ما يجري في اليمن يرسل رسالة لا غموض فيها إلى جميع العرب عن حجم الأطماع الإيرانية، ليس في اليمن فحسب، وإنما في المنطقة العربية بكامل دولها ومساحاتها، معتمدة على عملاء محليين من العرب لتحقيق حلمها بالتوسع وإقامة الإمبراطورية الفارسية، يغريها في ذلك نجاحها في السيطرة على القرار في العراق، وتحكمها بنظام الحكم في سوريا، واعتمادها على عميلها حسن نصر الله وحزبه في لبنان ضمن مشروعها لتوسيع نفوذها في المنطقة، ليأتي اليمن أخيراً ضمن سلسلة التآمر الإيراني على استقرار منطقتنا لتنفيذ هذا المخطط الخطير.
***
الرسالة إياها تقتضي من العرب -سنة وشيعة- أن ينتبهوا إلى خطورة الامتداد الإيراني ولو كان بغطاء مذهبي، أو جاء موجهاً لشريحة صغيرة من المواطنين، بل وإن صاحبه بكائيات كاذبة، نرى أنها كمثل دموع التماسيح، في عدم صدقها، وأن لا يغيب عن البال أن المخطط الإيراني يجد دعماً دولياً وإن لم يكن معلناً، مسنوداً بقوى داخلية من العملاء، وأنه يتم تمريره أمام صمت العالم، بل إن تدخل إيران بعدوان سافر في الشؤون العربية يضفي عليها الحق بأن يكون لها دور في أي مباحثات أو حوارات للخروج من هذه الأزمات التي هي مصدرها والممول والداعم لها.
***
في اليمن انكشف الغطاء عن المؤامرة الإيرانية الخسيسة بأكثر مما تحدثت عنه الأحداث في سوريا والعراق ولبنان، فقد تبين أنه لا يكفيها أن تسيطر على هذه الدول، طالما بقي البحرين واليمن خارج نفوذها، وهي وإن فشلت في مد نفوذها إلى البحرين بفضل التدخل السريع لدرع الجزيرة، فقد كان الاتجاه جنوباً إلى اليمن مع بقاء البحرين شرقاً، ضمن الأهداف المرسومة لتطويق المنطقة، لكن المملكة ومعها دول التحالف الشقيقات في مجلس التعاون تدخلت في اليمن، كما فعلت في البحرين من قبل، فأفشلت ما كان سيكون لو بقيت المملكة ودول التحالف تتفرج على هذا السيناريو الإيراني الخطير.
***
إن الرسالة التي نعنيها ومصدرها الأحداث في اليمن، لا تقول إن مسؤولية التطورات في اليمن من صنع ميليشيات الحوثي وعلي صالح فقط، وإنما تضع نظام الملالي في إيران بوصفه المخطط والممول والمستفيد الوحيد من كل ما يجري في اليمن، وأن هذا يقتضي أن يكون التعامل بحجم ما يمثله من خطورة على استقرار منطقتنا ووحدة دولنا، مهما كلف ذلك من تضحيات، وأن أي تسامح أو تساهل أو برود في التعاطي مع ما يشكله هذا العدوان الإيراني من خطر، إنما يلقي بمستقبل دولنا إلى ما يفكر به الهاجس الإيراني من أن بغداد ستكون عاصمة الإمبراطورية الفارسية القادمة كما أفصح عن ذلك مسؤولوه.
***
صحيح أن إيران مررت الطعم إلى فم عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح، وأنهما انخدعا بالكلام الإيراني المعسول، وبالمذاق الذي رأيا فيه المتعة على الطريقة الإيرانية، ولكنه أبداً لن يكون في مصلحة اليمن، ولن يكون فيه خير لليمنيين، وإذا فرط هذان العميلان في مصلحة اليمن، وباعا مستقبله ووحدته واستقراره، فإن المملكة ومعها دول مجلس التعاون، والدول المحبة للسلام، لن تسمح بتمرير هذه المؤامرة، ولن تقبل بأقل مما صدر من مجلس الأمن والجامعة العربية ومجلس التعاون لدول الخليج والقرارات والاتفاقيات التي تمت بين اليمنيين في الرياض وصنعاء بإيقاف القتال، للتحول من عاصفة الحزم إلى عملية إعادة الأمل.
***
نحن إذاً أمام فرصة متاحة لعملاء إيران في اليمن، بأن يتدبروا أمرهم سريعاً، ويفكروا جيداً، بما تمثله إيران من خطر على بلادهم، وأن يدركوا أنهم قوة ضعيفة، وأنه ليس لديهم القدرة لمقاومة قوة تحالف عاصفة الحزم، ما يعني أن عليهم الاستسلام، أو مواجهة الموت بنيران الضربات الجوية، دون أن يكون لإيران يد في نجدتهم أو إنقاذهم، بعد أن حيل بينها وبين الوصول إلى المطارات والموانئ اليمنية، فانحصر دعمها على أبواق إعلامية لا قيمة ولا تأثير لها في ميدان المعركة.