في شهر يوليو من عام 2015 احتفل إلون ماسك بعيد ميلاده الـ 44 في حفل باذخ استمر 3 أيام لعبت زوجته دوراً كبيراً في إعداده. حفلة دعي لها أفراد العائلة والأصدقاء.
كان ذلك قبل أعوام من تحول منصة تويتر إلى إكس وقبل أن تحظى شركة تسلا بعائد مالي كبير.
كان من ضمن الضيوف لاري بيج، المدير التنفيذي لشركة قوقل. في ذلك الوقت بدأ الذكاء الاصطناعي يلقي بظلاله على النقاش العام، حيث تم استخدامه للتعرف على القطط في تطبيق يوتيوب بنسبة 16 % فقط من الدقة.
مزاد علني على شراء الموهبة
في خريف عام 2012 نشر البروفيسور جيوفري هينتون والبالغ من العمر 64 عاماً حينها ويعمل في جامعة تورونتو مع اثنين من طلابه ورقة علمية أظهرت للعالم ما الذي يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي. لقد دربوا شبكة عصبية للتعرف على أشياء شائعة مثل الزهور والكلاب والسيارات.
تفاجأ العلماء حينها بدقة التكنولوجيا التي توصل إليها البروفيسور وتلامذته. من ضمن من لاحظ هذا التطور اللافت كان يو كاي وهو باحث في الذكاء الاصطناعي يعمل في شركة بايدو 1 baidu كان قد سبق له لقاء البروفيسور هينتون في مؤتمر بحثي. دفعت بايدو 12 مليون دولار للبروفيسور هينتون وللطالبين للانضمام للشركة في بكين. لم يوافق على الانضمام للشركة لكن شغله العرض المغري.
كان البروفيسور هينتون قد قضى جل عمره في الحياة الأكاديمية في أروقة الجامعات باستثناء مناسبات نادرة جمعته بشركة ميكروسوفت وقوقل، ورغم انشغاله في الحياة الأكاديمية أكثر من البحث عن المال لدى شركات التقنية العملاقة إلا مرض ابنه بالتوحد جعله يفكر ملياً بالأمر.
يتحدث د. هينتون لاحقاً بأنهم لم يعرفوا ما هي القيمة الحقيقية للمنجز العلمي الذي توصل إليه مع طالبيه. فقام بالتشاور مع محامين ومختصين وقرر أن يقيم مزاداً لبيع خدماتهم وسوف يكون المزاد في مؤتمر علمي للذكاء الاصطناعي.
علمت كبرى شركات التكنولوجيا بذلك قوقل، ميكروسوفت، وبيدو، وشركات أخرى إدراكاً منهم أن شبكات الكمبيوتر العصبية ستكون الطريق نحو آلات لا تتوقف قدراتها على الرؤية فقط وإنما ستكون قادرة على السمع والتحدث والكتابة وصولاً إلى التفكير.
بالنسبة للسيد بيج من شركة قوقل فقد شاهد تكنولوجيا مشابهة في قوقل برين في معمل ذكاء اصطناعيGoogle Brain (عقل قوقل) وفكر بأن د. هينتون سوف يأخذ البحث العلمي في هذا المعمل إلى أفق جديد.
ولذلك أعطى آلان أوستيس وهو أحد نوابه في شركة قوقل شيكاً مفتوحاً لجلب هينتون وطالبيه.
سافر كل من السيد أوسيتس بصحبة جيف جين وقو المسؤول عن معمل الذكاء الاصطناعي في قوقل إلى حيث يعقد المزاد. وقبل الاجتماع بليلة، اجتمعا على العشاء مع د. هينتون وطالبيه في الفندق الذي كانوا ينزلون فيه جميعاً. وفي تلك الأجواء المريحة أوصلا لهينتون الرغبة الحقيقية لدى قوقل في الحصول على خدماتهم مهما كلف الثمن.
وفي اليوم التالي بدأ د. هيتون المزاد ولوجود إصابة في ظهره تمنعه من مواصلة الجلوس مطولا قرر أن يدير المزاد من غرفته، بعد أن قلب حاوية النفايات الصغيرة رأساً على عقب ووضعها فوق طاولة ووضع فوقها جهاز كمبيوتره المحمول، وليومين متتالين راح يشاهد عروض الشركات.
قدمت كلٌّ من قوقل وميكروسوفت عروضهما. انسحبت الديب مايند DeepMind عندما وصل السعر إلى 20 مليون دولار ثم قفز إلى 25 مليون دولار. حتى ميكروسوفت توقفت عندما تجاوز السعر الـ 30 مليون دولار، لكن عادت وانضمت للمزاد مجدداً عندما وصل السعر إلى 37 مليون دولار.
لم يصدق د. هينتون ما كان يحدث أمام عينيه وكأنه فيلم سينمائي.
بعد ذلك قررت شركة ميكروسوفت أن تنسحب فلم يبق سوى بايدو وقوقل. وصل السعر إلى 42 مليون دولار حتى توقف أخيراً عند 44 مليون دولار برغبة من د. هينتون بإيقاف المزاد وقرروا العمل لدى قوقل.
كان من الواضح تصميم الشركات العملاقة على شراء أغلى المواهب في الذكاء الاصطناعي مهما كلف الأمر.وهذ أمر كان يفهمه جيداً د. حسابيس في ديب ما يند، العقل العميق DeepMind الذي كان دائماً يخبر موظفيه بأن شركة العقل العميق ستبقى مستقلة دائماً كأفضل طريقة للتأكد من أن ما يطورونه من تكنولوجيا لا يحمل في طياته خطراً ما.
ولكن في الوقت الذي رأى فيه كبرى الشركات تنافس بعضها البعض في مجال الذكاء الاصطناعي قرر أن يبيع هذه الشركة.
في نهاية عام 2012، أبدت كل من قوقل وفيس بوك رغبتهما بشراء الديب مايند لكن اشترط د. حسابيس واثنين من المؤسسين شرطين: الأول: أن لا تستخدم أي تقنية طورتها الديب مايند في عمليات عسكرية. الثاني: أن يبقى برنامج A.G.I الذكاء الاصطناعي العام خاضعاً لإشراف مجلس مستقل مكون من خبراء في التكنولوجيا ومراقبين يهتمون بالنواحي الأخلاقية للعمل العلمي.
عرضت قوقل 650 مليون دولار وعرضت فيسبوك مبلغاً أكبر لكن من غير موافقة على هذين الشرطين. في نهاية الأمر استحوذت قوقل على شركة الديب مايند.
بالنسبة لمدير شركة الفيس بوك زوكر برق فإنه كان مصمماً على بناء معمل ذكاء اصطناعي خاص به. ووظف فيه يان ليكان لتشغيل المعمل، ويان هذا عالم كمبيوتر فرنسي مرموق يشار له بالبنان في البحوث المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. بعد سنة من المزاد الذي أجراه د. هينتون توجه كل من زوكربرق ود. ليكان إلى مؤتمر الذكاء الاصطناعي في نفس البلدة التي عقد فيها المزاد، وقابل زوكربرق عدداً كبيراً من الباحثين المختصين وعرض عليهم العمل في معمله مقابل مبالغ مغرية جداً.
وهكذا أصبح الذكاء الاصطناعي الذي كان فكرة لا يعبأ بها مجال تنافس كبيراً بين أغنى أغنياء السليكون فالي يدفعون في هذا السباق المحموم مئات الملايين من الدولارات حتى لا يبقوا متخلفين عن الركب.
المجلس الأخلاقي المفقود
عندما بدأ ماسك استثماره في شركة الديب ما يند تخلى عن أحد مبادئه المعروف بها، وهو أن لا يستثمر في شركة ما لم يكن هو من يقودها بنفسه. المشكلة هنا كانت واضحة له عندما وجد نفسه وجهاً لوجه مع السيد بيج مدير شركة قوقل بعد شهر واحد من حفلة عيد الميلاد تلك، ذلك الصديق القديم.
المناسبة كانت أول اجتماع للمجلس الذي يهتم بأخلاقيات البحث العلمي في شركة الديب ما يند في 14 أغسطسمن عام 2015. كان المجلس مصراً على تطبيق المبدأ القائل أن لا شيء من التكنولوجيا المطورة من قبل الشركة سيستخدم في إحداث أضرار ويتسبب في أخطار للبشرية.
لكن هذا الأمر تغير بعد استحواذ قوقل على الديب مايند. لا يزال ماسك فيها. لم يكن شخصاً سعيداً بهذا الجانب بالرغم من أن له حصة كبيرة من الأسهم في هذه الشركة. لكنه لا يسيطر على مجريات الأمور فيها.
كان يتحكم في الديب ما يند ثلاثة مدراء تنفيذيين من قوقل: السيد بيج والسيد سيرجي برين وهو أحد مؤسسي قوقل ومستثمر في مشروع تيسلا والسيد إريك سشميدت أحد كبار المدراء التنفيذيين في قوقل. ومن ضمن الحاضرين كذلك كان ريد هوفمان أحد المؤسسين لنظام الدفع الآلي المشهور PayPal وكذلك توبي أورد وهو فيلسوف أسترالي متخصص في دراسة الأخطار التي تهدد الوجود البشري.
في هذا الاجتماع أكد مؤسسو الديب ما يند (العقل العميق) بأنهم يدفعون بالذكاء الاصطناعي نحو التطور، ولكنهم باتوا متيقنين بأن هذه التكنولوجيا تحمل في طياتها خطراً.
قدم السيد سليمان المؤسس الرئيسي للديب مايند إفادة أسماها The Pitchforkers Are Coming ويمكن أن تترجم للآتي: الحشود الغاضبة قادمة. أخبر سليمان الحاضرين أن الذكاء الاصطناعي سيقود إلى انفجار في نشر معلومات غير صحيحة. فبما أن الذكاء الاصطناعي سيقضي على الوظائف بشكل غير محدود فسوف يتهم الناس شركة قوقل بأنها سرقت منهم وظائفهم. وسوف تضطر قوقل لمشاركة أرباحها مع ملايين البشر الذين لم يعد في مقدورهم الحصول على وظيفة تؤمن لهم دخلاً.
وافقه ماسك الرأي على الفور، ولكن كان من الواضح أن الضيوف من قوقل لم يقتنعوا باحتمالية أن يصل العالم إلى مرحلة أن تقوم الشركات المنتجة للذكاء الاصطناعي تعويض رواتب البشر بعد أن أصبحت الآلات تقوم بما كانوا يقومون به من أعمال. بل إن السيد سشميدت علق بقوله بأن ما أثاره سليمان ضرب من المبالغة في القلق لا أكثر. في حين قال بيج بأن الذكاء الاصطناعي سيخلق وظائف أكثر مما يسلب.
بعد ثمانية أشهر من هذا الاجتماع خرجت شركة الديب ما يند باختراع أذهل مجتمع الذكاء الاصطناعي والعالم. آلة اسمها ألفا قو AlphaGo تفوقت على أفضل لاعبي العالم في لعبة قديمة تسمى قو Go . 2 بثت المباراة على الإنترنت وشاهدها أكثر من 200 مليون إنسان حول العالم. الغريب أن أغلب الباحثين توقعوا أن الذكاء الاصطناعي سيحتاج إلى عشر سنوات أخرى حتى يتمكن من تحقيق هذه النتيجة.
كان هذا الحديث يشهد بصدق توقعات من حذروا بشكل مبكر من الذكاء الاصطناعي.
كان القلق يعتري مؤسسي الديب مايند DeepMind مما يمكن أن تقوم به قوقل بالاكتشافات التي توصلت لها الديب مايند. لذلك بحثوا عن طريقة لمغادرة قوقل، لكن في عام 2017، تمكنت قوقل من إسكات هذه الرغبة عن طريق زيادة رواتب موظفي الديب مايند ومنحهم أسهم في الشركة.
جدير بالذكر أنه لم يعقد اجتماع ثانٍ للمجلس الذي يناقش أخلاقيات البحث العلمي في الشركة مرة أخرى.
الانفصال:
بعد أن أدرك ماسك بأن نظرة بيج التفاؤلية لم تؤدِّ إلا إلى مزيد من الاقتناع بخطورة الذكاء الاصطناعي وقد كلفه ذلك خسارة شركة الديب مايند. قرر ماسك أن يبني معمله الخاص.
في أواخر عام 2015 تم تأسيس أوبن أي آي OpenAI بعد أشهر فقط من لقاء ماسك مع سام ألتمان في فندق في السيليكون فالي. دفع ماسك أموالاً طائلة في هذا المعمل. وانضم له رفقاؤه كل من هوفمان وثيل. وتعهد ثلاثتهم مع آخرين أيضاً على دفع مليار دولار في هذا المشروع. وطلب من ألتمان الذي كان عمره 30 سنة في ذلك الوقت طلب منه أن يشغل هذا اللاب. ولكي يبدأوا العمل في المعمل استقطبوا د. سوتسكيفر من قوقل الذي كان طالباً يعمل مع د. هينتون.
في البداية أراد ماسك أن يشغل الأوبن أي آي كمؤسسة غير ربحية حرة من الحوافز الاقتصادية التي كانت توجه أعمال شركات ضخمة مثل قوقل وغيرها. ولكن عندما صدمت قوقل العالم بمباراة لعبة الغو، غيَّر ماسك رأيه في الطريقة التي يجب أن تدار بها شركة الأوبن أي آي. أراد بشدة أن تحقق الأوبن أي آي شيئاً يخطف أنظار العالم ويقلص المسافة بينه وبين شركة قوقل ولكن شركة غير ربحية من الصعب عليها أن تحقق ذلك.
في نهاية عام 2017 وضع خطة تشغيلية للمعمل حيث أسند هذه المهمة إلى شركة تسويقية هدفها التركيز على زيادة أرباح الشركة من خلال المبيعات لتنضم في ذلك إلى شركة تسلا وتعتمد على كمبيوترات ضخمة طورتها تسلا.
سحب ماسك عملية تشغيل المعمل من ألتمان، مما أغضب شركاء ألتمان فاتحدوا في الوقوف في وجه ماسك لئلا يستمر في ذلك فكانت النتيجة قرار ماسك بترك الشركة والتركيز على معمله الخاص فيه في شركة تسلا. في فبراير عام 2018 وفي اجتماع مع كبار الموظفين أعلن ماسك رحيله عن OpenAI وقال حينها إن أوبن أي آي تحتاج للتحرك سريعاً، فوصفه أحد الباحثين الحاضرين بأنه شخص متهور. مما أغضب ماسك حينها ونعت الباحث بالغبي ثم غادر.
وهكذا فجأة وجدت أوبن أي آي نفسها في حاجة إلى تمويل عاجل.
توجه ألتمان إلى سان فالي Sun Valley لحضور مؤتمر، وهناك قابل ساتيا ناديلا المدير التنفيذي لشركة ميكروسوفت. لم يكن غريباً أن يقصد ألتمان ميكروسوفت للمساعدة حيث يعرف المسؤول عن التكنولوجيا في ميكروسوفت كيفن سكوت. كذلك ميكروسوفت اشترت موقع لينكد إن LinkedIn من هوفمان وهو أحد أعضاء الإدارة في شركة OpenAI . طلب ناديلا من سكوت أن يتولى شأن التمويل المطلوب وتمت الصفقة في 2019.
استطاع ألتمان أن يبني شركة استثمارية لكن ضمن الشركة الأصلية غير الربحية. لديهم مليار دولار كما أن ميكروسوفت لديها طريقة جديدة لبناء ذكاء اصطناعي على سحابتها الحاسوبية الضخمة.
لم يكن جميع الموظفين الفاعلين في أوبن أي آي سعيدين بذلك.
كان داريو أمودي باحثاً في الأوبن أي آي وتربطه علاقات بما يسمى المجتمع الإيثاري الفاعل، وكانت مهمته قيادة الجهود في المعمل لبناء شبكة عصبية تسمى نموذج اللغة الواسعة بحيث تستطيع أن تتغذى من معدلات ضخمة من النصوص الرقمية. فعن طريق تحليل مقالات لا حصر لها من ويكيبيديا والكتب الرقمية أو أي نصوص رقمية أخرى تقوم هذه الشبكة ببناء نص خاص فيها. لكن أحياناً تحدث أخطاء. سميت 3-GPT، وأطلقت عام 2020.
في داخل أروقة ال OpenAI وقوقل وشركات أخرى كان يعتقد بأن التوصل إلى الذكاء الاصطناعي العام مسألة وقت، وذلك بعد أن رأوا التطور السريع لهذه التكنولوجيا تحت أيديهم.
لكن لماذا كان د. أمودي Dr. Amodei غير سعيد بالصفقة المبرمة مع ميكروسوفت؟ اعتقد أنها ستأخذ ال OpenAI إلى اتجاه تجاري بحت. حاول هو وآخرون ثني ألتمان عن ذلك لكن فشلوا. فقرروا الرحيل. وكمثل ال DeepMind التي اعتقد مؤسسها أن تداخل البحث العلمي مع الشركات الكبرى وانحراف الاتجاه من البحث إلى الاستثمار سيؤدي حتماً إلى تغليب المصالح الشخصية بتحقيق الأرباح على الاهتمام بجانب الأمان الذي يطال الجميع دون استثناء.
في عام 2021 اتفق خمسة عشر مهندساً وعالماً على بناء معمل أسموه الآنثروبيك3. وخطتهم أن يبنوا ذكاءً اصطناعياً وفقاً لمعايير «المجتمع الإيثاري «مع الاهتمام بخلق آلية تحكم صارمة.
لم تحاول مجموعة الإنثروبيك إزاحة ألتمان من المشهد. وخلصوا إلى أنهم كمؤسسين لهذه المجموعة عليهم أن ينفصلوا عن ال OpenAI ويبنون شركتهم الخاصة.
قبلت آنثروبيك 4 مليارات دولار من أمازون ومليارين من قوقل بعد ذلك بسنتين.
الانكشاف:
بعد أن حصلت OpenAI على مليارين من ميكروسوفت زار ألتمان وإداري كبير آخر في الشركة وهو قريج بروكمان، زارا بيل قيتس في واشنطون. لم يكن بيل قيتس منشغلاً بالعمليات اليومية لشركته الضخمة لكن أبقى على اتصالات طفيفة مع المديرين التنفيذيين.
أخبر غيتس زائريه بأنه يشك في قدرة نماذج اللغة الواسعة على العمل بشكل جيد حتى يثبت العكس. وكيف يثبت العكس ياغيتس؟ جوابه: تقوم هذه التكنولوجيا بأداء اختبار يتطلب تفكيراً معقداً على سبيل المثال تحقيق النجاح في اختبار متقدم في علم البيولوجيا (الأحياء).
بعد خمسة أشهر وتحديداً في أغسطس 24 من عام 2022 عاد كل من ألتمان وبروكمان إلى غيتس وأحضرا معهما باحثاً من ال OpenAI تشيلسي فوس. كانت تشيلسي فوس قد سبق وأن حققت إنجازاً عالمياً في أولومبياد البيولوجيا (الأحياء) كباحثة مرموقة. حضر هذا الاجتماع أيضاً ناديلا ومدراء آخرون من ميكروسوفت.
على شاشة عرض رقمية ضخمة داخل بيت غيتس استعرض طاقم فريق ال OpenAI تقنية ال الجي بي تي 4
. GPT-4
أعطى بروكمان النظام اختباراً متقدماً في البايولوجي (علم الأحياء) عبارة عن اختيارات متعددة وطلب من الباحثة فوس تقييم الإجابات.... أجاب النظام بشكل صحيح وشرح سبب اختياره للإجابة مع أنه كان مطلوباً من النظام فقط اختيار الإجابة وليس تفسيرها، فتفسير الإجابة لم يكن مبرمجاً.
كان هناك 60 سؤالاً. إجابة واحدة فقط كانت خاطئة.
أثار ذلك دهشة غيتس. واعتقد أن الجي بي تي يمثل ثروة تكنولوجية بنفس الدرجة التي كان فيها تطور الجرافيك أساساً لظهور الكمبيوتر الشخصي في عام 1980.
في أكتوبر عام 2022 أضافت ميكروسوفت التكنولوجيا إلى خدماتها الأخرى بما في ذلك محرك البحث بينق Bing . وبعد ذلك بشهرين أطلقت ال ChatGPT chatbot : OpenAI يستخدمها اليوم أكثرمن مائة مليون إنسان أسبوعياً.
وهكذا وجهت ال OpenAI ضربة لمجموعة الأنثروبيك. سارع بيج مدير قوقل لإطلاق منتجه بارد Bard.
لكن كان من الواضح تفوق ال OpenAI . بعد ثلاثة أشهر من إطلاق ال ChatGPT فقدت قوقل 11% من قيمتها السوقية.
أما ماسك فلم يبرز اسمه هذه المرة.
الهوامش
وعلى أي حال يبدو أن تطور الذكاء الاصطناعي في:
1 بايدو هي شركة إنترنت صينية عملاقة
2 الغو لعبة صينية قديمة تلعب على لوحة منقسمة بتسعة عشر سطراً قائماً وتسعة عش سطراً تقطعها في زوايا قائمة. وفي لعبها يتبادل لاعبان في وضع أحجار من لونين يتحكم كل لاعب بالأحجار من أحدهما على مقاطع السطور وفي لوحة عادية هناك 361 منها. ويتبارى اللاعبان في الإحاطة بأكبر قطر تحددها أحجار من لون واحد. ومع أن قواعد اللعبة بسيطة فإنها تتطلب استرتيجيات ومن الممكن أن يقضي الإنسان وقتاً طويلاً وهو يتعلمها ولا يفهمها فهماً كاملاً.
3 هذا المصطلح يطلق للتعبير عن التضامن مع الحياة الإنسانية وتغليب القيم الكونية.
** **
- أحمد بن سليم الحجيلي
Anthropic