ما أراه أو أسمعه عن هذه المذابح بحق هؤلاء الأبرياء في منطقتنا يبكيني ويحزنني كثيره أو قليله، ومن المؤكد أن هذه حالة تشاركونني فيها، فهذا تطرف في القول والفعل، وذاك إرهاب يدمي القلوب بما يقتله من الأبرياء، ومن دون أن يستثني أحداً، والأمثلة أمامنا شاهدة وشاخصة في العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، فكيف لا نبكي جميعاً ولا نحزن؟
* * *
لكن من الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه من جرائم لا سابق لها في فترتنا المعاصرة، حيث يضرب الإرهاب دولنا دون هوادة، ويحاول أن يتمدد إلى دول أخرى في المنطقة، بينما تظل الأهداف والداعمون والصامتون أمام هذه الجرائم ألغازاً يلفها الغموض، إلا من قراءات واستنتاجات غير كافية، إذ إنها لا تضع اليد على الجرح الغائر.
* * *
فمن القاعدة إلى داعش، ومن النصرة إلى حزب الله، من النظام الإيراني إلى النظام السوري، مروراً بمن يحكم سيطرته على القرار في اليمن والعراق، حيث تبرز المؤامرة الكبيرة بحجمها ونوعها والتخطيط لها، بما لا يمكن لنا إغفال أو استبعاد الدول الكبرى من دور مشبوه لها في مجريات أحداث المنطقة، حتى وإن أحسن بعضنا الظن بها.
* * *
فهل نحن فعلاً أمام ظاهرة حقيقية لتفتيت الدول العربية في منطقتنا إلى كيانات أو دويلات صغيرة، وإضعاف قدراتها، وإذا كان هذا صحيحاً فمن المستفيد من ذلك، وهل يتم إذكاء النعرات، وتوظيف المذاهب، والتحزّب للقبيلة والمنطقة لإنجاح هذا المشروع المريب والمشبوه الذي ينفذه المغفلون من المواطنين في دولنا.
* * *
لا تستبعدوا ما سبق طرحه من أسماء لأحزاب ودول مثيرة للانتباه، ممن تصب أجندتها في هذا الاتجاه، فنحن أمام شرق أوسط جديد، وفوضى خلاَّقة، وتلويحات أخرى عن مخططات مريبة تستهدفنا في الصميم وتتجه نحو تقويض مصالحنا، وجميعها ليست بريئة من هذا التوجه الخطير الذي يمس استقلالنا ووحدة أراضينا ودولنا في مرحلة عصيبة اختلط فيها الحابل بالنابل.
* * *
فتشوا عن المستفيد أو المستفيدين، أياً كانوا، وركزوا جيداً بما آلت إليه منطقتنا منذ ثورات ما يسمى بالربيع العربي وإلى اليوم، وتساءلوا معي: من الذي يحرك هذا التقاتل بين شعوبنا ودولنا، ومن هو هذا الذي يوغر صدور بعضنا حقداً وكراهية على بعضنا الآخر، وكيف أمكنه أن يؤثِّر في نفر منا للقيام بدور لا مصلحة لنا فيه.
* * *
لقد آن لنا أن نصحو من غفوتنا، بل من سبات نومنا العميق، ونفكر جيداً بما يجب أن نواجه به هذه الهجمة الاستعمارية الشرسة التي تمس دولنا وشعوبنا، أعني أن نكرّس الوحدة والتضامن والكلمة الواحدة فيما بيننا، وأن نكون على قلب رجل واحد، فنتصدى للغريب الذي يحاول أن يتذاكى علينا، بألا نتيح له نافذة، ولا نمكنه من ثغرة، ولا نفتح له باباً، ينفذ منها للإضرار بنا، وبهذا نحرمه من تحقيق أطماعه.