تشهد الحركة الدرامية السعودية هذه الأيام قفزة هائلة بفضل الدعم اللا محدود من قبل رؤية 2030 ممثلةً بوزارة الثقافة، فقد شهدت الدراما السعودية دخول مواهب كبيرة إلى الساحة في كل المجالات من الإنتاج والإخراج والتصوير والإضاءة والمونتاج والمؤثّرات السينمائية والتمثيل والمكياج وصولاً لأعمال الإنيميشن، وما إلى ذلك من الأدوات السينمائية، وحتى نتقدم خطوات في هذا المجال فإنه من المهم الخروج من بوتقة المشكلات الاجتماعية إلى فضاء المشكلات الملحة اليوم في واقعنا السعودي مع الاستمرار في تقديم الدراما الاجتماعية بكل تأكيد.
ما أعنيه هنا هو طرح أعمال تتعلق بالكشف عن كل ما له صلة بالمساس بالأمن وإثارة البلبلة والرأي العام ومحاولات الإرجاف من قبل دول ومنظمات وكيانات تحمل في أجسادها طفيليات كل طموحاتها الإضرار بالسعوديين، وأبسط الأمثلة على ذلك ما يحدث في وسائل التواصل الاجتماعي من انتحال للهوية السعودية من بعض مستخدمي التواصل الاجتماعي ممن ولد وترعرع في السعودية وأتقن لهجةً من لهجاتنا المتنوعة، ثم بدأ يتحدث باسمنا من خارج الوطن على أنه سعودي يبحث عن مصلحتنا من الجنسين الذكور والإناث، بينما هو حقيقة يريد إثارة الرأي العام والإساءة للسعوديين، كذلك من يلبس الزي السعودي في الغرب ويدعي أنه سعودي ثم يسيء لرجال المرور والشرطة هناك وكذلك المارة والمتسوقين لتشويه الزي السعودي في نظر الرأي العام في تلك الدول وكل من يصله ذلك التصرف الهمجي في أي بلد كان.
أيضاً قضايا النصب والاحتيال باسم استخراج القروض الحكومية للمواطن، وإدارة الأموال عبر الأسهم والفوركس والمتاجرة بالطاقة والإعلان عنها عبر وسائل التواصل من حسابات ليست سعودية، ثم إذا تم الاحتيال على المواطن البسيط لا يجد من يوجه له التهمة ليسترد حقه المنهوب، كذلك الحديث عن التضخم الذي يشهده العالم والأغلب لا يعرف عنه شيئاً لأن الدراما لا تصف لهم الواقع كما هو في تلك الدول، وكيف أن الحياة في دول الغرب والشرق مكلفة أضعاف الحياة هنا سواءً من ناحية السكن أو التكلفة الحيويّة، أيضاً يمكن تقديم صورة تخيلية لحياة السعوديين بعد الرؤية من استثمارات ولوجستيات وسلاسل توريد وسعودية خضراء وبيئة نظيفة وتقنيات وذكاء اصطناعي واكتفاء ذاتي في الغذاء والدواء واكتمال للحقوق المدنية والقضائية والتجارية والعمالية وقدرات سياسية واقتصادية وعسكرية، وكذلك في الحضارة الإنسانية والثقافة الصحية والرياضية لتقديم صورة تخيلية لما نسعى إليه من نشر للثقافة السعودية، بل يمكن دمج كل ذلك في عمل واحد بطريقة بديعة وذكية لتكون مسلسل متكامل الأركان، مليئاً بالفائدة والإثارة وهي سهلة جداً على أي كاتب، لديه القدرة على صياغة كل ذلك بكل يسر وسهولة.
إن الدراما باستطاعتها الاشتغال بكل ذلك وأكثر عبر تقديم قصة رومنسية مثلاً أو قضية فردية تدور أحداثها وتقلباتها ضمن مثل هذه القوالب فيتعرف المواطن السعودي على كل ما يحتاج إليه ويهمه دون شعور منه بأنه يتعلم، لأنه مهتم بالأحداث الإنسانية التي تمر على أبطال الأعمال، وبذلك نرفع من سقف الأعمال ونطورها حتى تكون بالفعل خير معين للمواطن السعودي في فهم الكثير مما يجري حوله لتحفظ له الدراما أمواله وأفكاره من العبث.
أصبحنا اليوم نمتلك كل الأدوات لإنتاج أعمال كبرى وبدعم حكومي كامل، فقط تنقصنا الفكرة المُلهمة، فالكتّاب لدينا قادرون على صياغة أي محتوى كبير عندما توجد الفكرة، ومثل هذه الأفكار أعتقد أنها ملحة جداً اليوم.
** **
- محمد المسمار
@m.almismar