تتبعت الحملة اللغوية المضادة لتعريب كلمة (ترند) وتفهمت الأدلة المطروحة الداعمة للرفض فوجدت أن أغلبها يتكئ على دافع ديني بحجة أن اللغة العربية لغة القرآن ويجب أن نحافظ عليها مع أنه لا يوجد في الشريعة نص ملزم يوجب علينا رفض دخول أي كلمة أجنبية، أما قوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، ففي الآية توكيد يثبت أن الله تعالى هو من تكفل بحفظ القرآن كونه نصاً مقدساً، وليس في الآية دلالات تحرم دخول مفردة أجنبية إلى اللغة العربية؛ وربما يكون الدافع الآخر دافعاً قومياً، يعني المحافظة على الهوية العربية؛ فماذا ستغيّر بعض كلمات تدخل في لغتنا استخدمها الناس منذ فترة؟ ماذا ستفعل تلك الكلمات بهويتنا؟! فهل أثرت كلمة (إنترنت) التي نستخدمها منذ عشرين عاماً بهويتنا، فالهوية أكبر من ذلك بكثير. ولو تأملنا التاريخ المنطقي للتعريب لتأكدنا أن التعريب لم يكن مؤسسياً، بل جاء التعريب في اللغة بشكل عفوي سلس، وتقبلته الألسن دون عناء وجدل، ولم يأت في خلدهم الخوف على اللغة، فالتداخل اللغوي بين الأمم معروف منذ خلقت الدنيا حتى عصرنا الحالي ومحاربته أو الوقوف ضده لن يجدي ويصعب تقبله عملياً، ويمكن أن نعتبر دخول المفردات الأجنبية إلى اللغة العربية دلالة على قوتها، وأن لديها المقدرة على استيعاب كل ما هو جديد بدليل أن القرآن ذاته استوعب ألفاظاً أجنبية مثل إستبرق والمشكاة والقسورة وأباريق، ولو كان القرآن لا يحبذ استخدامها لأتى بمقابلها مفردات عربية. ومنها يتبين لنا أن التعريب لا يعني الإتيان بمرادف ذي جذر عربي فقط كما يعتقد الكثيرون فيجوز في التعريب تعريب المفردة الأجنبية مثل (ترند) وإخضاعها لأحكام اللغة، فكلمة (ترند) في الحقيقة لم يعرّبها المجمع اللغوي، بل أقرَّ وجودها على ألسن العرب وأقرَّ إخضاعها لأحكام اللغة وهو أمر منطقي، فدعونا نفترض أنهم عرّبوها بكلمة جذرها عربي مثل (رائج) أو (متصدر) فليس بمقدرهم فرضها على الناس، بل سيكون مصيرها مثل مصير الشبكة العنكبوتية للإنترنت أو الرائي للتلفزيون أو المذياع للراديو أو غيرها من الكلمات التي لم تستخدم إلا في نطاق نادر، وهناك كلمات أجنبية لاكتها الألسن العربية ويتعثر فرض مرادف لها عربياً مع أنه موجود مثل (شاليه وشيول وآيسكريم ولستك).
وما العيب لو اكتسبت العربية مفردات جديدة وزادت على قوتها قوة، واكتسبت المزيد من الثروة اللغوية اللغوية مثل ما اكتسبت في العصور التاريخية السابقة.
وشخصياً أعد تعريب كلمة (ترند) نقلة جديدة للتعريب وفي منهجية التعريب فهو انفتاح فرضته ظروف العصر وخروج من الحرج اللغوي.
** **
- صالح سليمان الربيعان