ما الغريب في تغوّل العاميّة في حالاتنا اللغويّة والثقافيّة، ما دام الدعاة الدينيّون أنفسهم -حرّاس الفضيلة والفصيحة بالأمس!- لم يعودوا في يومهم القمطرير هذا يجدون بأسًا في رواية الشِّعر العامّي ونشره وتشجيعه؟ بل لا يرون غضاضة من تلاوته من فوق منابر المساجد، مخلوطًا بالآيات القرآنية والأحاديث النبويّة الشريفة، مع أنهم قلّما يستشهدون بالشِّعر
...>>>...
(كانت الشمس تجمع سيلانها الأصفر نحو الغروب، وكان الغروب يجرجر مع نهاياته الحوافر والأظلاف وشقشقات الدجاج في الساحات، وكانت الآذان الفطنة تقتنص من غير حدس مزاليج الأبواب على المواشي) - من مجموعة أحوال الديار-.
في طفولته المبكرة انتبه عبدالعزيز إلى عملية تشكيل اللون - لا في محترفه الخاص - ولكن في ذلك الامتزاج الخصب الكامن في تعدد الألوان وتغيرها
...>>>...
قد لا نجد مشكلة في استعمال الكلمات أو العبارات المسكوكة لأنا نعرف وظائفها التي ترد فيها، ولكنّ لهذه الكلمات معانيها الأصلية التي قد لا يعلمها المستعمل اللغة، ومنها الفعل (سنح) الوارد في عنوان المداخلة، إذ قد يجيبك من تسأله عن معناه بأن المعنى (تهيأ) أو (جاء) أو ما شابه ذلك من الأفعال، وهو قول صحيح من حيث هو شرح للمعنى الوظيفي المستعمل؛ ولكنه
...>>>...
يراهن الكثير من المثقفين على أن الانتخابات الثقافية هي التي ستؤسس قاعدة التغيير والإصلاح الثقافيين في البلد! وأعتقد أن التراهن بهذا الطموح غير محمود العاقبة؛ ليس لأننا نّضيق المعالجة الإجرائية للقصور الثقافي فقط، ولا لأننا نحصر مفهوم التغيير والإصلاح الثقافيين في سلوك ثقافي آحادي غير مضمون الموضوعية والعدالة فقط، بل لأننا نمارس دون وعي اختصار
...>>>...
يقرر المنطق الأرسطي أن القضايا تنقسم من حيث مادتها إلى ثلاثة أنواع رئيسية: أحدها، القضايا اليقينية ويقصدون بها الأوليات والحسيات والمجربات و(المتواترات). الثاني، القضاياالظنية أي المشهورات والمقبولات والمظنونات. الثالث، القضاياالمشبهة باليقينية والمشبهة بالظنية كالوهميات ومن هنا فالمنهج المنطقي يتعاطى إستراتيجية الرفض للقضايا المتواترة فيمنع
...>>>...
(لا تقيموا علاقة ودّ مع الأشياء، فإنّنا راحلون)، ذلك ما يقوله اللاجئون والمطاردون والمنفيّون، وكلّ الذين لا يملكون مكاناً ثابتاً يسكنون إليه، ويوطّنون أنفسهم على العيش فيه، فيسمّى وطناً. تلك العبارة أنقلها على لسان الصديق القاص والمناضل الفلسطيني (رشاد أبو شاور)، الذي يوصي بها أهله كلّما انتقلوا معه إلى منفى جديد، وقد عرّج في حديثه حينما التقينا مؤخّراً في مهرجان (أبو العلاء المعري)،
...>>>...
يبدو لي أن سؤالي الذي فاجأت به الأستاذ محمود في الحلقة السابقة ترك لديه انطباعاً من نوع خاص، فقد أرشدني إلى كتاب عن المعلقات، وأين يباع. لكن إجابته تركت علامات استفهام في ذهني، كماء الذهب الذي كتبت به القصائد، وتعليقها على أستار الكعبة، ليقرؤها الناس، وهذا مناقض لما عرفناه عن العرب أنهم لا يقرؤون ولا يكتبون، فكيف لهم بقراءة المعلقات، ومن هو
...>>>...
ناقشنا سابقا الكتابة عن الفن، وصار من المحتم التحدث الآن عن الكتابة الفن.. بأخذ النص الأدبي في حالة من الخضوع الودي لأقصى حالاته الفنية «قصيدة النثر الحديثة» بصفتها نصاً غريباً على موسيقى الشعر لم تتم مناقشته حتى اليوم من وجهة نظر الفن المعاصر.
ليس السؤال هنا هو «لماذا قصيدة النثر الحديثة تحديدا؟» بل السؤال بالأحرى «متى تكتسب قصيدة النثر الحديثة صفتها كتطبيق للفن؟» لماذا النص الحديث مكتنز بهذا
...>>>...
ها أنتم حقيقة قائمة منفصلة كادت تغيب إلى الأبد. كل يوم تزدادون ترسخاً وتقتربون من الراحتين اللتين نسيتا حتى فتات الأماني في الزمن البعيد، والطرقات البعيدة التي عبرناها نترقب قبساً ضئيلاً في عتمة الليل البهيم. كأنكم قصة الإنسانية كلها، أو هكذا أحسست يوم نشأتم في ظلمات؛ لتنهضوا منها فجراً كأنه أول وأجمل فجر في تاريخ الإنسانية كلها. ويوماً بعد يوم تندفعون بعنف لنلتقي وجهاً لوجه، هناك في محفل
...>>>...
يكاد الرجل الروسي «إيفان» أن يشكل بحضوره وكلامه الشخصية الثانية، في رواية «عصفور من الشرق» للحكيم. وهو يؤدي دوراً مسانداً لدور بطلها محسن، في وصف أوروبا ومقارنتها بالشرق، من زاوية المديح للشرق والقدح في الغرب. وقد صنع خطاب الرواية إيفان لتأدية الغرض نفسه الذي تؤديه شخصية محسن وهو الدلالة على الغرب من خلال موقف فكري وتقويمي، لكن بعيون أخرى هذه
...>>>...