لِكُلٍّ فِي الحَيَاةِ رُؤَىً وَفِكْرُ
تُسَيِّرُه مَدَى أَو تَسْتَمِرُّ
تُغَيَّرُ بِالحِوَارِ إِذَا تَبَدَّى
لَه خَلَلٌ بِهَا أو لَه خَلَلٌ بِهَا أَو تَسْتَـقِرُّ
فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ فِي صَفَاءٍ ؟
فَلا يَنْدَاحُ جَوٌّ مُكْفَهِرُّ
فَيَبْدُو فِي تَوَتُّرِه جِدَالاً
بِه فِكْرٌ عَلَى فِكْرٍ يَكُرُّ
فَيَنْتُجُ عَنْهُمَا قَسْراً صِرَاعٌ
عَلَى رَأْيٍ لَه كُلٌّ يُصِرُّ
يَرَى أَنَّ الحَقِيقَةَ فِي رُؤَاه
وَأَنَّ الحَقَّ بَعْدُ لَدَيْه حَكْرُ
وَرَأْيَ الآخَرِ الثَّانِي هُرَاءٌ
فَلَيْسَ لَه مِنْ البُرْهَانِ قَدْرُ
هُنَا تُسْقَى العَدَاوَةُ بِالتَّجَافِي
وَعَنْه الوُدُّ مَذْعُوراً يَفِرُّ
وَفِيْه الِحِقْدُ يَنْبُتُ فِي خَصِيْبٍ
وَمِنْهُ خُصُومُ وِحْدَتِنَا تُسَرُّ
حِوَارٌ لا يُقَرِّبُنَا لِبَعْضٍ
يَعُوقُ مَسِيْرَةً وَبِنَا يَضُرُّ
***
أُنَاسٌ لا يَرَونَ الحَقَّ إلاَّ
لَدَيْهِمْ فَهْوَ إِلْهَامٌ تَجَلَّى
وَمَنْ لَمْ يَتَّبِعْهُمْ فِيْه أَمْسَى
مَلنِيَّى بِعِلْمَانِيَّةٍ يُصْلَى وَيُبْلَى
وَإِنْ حَاوَرْتَهُمْ كَالُوا اتِّهَاماً
تُخَوَّفُ فِيْه أَو تَلْقَاه فِعْلا
فأَهْدَافٌ لَهُمْ بِالدِّيْنِ تُخْفَى
يُوَارِيْهَا التَّشَدُّدُ مُسْتَظِلاَّ
كَأَنَّ الدِّيْنَ تَفْسِيْراً وَفِقْهاً
يُسَدِّدُهُمْ وَقَدْ نَقَضُوه جَهْلا
يُؤَلِّبُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فَيَسْعَى
وَيَحْفَلُ بِالتَّربُّصِ مَنْ تَوَلَّى
فَيَشْقَى الآخَرُ المَقْصُودُ حِيْناً
وَيُؤْذَنُ بِالسَّلامَةِ إِنْ تَخَلَّى
مَسَارٌ يُسْعِدُ العَادِي عَلَيْنَا
فَذَا ثَمِلٌ وَذَلِكَ قَدْ تَسَلَّى
فَلَو كُلٌّ تَجَرَّدَ فِي حِوَارٍ
وَمِنْ آدَابِه أدباً تَحَلَّى
لَكُنَّا فِي تَوَسُّطِنَا اقْتَربْنَا
لِبَعْضٍ فِي الحَقِيْقَةِ لَيْسَ إِلاَّ
***
ثَوَابِتُ أُمَّتِي لَيْسَتْ مَجَالا
لِمُجْتَهِدٍ يَرَاهَا حَيْثُ قَالا
يَمِيْلُ بِهَا مَعَ الأهْوَاءِ حِيْناً
وَحِيْناً يَدَّعِيْهَا حَيْثُ مَالا
فَيُرْهِبُ فِيْه مُخْتَلِفاً بِرَأْيٍ
يُجَرِّحُه شُعُوراً وَانْفِعَالا
وَيِسْتَعْدِي عَلَيْه وَلا يُبَالِي
إِذَا السُلُطَاتُ تَظْلِمُه احْتِمَالا
يُفَسِّقُه يُكّفِّرُه وَيُلْقِي
عَلَيْه مَا يُسِيْءُ إِذَا تَوَالَى
وَفِي وَطَنِيَّةٍ يُرْمَى بِخِزْيٍ
عَمِيلِ سَفَارَةٍ يُخْفِي اتِّصَالا
يُصَوَّرُ أَنَّه المَفْتُونُ دِيْناً
وَأنَّ دِمَاغَه لاقَى اغْتِسَالا
فَخَانَ الدِّيْنَ وَالوَطَنَ المُفَدَّى
وَجَالَ مَعَ الخِيَانَةِ حَيْثُ جَالا
فَيَدْعُو المُرْجِفِيْنَ إِلَى اضْطِرَابٍ
وَيَدْعُو الطَّامِعِيْن بِه احْتِلاَلا
لأَنَّ لَه مِن الأفْكَارِ فِكْرٌ
يُخَالِفُهُمْ مَسَاراً وَامْتِثَالا
***
لِكُلٍّ فِي الحَيَاةِ إِذاً مَسَارُ
وَتَفِكِيْرٌ يُبَلْوِرُه الحِوَارُ
فَإِنْ حَاوَرْتَنِي وَكَشَفْتَ زَيْفِي
فَسَوفَ أَعُودُ فَالدُّنْيَا نَهَارُ
وَإِنْ كُنْتُ المُصِيْبَ فَعُدْ فَإِنِّي
أُرَّحِبُ فِيْكَ وَالمَاضِي تَبَارُ
تُوَحِدُنَا العَقِيْدُةُ فِي هُدَاهَا
وَفِي وَطَنٍ يُجَمِّعُنَا المَدَارُ
وَإنَّا أُخْوَةٌ مَهْمَا اخْتَلَفْنَا
دَمٌ يَرْوِي التَّقَاربَ أو جِوَارُ
وَأَهْدَافٌ لَنَا نَسْعَى جَمَيعاً
إِلَيْهَا فَلْيُعَزِّزْهَا القَرَارُ
أَخِي إِنَّ التَّوسُّطَ خَيْرُ نَهْجٍ
يَدُورُ بِنَا رُؤَى وَبِه نُدَارُ
فَمَنْ وَجَدَ الحَقِيْقَةَ فَهْوَ أَحْرَى
بِهَا وَبِنَا يُحَرِّرُهَا الشِّعَارُ
فَكُلٌّ فِي الحَيَاةِ لَه اتِّجَاهٌ
تُوَجِّهُه الحَقِيْقَةُ والحِوَارُ
- د. عبدالرحمن الواصل