محمد بن فهد العمران
منذ دخولي مجال الإعلام الاقتصادي قبل نحو عشرة أعوام، لم أضحك كما ضحكت قبل أيام عندما تمت استضافتي مع بعض الزملاء الاقتصاديين في برنامج «الثامنة مع داود» لمناقشة قرار مجلس الوزراء الموقر حول إقرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء وانعكاسات هذا القرار على سوق العقارات، حيث يكمن الضحك في الإسقاطات والمغالطات المتتالية التي مارسها أحد الزملاء تجاه أبسط المفاهيم الاقتصادية التي لا تخفي على طلاب مادة مبادئ الاقتصاد و تجاه الوضع الحالي المتردي لقضية الإسكان في المدن الرئيسية بالمملكة و التي لا تخفى على أحد أيضاً.
فالزميل اختزل مشكلة الإسكان في بطء تطوير المخططات داخل النطاق العمراني فقط، و عندما وجهت له سؤالا عن وضع المخططات المطورة ذات المساحات الضخمة و التي تقدر بعض الدراسات حجمها بنفس حجم المخططات غير المطورة؟ و ماذا كان ملاكها يفعلون بها لسنوات طويلة؟، لم أجد منه إجابة و مارس الالتفاف على هذه الأسئلة المحرجة !! ثم انتقل بعدها ليؤكد لنا بأن فرض الرسوم سيرفع من أسعار الأراضي البيضاء بحسب وجهة نظره، و عندها سألته: لماذا إذاً يعترض العقاريون طالما أن الرسوم ستخدم مصالحهم؟ و لماذا لا يشترون الآن طالما أنهم يرون الأسعار سترتفع؟ أيضاً لم يجب على هذه الأسئلة المحرجة و مارس الالتفاف !!
ثم إنتقل الحوار إلى أن قرار فرض الرسوم قد يتسبب بضرر للأفراد الذين قاموا فعلاً بشراء مساكن عن طريق التمويل و هنا وجد زميلنا فرصة للإسقاط على قرار فرض الرسوم، حيث أن هبوط أسعار العقار سيسبب ضررا على هؤلاء الأفراد إلا أنه نسي أنه قبل قليل كان يدعي أن الرسوم سترفع الأسعار و لن تهبط بها و الأهم أنه يسقط على التمويل العقاري و يدافع عنه في نفس الوقت!! و بينما كنا تحت الهواء طلب أن ينقل لنا تجربة دولة الكويت في فرض الرسوم و عندها قمت بالإعتراض و إقترحت على الأستاذ داود الاتصال بمحلل كويتي للحديث عن تجربة بلده، و هنا إعترض الزميل و حاول منع إجراء الاتصال لكنه فشل وسط استغراب الجميع من فضوله الغريب!!
بعد ذلك، مارس الزميل الوصاية والإسقاط على المصارف التجارية ومؤسسة النقد فيما يخص نسب الملاءة المطلوبة من طالبي التمويل العقاري، ثم أكمل الوصاية والإسقاط على مجلس الشؤون الاقتصادية الموقر فيما يخص فرض الرسوم حيث لم يعترف بالدراسات التي قامت بها مؤسسات مالية دولية مرموقة و محايدة (مثل صندوق النقد الدولي و ماكينزي و بوز إلخ) والتي استند عليها المجلس الموقر في توصيته المرفوعة لمجلس الوزراء الموقر ليقترح علينا الزميل الاستناد على دراسة متحيزة قام بها مكتب الأخ توفيق السويلم لصالح لجنة عقارية في إحدى الغرف التجارية!! وعندما سألته تحت الهواء من الذي دفع تكلفة هذه الدراسة؟ قال: نحن العقاريين، عندها لم أمسك نفسي من الضحك أمام ما يحدث!!
قبل أن أختم الجزء الأول من مقالي و الذي سأستكمله في الأسبوع القادم بإذن الله، قام الزميل قبل نهاية الحوار بالتأكيد على أن العقاريين سيقومون بتمرير الرسوم على المشتري النهائي (و التي يكررها دائما في مقالاته و تصريحاته)، عندها سألته سؤالاً: طالما أن العقاريين سيمررون الرسوم على المشتري النهائي فهل هذا يعني أنهم سيبيعون كل مخزونهم من الأراضي البيضاء في سنة واحدة فقط؟ و هنا حصلت منه على إجابة و هي: نعم، إلا أن إجابته هذه نسفت قانون العرض والطلب في علم الاقتصاد خصوصاً أنه يرى أن الأسعار سترتفع بالرغم من رجوح كفة البيع الضخمة و هذا بالتأكيد شيء مضحك!! و الأكثر إضحاكاً أنه لم يبين لنا لماذا لم تتم عملية الشراء الآن قبل الارتفاع؟