أخذني الاهتمام بالشأن اليمني منذ بدء عاصفة الحزم، وإلى أن أُعلن عن توقّفها، بانتظار البدء بعملية إعادة الأمل، بملاحظة مدى التزام جميع الأطراف بما تمَّ الإعلان عنه، فلاحظت -كغيري- أن دول التحالف -فيما عدا الدفاع عن النفس- قد التزمت رغم سيطرتها ميدانياً، فيما أن الحوثيين المدعومين من علي صالح وأتباعه لم يلتزموا، مع أنهم أحوج ما يكونون إلى استراحة كهذه بعد أن أنهكتهم الحرب، فلم يعد لديهم القدرة على المواجهة، بل إن الفترة التي حُددت لإدخال مواد الإغاثة لليمنيين المحتاجين لم تلتزم بها العناصر المُشكَّلة من الحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع، بينما أظهرت قوات التحالف ضبط النفس، وتقديم المساعدة الممكنة لرفع المعاناة عن السكان اليمنيين الذين لا دور ولا علاقة لهم بهذه الحرب.
* * *
أكثر من ذلك، فإن التهدئة التي يُفترض أن يلتقط فيها الحوثيون أنفاسهم، ويراجعوا حساباتهم، ويتعرفوا على حجم الخسائر التي مُنوا بها، وما إذا كان لهم مصلحة في استمرار الحرب، مع ضيق الحال والمال والسلاح، مقابل دول التحالف التي تملك من الأسلحة والذخيرة والمعدات العسكرية الضاربة ما يجعلها قادرة على تحديد الموعد الذي تراه لحسم المعركة، إلا أنهم استغلوا ذلك في التّحرش بحدود المملكة، وإطلاق بعض قذائفهم على المدنيين والمباني السعودية على الحدود مع اليمن، وكأنهم لم يجرّبوا ردود أفعالهم واستفزازهم لدى القوات السعودية، أو أنها لم تُذقهم قوات التحالف ما تتحدث عنه خسائرهم الكبيرة التي تعرضوا لها.
* * *
يتفاءل البعض بمؤتمر الرياض، وبيانه الذي صدر، والحضور اللافت لليمنيين في المشاركة بالبحث عن مخرج للأزمة، وإعادة الشرعية إلى اليمن، ومنع تكرار الاعتداء على الجارة الكبرى المملكة العربية السعودية، خصوصاً مع تمثُّل كل مكونات الشعب اليمني بالمشاركة والحضور والتوقيع على ما تمَّ الاتفاق عليه، بينما غاب الحوثيون وعلي عبدالله صالح مع نفر من حزبه، مفوِّتين بذلك هذه الفرصة التاريخية، وكأن اليمن لا يعنيهم، وكان الشعب اليمني آخر اهتماماتهم، معتمدين على ما تُوجهه لهم إيران ليمارسوا هذا العبث العدواني ضد اليمن وشعبه، لكن علينا أن ننتظر بعض الوقت لنرى إلى أين يتجه اليمن، فلا نتسرع بإعطاء هذا الزخم من التفاؤل أو حتى التشاؤم للحالة اليمنية.
* * *
ومع كل هذا يبقى اليمن بشعبه وتاريخه وتصميم دول التحالف في مرحلة السعي لاستعادته من خاطفيه، سواء بالسلام أو الحرب، وأمام عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح أن يختارا بينهما، وأن يتأكدا بأنه لا تنازلات أو مساومات تبقيهما يتحكمان بمصير اليمن، ولا تساهل أبداً مع تدخلات إيرانية تُعرِّض أمن اليمن ودول المنطقة للخطر، فاليمن الذي نريد، ونعمل من أجله، أن يكون حراً وسيداً ومستقلاً، وأن يبقى متّحداً، وآمناً ومستقراً، ولا قبول بأي مناوشات أو انتهاكات تُعرِّض أمن جيرانه للخطر، فاليمن في قلوبنا، ونحميه بصدورنا، وهو قوي بتعاونه مع أشقائه، ضعيف بابتعاده عنهم، ولا مستقبل له في تعاونه مع إيران، أو مع أي عدو آخر.