الصالحة الإيجابية والعلاقة الصالحة من خلال الإخلاص في العمل الموكل إلينا؛ لأنَّه يعمل على بناء الأوطان بناء صحيحاً، ويلبي احتياجات المجتمع وفق المخطط إليه من قبل ولاة أمرنا - حفظهم الله.
ومن مؤشرات المواطنة الإيجابيّة - كذلك- تفعيل التَّطوع عن طريق المبادرات الّتي تخدم المجتمع، وترفع من المنجزات والقيم، كتفعيل الاستشارات في مجال التّخصص، وإقامة الدورات والورش، مع تقديم الخدمات الميدانيّة التي تُسهم في تسريع عجلة النمو والتَّطوير والازدهار وفق القوانين المعمول بها في هذا البلد المبارك (المملكة العربيَّة السعوديّة) وتحقيق تطلعات رؤية المملكة العربيَّة السعوديَّة (2030).
وممّا تتميَّز به هذه البلاد المباركة الأمن والأمان والاستقرار؛ لكون بلادنا هي منطلق الرسالة، وتعمل على نشر الإسلام في جميع أرجاء العالم، وهي قبلة المسلمين، وهذا خير تشريف لنا ولهذه البلاد المباركة، فلابدّ من استشعار ذلك في كل أعمالنا، وأن نتمثل ذلك في كل مكان وفي أي زمن.
وتولي هذه البلاد -أيَّدها الله- اهتمامها في تعليم ونشر اللُّغة العربيَّة الفصحى لغة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولغة القرآن الكريم، وخير شاهد لذلك مركز الملك عبدالله لخدمة اللُّغة العربيَّة، ومجمع الملك سلمان العالمي للغة العربيّة، وغير ذلك.
ويعود هذا الفضل إلى الله - سبحانه وتعالى- ثمّ إلى قادة هذا البلد المبارك الّذين جعلوا هذا البلد في تقدّم وتطور ليس له مثيل، يزيدنا ذلك فخراً واعتزازاً.
وفي ذلك كله تظهر الوطنيّة الّتي هي شعور اتجاه الوطن بالانتماء القوي والولاء المخلص يترجم بالأفعال كالدفاع عن هذا الوطن بكل ما نملكه.
** **
- د. فهد بن سالم المغلوث