المواطنون اليمنيون - باستثناء الحوثي وأتباع الرئيس المخلوع - يتساءلون بحرقة وألم: لماذا جُرَّ اليمن إلى ما هو عليه الآن، وإيقاعه في هذا الفخ الذي سيحتاج إلى سنوات من العمل للتخلص منه، ومن ثم إعادة البناء والاستقرار، إذا ما قُدِّر له أن ينال شيئاً من عطف أشقائه ومساعداتهم للخروج من هذا الواقع المؤلم؟ فكيف ستكون عليه حاله فيما لو جاءت المساعدات أقل بكثير من احتياجاته بسبب الظروف الاقتصادية التي قد تمر بها الدول الشقيقة المانحة؟
***
أسئلة مباشرة، ربما تم تداولها وطرحها على النحو الذي يجعل من مستقبل اليمن في مهب الريح إذا ما استمر الانقلابيون في ممارسة هذا العدوان، الذي ليس له من مبرر سوى الأطماع، وحب السلطة، والاستجابة لما تقرره إيران، دون أن يفكروا بأهداف العدو الخارجي وأطماعه هو الآخر، وما يخطط له لزعزعة الأمن والاستقرار في دول المنطقة، إلا أن يكونوا شركاء معه كما هو واضح.
***
لا بأس من وصول أي مواطن يمني إلى سدة الحكم، والتمتع بالسلطة وكرسي الرئاسة، وفق انتخابات حرة ونزيهة، وفي إطار القوانين والأنظمة، لا أن يتم ذلك بانقلابات عسكرية، ومؤامرات تعرِّض السلم الأهلي للخطر، وتهمِّش مكونات الشعب الأكثر عدداً في أي دور الآن ومستقبلاً، بينما يستولي المكوِّن الأقل عدداً على كل شيء بالقوة والقتل ضمن فرز طائفي بغيض.
***
وما يحدث في اليمن هو من نوع «أنا وغيري في الجحيم»؛ ما يعني أن الحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع يجب أن يكونوا ركيزة اليمن، وما عداهم شيء آخر، وهو ما لا يمكن أن يقبل به اليمنيون الأحرار، أو أن يسلموا أمرهم لهذا المستبد الخطير لمجرد أن هؤلاء هم الأقوى عسكرياً؛ فهذا استسلام مُذلٌّ، لا يسمح به أبناء اليمن، ولا يقبلون به؛ لأنه يعرِّض مستقبل اليمن للخطر بأكثر مما هو عليه الآن.
***
نحاول أن نفهم، ماذا يستفيد الحوثي أو أتباع علي صالح من تعريض وحدة اليمن إلى التمزق، وخلق الفتنة والاقتتال بين المواطنين، وفقدان الأمن في البلاد، والسير في دروب ومتاهات لا تخدم اليمن، والتعاون المشبوه مع قوى خارجية لا تريد الخير لليمن واليمنيين؟ ثم نتساءل: ماذا قدمت إيران من مساعدات وهبات في تاريخها لهم غير أسلحة لقتل الشعب وإيذاء الجيران، بينما قدمت وتقدم دول التحالف لليمن الشقيق من المال والمؤن وتنفيذ المشروعات ضمن برامج التنمية ما كلف هذه الدول - وعلى رأسها المملكة - البلايين من الدولارات.
***
عجبي من هذا الفهم القاصر، ومن هذه المؤامرة الدنيئة، ومن هذه المواقف المشبوهة، التي تدين عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح وأعوانهما بأكثر مما يمكن أن يتصوره إنسان عاقل، فهل لديهما بعد انكشاف مؤامراتهما ما يدافعان به، أو يبرران له عن هذه الخيانات بحق اليمن والشعب؟ وهل لديهما ما يقولانه عندما تنتهي عاصفة الحزم بهزيمة مدوية لهما، وقد بدأت علاماتها وتباشيرها تضيء سماء وأرض اليمن السعيد؟