الثقافية - مسعدة اليامي - شرفة على الفنون الأدبية:
القصة ذلك العالم المتماسك والجميل الذي يشبهُ حَبات اللؤلؤ في نظْمها حتى تكون عقدٌ في جيد حَسناء،ولا يجيد ذلك إلا محب محترف شُغف بعمله، وقد يكون ذلك قدر من كان الأدب بمختلف فنونه سيد فؤادهُ،وربما ذلك هوحال ضيفنا القاص ظافر الجببيري ..الذي كتب القصة القصيرة والقصيرة جدا من وحي مجالس والده ـ رحمه الله-،وقراءته المتباينة التي مدت بينهُ وبين فن القصة جسرا من المحبة والألفة إلى يومنا هذا.و لا ندري هل سيكون هناك خيانة مشروعه في يوم من الأيام،فيكتب الرواية بعدما صدر له خمس مجموعات قصصية،والمجموعة السادسة كما ذكر لنا في الطريق على أمل أن يجد ناشرا يمتلك ضميرا.
قصص من عالم الجن والأساطير
1ـ القصة.. كيف كان اللقاء وكيف تطورت العلاقة بينكما،و أيكما جذب الآخر إليه؟
-لا شك أن اكتشاف سحر الكتاب ثم ملازمته لوقت طويل (أعني القراءات الأولى) أوجدت شغفًا ووعيًا انتقائيًا باتجاه القصة والسرد دون إغفال موضوعات أخرى كالتاريخ والاطلاع على الصحافة الثقافية منذ تلك الفترة المبكرة، بالإضافة إلى الإصغاء إلى ضيوف والدي القادمين من جهات شتى ومن بيئات متباينة، وكانت الأحاديث والحكايات في مجلس الوالد -رحمه الله- تسحرني وتأخذ الخيال بعيدا لما فيها من غرائب وشخصيات وبيئات بعيدة عما ألفته في صباحات وأماسي قريتي، كنت أعطي كامل انتباهي لما يسرده هؤلاء (الغرباء) من أخبار وقصص بعضها من عالم الجن والأساطير، وفيها تنوع مذهل في أساليب السرد التي تميز الساردين مما يجعل ساعات العصاري وليالي السمَر مليئة بما يشدّ السمع ويخلب الوجدان ويغذي الروح بكل جديد، فضلًا عن الاختلاف الذي يميز القادمين في الزيّ وفي أساليب السرد، مع لغة جسد وتعبيرات صوتية وحركية عند بعضهم أثناء الحديث لا يزال صداها يرنّ في الذاكرة. كل ذلك أمدّ مخيال الطفولة بالكثير في فترة مبكرة من حياتي.
خصوبة الدراسة الجامعية
2ـ أي الشرفات الأدبية أخرجت من خلالها كتاباتك القصصية،و ماذا لديك من ذكريات عن ذلك الشروق؟
-كانت الدراسية الجامعية فترة خصبة في حياتي، ابتدأتُ النشرَ في الصحف الورقية بدءًا من صحيفة(رسالة الجامعة) أثناء الدراسة في جامعة الملك سعود مرورا بالملاحق الأدبية في البلاد والمدينة وفي عدد من المجلات كاليمامة والتوباد وفي المجلات العربية.
الفنون و القراءة تحدث أثرا إيجابيا
3ـ الموهبة لا تكفي، فماذا كنت تحتاج حتى تسقي بذرة الموهبة حتى أصبحت شجرة مثمرة في حقل القصة عند الجبيري؟
-شكلت القراءة رافدًا مهمًّا في حياتي، فبالإضافة إلى الثروة اللغوية، جعلتني المطالعة أتأمّل في المصائر التي أرى الأبطال والشخصيات في كل حالاتها، ويمكنني القول، إنها أمدتني في مرحلة مبكرة بحالات من التأمل في طبيعة الصراعات بين البشر، وكيف للجهل والطمع والظلم أن يصنع الكثير من الكوارث، وبالمقابل لمست كيف للرقي الحضاري والفنون والقراءة بوعي أن تحدث الأثر الإيجابي على الإنسان في واقع حياته، وفي مستقبله بل وعلى مستقبل البشرية.
كونت مكتبتي الصغيرة
4ـ كيف علاقتك مع خير جليس؟ وما أنواع الكتب التي تستميلك قراءة،و أفدت منها في كتابة القصص؟
-بوعي متواضع في البدايات، جعلتُ من قراءاتي الأولى عالمًا مفتوحًا على الاطلاع والتثقيف الذاتي، ولم يكن هدفي أن أصبح كاتبًا في حينها، أعني كانت هذه الأمور بمعزل عن مسألة الكتابة، فقد كنت أقرأ وأقرأ بنهم وأكوّن مكتبتي الصغيرة شيئًا فشيئًا، وكان مهمًّا عندي الخروجُ من تأثير المعلمين على قراءاتي، فوجدت نفسي أكثر حين أصبحت أختار كتبي من المكتبة الوحيدة في بلدتي، المكتبة التي كانت تبيع الكتب والقرطاسية وملابس الرياضة أيضًا.
أتذكر من الكتب التي شكلت علاقة أولية بالقراءة كتاب عدالة السماء، ثم اتجهت إلى المنفلوطي وترجماته ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ومحمد عبدالحليم عبدالله، وبعض الروايات المترجمة كالبؤساء وغيرها، واللافت في هذا الجانب، أنه لم تستهوني روايات عبير والروايات البوليسية على الرغم من قراءتي المبكرة لعدد منها!
الأندية الأدبية جزء من التاريخ الثقافي
5ـ ما هي علاقتك كأديب مع الأندية الأدبية،وخاصة نادي أبها الأدبي،وما هي الرؤية المستقبلية التي تتطلع لها لمستقبل الأندية الأدبية؟
-في فترة مبكرة من حياتي تواصلت مع نادي الرياض الأدبي، أثناء الدراسة الجامعية، وكنت سعيدًا بالتعرف على كثير من الأسماء وتكونت بعض الصداقات، وتوّج الأمر لاحقًا بأن نشر لي النادي العاصمي مجموعتي الثانية( الهروب الأبيض) عام 2008م ضمن النشر المشترك بين النادي والمركز الثقافي العربي.
أما المرحلة الثانية، فكانت مع نادي أبها الأدبي مرتادا ثم عضوا في إحدى اللجان المهتمة بالقصة، ثم عضوا في مجلس إدارته في تجربة الانتخابات التي شكلت بشارة كبرى، لكنها لم تستمر مع الأسف.
الأندية الأدبية اليوم جزء من تاريخ يلملم أوراقه بحزن عاشق فقدَ محبوبته، وأرجو لهيئة الأدب والترجمة والنشر وجمعية أدب كل التوفيق فهما خَيار وطن ومسار رؤية، فمحبو الأدب ومبدعوه ومبدعاته يعولون على هذه المؤسسات كثيرًا.
يلزم القول أيضًًا، إن الرؤية الواسعة العميقة للمشهد واستجلاء تفاصيله والحرص على خدمة الثقافة من الباب الواسع دون إغفال للرواد وتاريخهم، ودون خسارة ما بنته الأندية الأدبية من مقرات ومنجزات وآليات جيدة في معظمها في الوصول إلى المثقفين والكتّاب، وتقديم أفضل ما لديهم من إبداع؛ أرى كلَّ هذا كفيل بنجاح هذه المؤسسات الجديدة، فضلًا عما لدى القائمين عليها من طاقات وحماس ورؤًى في تحقيق الرؤية الخلّاقة لقطاع الأدب والثقافة لخلق مجتمع حيوي يساهم في كسر نمطية المؤسسات ونخبوية الثقافة.
تسهيل للباحثين
6ـ ما الأسباب وراء كتابة تاريخ الانتهاء من القصة عند ظافرالجبيري؟
-الأمر طريف بعض الشيء.. من جانب أعدّ هذا عادة قديمة، حين كانت الكتابة على الورق طريقة وحيدة قبل التحول إلى الكتابة على الحاسب الآلي ثمّ استعمال الأجهزة اللوحية في الكتابة، أقول: في مرات، أثبت التاريخ تسهيلا على الباحثين والنقاد الكرام الدارسين نقديًًّا لهذه الإصدارات! وعليه يكون تدوين التاريخ أحيانًا للمساعدة على الربط بين النص ومراحل الكتابة، وفي حالات أحذف التاريخ قبل النشر، بعد أن أكون وضعته في آخر سطر، وأحيانًا لا أهتم بتدوينه أصلًا، وعلى كلّ؛ لا أرى للأمر تفسيرا يمكن اعتماده غير الحالة المزاجية، أو بقايا حنين غامض ورغبة مؤقتة في أن يظل الشهر والعام ماثلين أمامي على صفحةٍ ورقية فيها بعضٌ من روحي ووجودي في المكان والزمان! وكأن التاريخ المدون شاهد على تلك اللحظات الحميمية رفقةَ ومضةٍ هطلتْ واستقبلتْها الحياة!!
الأمور عفوية
7ـ هناك قصص في مجموعاتك قُدمت على شكل هدايا،مثل قصة (الرقبة) إلى علي العمري ( قصة الرواية،رواية القصة) إلى يوسف المحيميد
وغيرهما،ما الغاية من ذلك،و هل القصص مرتبطة بواقعية الأحداث؟
-بعض الإهداءات تتعلق برسالة ما أو بحدث عابر أو قيمة من القيم أو توافقًا حول موضوع مشترك مع أحد الأصدقاء من الكتاب،بعضها مرتبط بفقد عزيز (الهروب الأبيض) أو استعادة ذكرى الأمّ كما في المجموعة الأولى. الأهم والأبقى هو إهداء الكتاب نفسه في أول الصفحات، وهكذا تسيرالأمور عفوية في أغلب الأحوال.
تحري المصداقية
8ـ الكاتب ابن بيئته أنتَ مع أو ضد ذلك،وما علاقتك بالقرية الحاضرة في قصصك؟
-للبيئة أثر مهم في تجربة الكاتب، بل إنها تحضر في التفاصيل، وتُظهر بشكل أو بآخر الصدى الوثيق بين ما يكتب وبين الحياة أو الحيوات التي تصطخب بالجوار! يجب على الكاتب أن يتحرى المصداقية وأن يكتب بوعي، أي ألا تكون البيئة في أدبه للزينة أو إثبات الخلفية الاجتماعية، بل يجب أن تكون داعمًا للأثر الفني، مما يجعل البيئة والمكان جزءًا من العمل وتأثيره في وجدان القارئ، ليكون كل ذلك ضمن توليفة القيمة النهائية للأثر الأدبي، أي حضور الكتاب وبقائه في ذاكرة المتلقي.
وضع المكان في قلب التاريخ
9ـ قصة (مشبب الرُّزيقي أو وصية ثيسجر) هل تصنف على أنها قصة تاريخية أومن محفوظات الذاكرة،وخاصة أن عمودها الفقري اعتمد على شخصيتين رئيستين في السرد للأحداث التاريخية،مثل هذه الكتابة القصصية ماذا تحتاج من الكاتب؟
-يمكنني القول: إن هذه القصة شكلت لي تحديا كبيرًا في تجربتي، فقد كان يشغلني أكثر من هاجس: وضعُ المكان في قلب التاريخ وتوظيف حادثة حقيقية( أعني زيارة الرحالة ثيسجر إلى النماص عام 1947م) والعملُ على إنجاز تخييل مناسب للحادثة بعد أكثر من نصف قرن على تلك الزيارة إلى قرية كانت منسية، مع إعطاء البعد الفني المناسب في عالم الكتابة الأدبية، بعيدًا عن الإشارة التاريخية العابرة. فبالإضافة إلى ترجمة القصة إلى الإنجليزية التي جاءت لاحقا، فقد حظي العمل وقت نشره في (موقع القصة العربية) بثناء كبير،وقد علق أحد الكتّاب بالقول :هذه بروفة رواية حقيقية.
عموما، يراودني يقين أن الحبّ للمكان والانتماء الواعي بالحالة هي المعوّل عليه كثيرًا في هذا الجانب. ففي القصة يحضر تاريخُ المكان وحاضرُهُ، مع الوعي بالصيرورة التي تعيشها أجيال القرية وإنسانها والرغبة في تخليد كل ذلك.
(بالمناسبة، توفي مشبب الرزيقي قبل سنوات قليلة، وفي زيارتي للمقبرة حيث يرقد، أو عند مروري أحيانًا بسورها خصصتُ له دعاء خاصًّا).
كلمات شائعة
10ـ ( حرمة،ملقوف،هلامة، خرعان)، كيف تتعامل مع تلك الكلمات حتى يكون صوتها مناسبًا مع سياق القصة،وغيرهما من المفردات التي تقال على الشخص حسب شخصيته،و لكن الشائك في المدلولات، فالكلمة قد تأخذ أكثر من معنى في البيئات الاجتماعية المحلية،فكيف يكون التعامل مع مثل ذلك الاختلاف؟
-حول هذا الأمر، لا أتخيل نصا قصصيا لا يتماس مع الواقع دون الاغتراف منه، ومن ذلك، الأحداث والمفردات والكلمات الدارجة التي تعكس في طياتها الكثير من المعاني والمشاعر وأثر البيئة والمستوى الثقافي للمتحدث فضلا عن الرغبة في إظهار التباين بين الشخصيات.
فعبارة (هلامة) على سبيل المثال، هي الكلمة المناسبة التي تمثل القائل وثقافته أو شخصيته، فـ(محمد بن هدّار) في قصة (هادي) يمثل النقيض لبطل القصة، ولهذا فاللفظة متناسبة مع الشخصية في لغتها وفي مستواها التعليمي والنفسي.. وفي العموم، الكلمة مستعملة ومفهومة في عموم مناطق المملكة وتمثل لهجة شائعة ضمن كلمات كثيرة انتقلت مبكرا - على الأرجح- من الجنوب إلى الطائف حيث تجري أحداث القصة في التسعينيات الهجرية. أما (حُرمة) فهي شائعة جدا، وهي تمثل حالة من حالات التعامل مع المرأة في الفضاء العام، ولدى مراجعة الجهات كالقضاء وغيره..
الأم مصدر الحنان وتنتهي إليها الحيوات
11ـ خطوات يبتلعها المغيب، أهديت هذه المجموعة إلى الأم،ثم كانت القصة الأولى بعنوان مرثية،ما تفسيرك لذلك الأنين المؤلم،وكيف تقرأ مجموعتك القصصية الأولى بالنسبة لأخواتها الأخريات؟
-أزعم أن المجموعة الأولى عرّفت القارئ على الكاتب ظافر الجبيري.. وظلت حاضرة في المشهد على أساس أن الكاتب ينطلق من القرية ويتمثّل تفاصيلها، وقد يكون هذا صحيحا بصورة عامة، لكنها أي القرية، وقد اختفى كثير من ملامحها، ولم يبق إلا القليل الذي تم القبض عليه عبر مخيال الطفولة، وعوالمها، ونداءاتها المستعادة، ذلك هو ما عبّرت عنه المجموعة. ومن الطبيعي أن تكون الأم حاضرة بقوة فهي مخزن كبير من العواطف ومصدر عظيم للحنين الطاغي أبدًا، ويمكن القول: تبدأ وتنتهي إليها حيوات أبطال قصص المجموعة الأولى، أما نص مرثية فهو نص المكان بامتياز، والمكان جزء مما ذكرت: طفولة خائفة حذرة وأشخاص هم شهود على الأحداث وجزء منها.عمومًا، هذه المجموعة هي خطوات انطلاق أوليّ وباكورة إنتاج وذكريات جميلة لا تنسى.ومن المفيد الإشارة إلى أن هذه المجموعة (خطوات يبتلعها المغيب) قد ذكرتُ بعضًا من ظروف نشرها في كتاب مشترك أصدرته الأستاذة هدى الدغفق عن نادي حائل الأدبي عام 2021م بعنوان (سير ناطقة).
صدور عمل روائي خيانة للقصة
12ـ أنت أبرمت صفقة مع الكتابة القصصية بأنك لن تكتب غيرها من الفنون الأدبية،أم أن هناك رؤية مستقبلية أخرى لأحد الفنون السردية؟
-صدور مجموعات خمس ضمن القصة القصيرة والقصيرة جدًّ أمر إيجابي، وقد يوحي بالتخصص، أوربما يشير إلى عقد غير معلن، أو صفقة رابحة أرجو أن تستمر.. وإن حصل غير ذلك وصدر عمل روائي، فهو خيانة للقصة، لكنها خيانة مرغوبة ومرحّب بها!
يتشكل بعين النقد الذاتي
13ـ كيف تشتغل على كتابة، تحضير مجموعة،اختيارعنوان القصة،اختيار عنوان المجموعة،وهل تستشير أو تستخير؟
-للحالة المزاجية، وكذلك الشعور وقت كتابة القصة دور في اختيار العنوان، هذا بشكل عام، وكما تكون المراجعة للقصة بعد الانتهاء من كتابتها، يحدث مراجعة العنوان أو اختياره، حينها يكون ذلك كله بعين الناقد الذاتي، وفي هذه الحالة تأتي المراجعة لكل شيء، أتذكر أن المجموعة الأخيرة تسوّل وحين صدورها، اتصل أحد الأصدقاء الشعراء يهنّئ و يثني على العمل، ويشيد بكون العنوان من كلمة واحدة فقط، وكان يتمنى أن التي قبلها (رجفة العناوين)، لو تم الاكتفاء بـ(رجفة)،فهناك ميل لدى بعض من نستشيرهم إلى التقشف اللغوي، وقد يصادف هوًى لديّ وقد لا أستسيغ الأمر، أعني التقشف المبالغ فيها، هذا عن الاستشارة التي لا تتم إلا في أضيق الحدود... العنوان تجلٍّ كأي نص، وفي حالة أخرى، قد يحدث تشاور مع الناشر في ذلك لأهداف رآهاها جاذبة أو تسويقية.
14ـ أنت من كتاب القصة القصيرة) ق،ق،ج) ماذا يعني لك ذلك الفن وكيف ترى وجوده اليوم،و ماذا عن مجموعتك القصصية تسول؟
-القصة القصيرة جدًّا حاضرة في تجربتي منذ المجموعة الأولى، بنص واحد،أدركت مبكرًا أن قصة( مساء صغير) نص لا يحتاج للمزيد، ولهذا فقد كان هذا النص مؤشرًا على الحاجة للإيجاز ،أوتجنب التطويل حين يمكن قول رسالة النص في كلمات أوحجم أقل.. ثم حضرت الـ( ق ق ج) فيما بعد ذلك من مجموعات، إلى الوصول المجموعة الأخيرة( تسوّل) التي جعلتها مقتصرة على هذا اللون السردي الحاضر بقوة في المشهد والمفضل لدى العديد من الكتاب اليوم.
القصة القصيرة جدًّا فنٌّ من أسباب انتشاره أنه يمثل الحياة السريعة لدى الكاتب والقارئ اللذين فيما يبدو باتا يفضلان التعبير عن واقع سريع خاطف، يتمثّل في الحياة المعاصرة، إلا إنه من الضروري عدم الاستهانة بكتابة الـ( ق ق ج) أو اعتبار كل سطر يُكتب بزعم الاختصار مجلّلًا بالغموض يجعل الشخص كاتبا متمكنًا في هذا المجال.وعن مجموعة تسوّل، أردتها أن تكون ضمن هذا الجو من التكثيف والمفارقة، والسخرية والإدهاش،والأنسنة، والاعتماد على الخاتمة المفاجئة أو الصادمة، والطرافة مع حركية الجمل الفعلية، وغيرها من سمات.وعلى سبيل التلميح، تسوّل قد يعقبها مجموعة أخرى حال اكتمال نصوصها والعثور على الناشر الذي يخاف الله!
قريب من كل الفنون
15ـ ما الفن الغنائي والمرئي الذي تتذوقه وتعيش معهُ في حياتك اليومية وفي محيطك الأسري؟ وهل أنت قديم أوحديث أومتجدد أصيل في ذلك؟ و هل تساهم الفنون الأخرى من وجهة نظرك وتساعد على تشكيل خط،و تنوع الكتابة القصصية؟
-تتعايش الفنون في عالمي اليومي بل تغلغل إلى داخل روحي، فأجدني قريبًا من كل الفنون الجميلة، فالغناء الأصيل له وقته وحالاته التي تجتاز بالروح كل حدود الزمان، وتقرب الخيال إلى حدود اللحظة أوالعكس! والسينما تأسرني بلغتها البصرية وانغماسها في التفاصيل مع سرعة الانتقال بالأحداث والشخصيات إلى ما يمتع البصر ويعمق المتعة ويصل بالمشاهَدة إلى مرحلة التطهيركما يسميها أرسطو، والأهم أن يأخذني ذلك من جوّ الأخبار ذات البؤس والكوارث والدماء وأنصاف الحقائق؛ وحين يصطادني أحد الأفلام بشيء مغاير، أستسلم حتى النهاية.
مشاهداتي متنوعة حتى الفنون الشعبية لها نصيب، فهي تأسرني بحضورها في أجواء الفرح والشجن، وتمثيلها لكثير من الحالات الإنسانية بعفوية وتجاوبٍ مع الكثير من الأحداث الراهنة.
المهم في كل هذا البهجة والمتعة والترويح واختيار الجميل في كل الفنون الحقيقية المعززة للوعي والأثر الجميل.
البيت الأساس
16 التدريب على صقل الموهبة الأدبية كيف ترى ذلك التوجه،وماذا يحتاج حتى يشكل أهم عمود في بناء المواهب المتباينة،لتكون قواعد ثابتة،
وليست محطات عبور؟
-إن كان السؤال عن رعاية المواهب وصقلها، وأثر الدورات التدريبية في نجاح المواهب في العبور إلى النجاح، فأرى أن البيت أساس في هذا.. ،ففي المجتمعات الغربية التي نصفها بأنها مجتمعات مفككة! يتم التركيز على التعليم كقيمة عليا، ومن ذلك رعاية النشء وتعويدهم على القراءة.. أي إن الكبار يقرؤون بصورة دائمة، والصغار ينشؤون في تلك البيئة القارئة، تلك أولى المعادلات ثم يأتي دور الموهبة في مجال الأدب، و مع اكتشاف الموهبة وصقلها وتنفّسها هواءً إبداعيًّا، ثمّ تسهم بقية الفنون في ترقية الذائقة ولا بأس بالدورات التعريفية المناسبة، وعليه أدعو إلى الاهتمام بهذه الجوانب في مجتمعنا.
جواهر الكلم في الختام
مسك الختام، ماذا تودّ أن تقول لقراء الثقافية؟
- شكرًا لـ«لجزيرة الثقافية»، صرح ثقافي كبير ننتظرصدور العدد الجديد بشوق دائم، لنتواصل مع جديد الإبداع والفكر والنقد والطرح المميز،شكرا لجمهوركم الكريم من القراء والمتابعين والمتابعات شكرا لك أستاذة مسعدة على هذا الحوار..