سعد السعود
انتهت الحكاية.. ومات البطل.. ويا للمفارقة اختار طقوسه الخاصة.. في ذات اليوم الذي توّج فيه الشباب بالذهب الفاخر قبل عام في الجوهرة.. غادر المشهد واختار السقوط بمكان آخر فخم في ملعب الدرة.. وكأني به يقول: هم يحسدوني على موتي فوا أسفا.. حتى على الموت لا أخلو من الحسد.
هكذا أمضى الليث آخر ورقة من موسمه مساء الجمعة.. منح الفريق إجازة عن المنافسة.. ومنح المحبين التعاسة.. ليجفف العاشق مدمعه.. ليردد مشجعه: رب ليل قطعته بانتحاب.. رب دمع هرقته (على الشباب).
هكذا صنعت الإدارة بالفريق.. حولته من بحّار في سفينة البطولات إلى أشبه بالغريق.. استلمت الفريق وهو بطل.. ليضحي مريضاً يحتاج للطب.. وسط صمت الإدارة وتصفيق كم مطبل.
هكذا صنعت الإدارة بالفريق إعلامياً.. استلمت الفريق وهو ملء البصر بالإعلام.. فأصبحنا بالكاد نسمع اسمه ليخفت نجمه ويعاني الظلام.. واستلمت الليث وقد وأدت عبارة الأربعة كبار.. لتعيدها للواجهة هذا العام مع هذا الانهيار.. واستلمت الشباب وهو يُهاب والصحف تتسابق نحوه على أي تصريح.. لتصبح الصحافة هذا الموسم تتحدث علانية عن بيع لاعبي الشباب صراحة وتلميحا.
هكذا صنعت الإدارة بالفريق فنياً.. استلمت اللاعبين وهم نجوم.. فتحولوا معها لأشباح لا تحسن الدفاع ولا حتى الهجوم.. مع أربعة مدربين في موسم في سابقة لم يفعلها أي فريق.. حتى لو كان هذا الفريق من موزمبيق.. وسبعة أجانب كلهم مقالب لم يجلبوا سوى الخسارة.. وبظني لا يخفق في كل هذا العدد من الخيارات حتى فريق حارة.
هكذا صنعت الإدارة بالفريق تنافسياً.. استلمت الفريق وهو بالدوري وأسوأ ترتيب من سنوات كان الرابع.. لتدحرجه إلى الخامس بمستوى متواضع.. ولولا- بعد الله- ما حققه من نقاط في الجولات الأولى.. لأمسى ينافس الشعلة والعروبة على الهروب من الدرجة الأولى.. استلمت الفريق وقد وصل لنصف نهائي كأس سمو ولي العهد.. ليخرج معها أمام الخليج بأقل جهد.. واستلمت الفريق بطلاً لكأس الملك في الجوهرة.. ليمنحه التعاون بكل سهولة تذكرة المغادرة.. واستلمت الفريق وهو يتأهل سنوياً لآسيا وتصدر مجموعته بآخر نسخة.. لتخرجه من النسخة القادمة ويتذيل معها ترتيب مجموعته وهو يجر الخيبة.
ومع هكذا جرد حساب مخجل.. لم نستغرب والمدرج إلا ما قل.. وهو يردد أكثر من مرة: ارحل.. ارحل.. فالشبابيون اعتادوا على فريقهم وهو البطل.. ولم يكونوا يوماً هم أول من يتمتع بالإجازة من المنافسة بل كان الليث هو من يمنح العطل.. ولذا فالحديث عن عدم الفشل.. هو حديث لا يمكن أن يقبله أي عقل.. حتى لو جُلبت للواجهة بطولة السوبر وقرع لها الطبل.. بدليل أن الإدارة حالياً تطالب بالفرصة وتتحدث عن أن موسماً (كاملاً) ليس وقتاً كافياً للحكم على العمل.. فكيف نحكم إذن على بطولة في افتتاح الموسم بأنه نتاج عمل.
عموماً وبعدما أعلنت الإدارة رغبتها في الاستمرار رغم ما قدمته من كوارث ذكرت بعضها فيما مضى من سطور.. وأعلنت فضائياً عدم التفاتتها لمطالب الجمهور.. فأتمنى من الأمير خالد بن سعد فيما هو قادم بأن يضع تجربة الأمير فيصل بن تركي ماثلة أمامه.. عندما حول مطالبات الجماهير له بالمغادرة إلى الإشادة فيه بل وعمل تيفو باسمه.. ليس هناك حكم مطلق، لكن هناك عمل دؤوب.. يبدد الأوهام ويحقق الأحلام.. يعيد للفريق بريقه وعندها تسمع من المنتقد قبل المطبل تصفيقه.. فمن أراد لؤلؤاً فعليه بالغطس في البحر.. وليتذكر كل من يعمل أن السقوط ليس فشلاً وإنما البقاء حيث سقطت هو الفشل.
أخيراً، فما يحتاجه الشباب باختصار: مدرب كفء ذو قيمة فنية بدلاً من أشباه المدربين والمتدربين.. ولاعبون أجانب يصنعون الفرق للفريق في مراكز: قلب الدفاع والمحور وصانع اللعب والهجوم ليكون عمود الفريق من حديد لا يلين.. وجهاز إداري قوي تشعر بوجوده وعمله ليؤدي مهامه بكفاءة لا تألو جهداً ولا تستكين.. ولاعبون محليون، فالإحلال بلا استقطاب يعني أن الفريق سيعاني الأمرين.. علاوة على عقود رعاية فلا يمكن لفريق أن يقف على قدميه فقط بدعم الشرفيين.. وختاماً وهو الأهم عدم التضييق على المنتقدين المنتمين.. فالنتائج أثبتت نظرتهم على المدى البعيد.. فصديقك من صدق معك وإن ضايقك لا من كان من زمرة المصدقين المصفقين.
آخر سطر
أبلغ رسالة.. أتمنى أن تسمعها وتعيها الإدارة.. ويدركها من حولها.. قالها حسن معاذ عندما صرح بعد الخروج أمام التعاون: (هذا الموسم من أسوأ المواسم التي مرت عليّ من سنوات).. فهل أقرب من حسن معاذ للفريق؟