بعد أن تضع (عاصفة الحزم) أوزارها، وتنتهي الحرب بإعادة الشرعية إلى ما كانت عليه، واستعادة اليمن لعافيتها، واستردادها من مختطفيها، وتكون النتائج مطمئنة بعدم تكرار ما حدث من مليشيا عبد الملك وصالح، وأن جميع اليمنيين قد استفادوا من درس العاصفة، سواء من كان منهم مع اليمن بحبه وولائه، أو من كان يتآمر عليه ويعمل على وضعه رهينة غير مستردة بيد إيران، أقول بعد أن تنتهي الحرب، لا بد أن تكون لدول مجلس التعاون حساباتها ومواقفها، بما في ذلك مراجعة دقيقة ومفصلة لما هي عليه في علاقاتها مع الدول، بحسب مواقف الآخرين من الوضع المستجد في اليمن وتحديداً من عاصفة الحزم.
***
إذ لا يصح أبداً التسامح مع دول أظهرت مواقف سلبية من توجه دول التحالف نحو دعم الشرعية في اليمن، فيما كنا نظنها دولاً صديقة وذخراً لنا في الملمات، فإذا هي بين متراخية وسلبية في موقفها، أو داعمة للطرف الذي يريد اختطاف اليمن، ومن ثم تحويله إلى مستنقع تتوالد فيه العمليات الإرهابية، وفيه يبدأ التخطيط للمؤامرات، ومنه تنطلق الإيذاءات للدول المجاورة، بما لا يجوز معه أن تواصل دولنا تعاونها ودعمها لدول أظهرت عدم مصداقيتها وإخلاصها في علاقاتها مع دول مجلس التعاون.
***
عند الشدائد، ومع المحن، يظهر الأصدقاء المخلصون، ويتبيّن من ليسوا كذلك، وهي فرصة (لفلترة) هؤلاء من أولئك، وبالتالي التصرّف مستقبلاً مع جميع الدول التي تعاملت سلباً أو إيجاباً في مواقفها على النحو الذي يعطي دروساً للمتخاذلين أو المنحازين ضد (عاصفة الحزم)، بأن يكون تعامل دول الخليج معهم مستقبلاً وفقاً لما أفرزته (عاصفة الحزم) من نتائج متمثلة بالمواقف الإيجابية أو السلبية منها، وأن أي قرار سوف تتخذه دول مجلس التعاون سيراعي مصالحها دون انفعالات عاطفية منها، أو مجاملات تشجع الدول ذات المواقف السلبية على تكرار مواقفها غير المقبولة من الأحداث المستقبلية التي تمس مصالحنا.
***
إن تراخي دول مجلس التعاون وعدم مبالاتها من مواقف بعض الدول، سوف يشجع قادتها وحكوماتها على الاستمرار في علاقاتها بدول مجلس التعاون بذات السياسة السلبية القائمة حالياً، ودون أن يعطوا أي اهتمام للمستجدات التي تؤثّر في مصالح دول الخليج، ما يعني أن إفرازات عاصفة الحزم أظهرت ضرورة إجراء مراجعة شاملة لهذه العلاقات، مصحوبة بقرارات حازمة، تضع التعاون الاقتصادي والسياسي والأمني مع هؤلاء بالاعتبار وبقدر تفاعلها مع مصالحنا، واستماعها لصوتنا، بحيث لا تكون المصلحة لصالح طرف دون الآخر، وهو ما سنتعرف عليه من خلال مراجعة تسلّل المواقف في مجريات الأحداث خلال فترة (عاصفة الحزم) التي تقوم بها دول التحالف بقيادة المملكة.
***
ما أعنيه - صراحة - أن دول مجلس التعاون مدعوة وضمن أولوياتها بعد انتهاء (عاصفة الحزم) إلى إعادة النظر في طبيعة علاقاتها مع الدول والمنظمات ووسائل الإعلام، بما يخدم دولنا وشعوبنا، ويلبي الحد الأعلى لا الأدنى من تطلعاتنا وطموحاتنا، وأن يكون التعاون في حدود ما يخدم كل دولنا الخليجية، وبالقدر الذي ينسجم مع ما هو متعارف عليه في العلاقات الدولية والثنائية والخاصة.