صيغة الشمري
لاشك أن الوزراء الجدد يعرفون خطورة مواقع التواصل الاجتماعي وخطورة أن تجد نفسك بالصوت والصورة تجوب أصقاع الدنيا غير قادر أن تشرح وجهة نظرك أو تبين أسباب ماحدث، كما حصل مع وزير الصحة الذي لم يتوقع أن يتطور المشهد لهذه الدرجة التي يصعب تخيلها حيث أصبح ماحصل قضية رأي عام تقف بصف المواطن وتنتقد رد فعل الوزير الذي كشف عن ضعف في جانب التعامل مع وسائل الإعلام الاجتماعي..
إذ لم يكن خافياً عليه أن الموقف يتم تصويره صوتاً وصورة، مما يكشف أن الوزير لم يكن لديه مكتب إعلامي متخصص يعد له ما يجب قوله وما يجب الابتعاد عنه، حيث إن الأمر لا يبدو بتلك الصعوبة والاستحالة في نفس الوقت الذي يجب فيه عدم الاستهانة به وإهماله، لأن المسؤول الآن غير مسؤول الأمس لعدم وجود مواقع التواصل الاجتماعي في الزمن السابق، الآن يجب على المسؤول -أياً كانت درجة مسؤوليته- أن يعرف أنه تحت عيون الكاميرات من خروجه من بيته حتى عودته إليه.
وزير التعليم الجديد -بالمناسبة- لديه حماس تجاه النجاح والتغيير نحو الأفضل ولا أحد يستطيع التشكيك في إخلاصه واجتهاده في تحقيق نقله نوعيه يكتبها التاريخ باسمه مع علمنا بوجود بعض العوائق التي تعترض طريقه غير المفروش بالورد نظراً لأنه يتولى أهم وأكبر ملف يتعلق بالوطن وتعليم الأجيال وتحسين مخرجات التعليم، وجد وزير التعليم نفسه تحت تهديد مخترق مواقع (هكر) يزبد ويرعد إن لم يتواصل معه وزير التعليم بشحمه ولحمه فسوف يقوم بتمزيق شحم ولحم السرية عن معلومات آلاف الطالبات ونشر بياناتهن عبر الفضاء الإليكتروني مما جعل معالي الوزير أن يأتي إلى الهكر الصبي الذي يتضح من اسمه مدى استهتاره وعبثيته وإيمانه بالتهديد والابتزاز لتحقيق مطالبه، استجاب الوزير لمختطف المواقع (مرجوج هزازي)، الذي هدد في نهاية حديثه وتوعد الذين يتجاهلون (مبدعين) أمثاله -حسب تعبيره- حيث قال حرفياً: «ماني زعلان لكن مقهور أن هناك شباباً سعوديين مبدعين مثلي وغيري وتجاهلتمونهم يستطيعون حماية بياناتكم بأقل الأسعار».. وهذه من سلبيات انتشار المواقع الاجتماعية أن هناك مرتكبي جرائم إليكترونية يعتقدون أنهم صالحون للعمل وحمل الإمانة في أماكن حساسة مثل وزارة التعليم، وهم في حقيقة الأمر مجرمون تتم مطاردتهم والقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمة.
إن مجاملة ومنح التقدير من قبل وزير دولة لشخص مجرم لهي ظاهرة خطيرة إلا إذا كان الوزير لا يعتبر اختراق المواقع إجراماً، ولعل الوزير خلط بين تصرفات مسؤولي القطاع الخاص ومسؤولي القطاع العام، نحن أمام ظاهرة خطيرة غير مسبوقة لتشجيع الإجرام، ما الفرق بين هذا المخترق وبين شخص يدخل مدرسة بنات بطريقة محترفة ويرفض الخروج دون توظيفه والاعتراف بإبداعه، على وزارة التعليم أن تطور أنظمة حماية مواقعها عبر شركات محترفة ذات باع طويل في هذا المجال وليس عبر أفراد مراهقين يملكون عقلية الابتزاز والتهديد.
إن تصرف الوزير وهو من أنشط الوزراء الجدد وأسرعهم في إدخال التغيير والتجديد في الوزارة سيفتح الباب أمام (الهكر) لتجريب مهاراتهم الإجرامية في اختراق المواقع والمطالبة بالنظر إليهم كمبدعين وتلبية طلباتهم.