فهد عبدالله العجلان
يقول حكيم: خائن الوطن من يكون سبباً في خطوة يخطوها العدو في أرض الوطن!
هذه العبارة، تجسد اليوم خيانة الإرهابيين عموماً والدواعش خصوصاً لأوطانهم، والمؤلم، أن هؤلاء المخدوعين الموتورين يتقربون إلى الله زلفى بتدمير أوطانهم، وطمس هويتها، من خلال الانتماء والانضمام إلى مجموعات ومنظومات استخباراتية تستغلهم وقوداً لمعارك ليس لهم فيها ناقة ولا جمل!، هذه الخيانة الآثمة، تقدم الوطن وأهله قرباناً لأهداف خارجية تُستباح فيها الأوطان وتستحل الحرمات، وليس لهم من نتائجها نصيب إلا رماد الشعارات!، ليت هؤلاء المغيبين في حبائل المؤامرات يستفيقون، ويدركون أنهم بخيانة الوطن يطلقون النار على قلوب أمهاتهم ....فالوطن قلوب الأمهات!
***
في كلمته، أمام أهالي شهداء تفجير القديح، قال الزميل المهندس خالد المديفر كبير الإداريين والرئيس التنفيذي لشركة معادن: إن إدراك المواطن السعودي لأهداف الإرهابيين أفرز نتائج عكس مخططاتهم!، هذه الكلمة، تختزل الكثير من مظاهر التلاحم الوطني الذي شهدته المملكة بعد الأحداث الإرهابية الآثمة... التلاحم الذي يرتكز على وعي المواطن، وإدراكه لمصالح وطنه، مجموعة خريجي برنامج أكسفورد للقيادة والإدارة المتقدمة، كان لهم مشاركة مميزة وصورة معبرة عن هذا التلاحم الوطني، فالمجموعة تمثل نخبة منتقاة من قيادات الوطن في القطاعين العام والخاص، جاؤوا من خلفيات ومناطق متعددة بالمملكة، تَرَكُوا كل مصالحهم وأعمالهم، وتجشموا عناء السفر من أجل مواساة وتعزية إخوتهم أهالي شهداء تفجيري القديح والدمام.
***
قبل أن يصل أعضاء مجموعة أكسفورد مدينة القطيف لزيارة مسجد الإمام علي -رضي الله عنه- في القديح، أخبرنا الزميل أحمد البدر، أن أهالي الشهداء والمصابين أصروا على استقبال المجموعة في قاعة كبرى ومشاركتهم طعام الغداء، كان الكرم والمحبة والود يشرق في عيون المستقبلين، وكان حديث الوطن الأكثر حضوراً في اللقاء، فالجميع أصرَّ على أن يد الإرهاب الآثمة جمعت قلوب السعوديين، وذكرتهم بالمكتسبات التي تحققت لهم، ولذا، فإن الدفاع عنها وحمايتها مسؤولية كبرى تحت ظل قيادة واحدة.
***
لم نشعر، «زملائي وأنا» في القطيف والدمام، إلا وكأننا بين أهلينا بكرم الاستقبال والاحتفاء، والوجوه المبتسمة التي تقرأ فيها صدق محبة الوطن وتقدير أبنائه، لكن شعوري بالانتماء للمنطقة ومحبتها وأهلها، يدفعني أن لا أتجاوز ما أرى ضرورة التنبيه والإشارة إليه، لنكون أكثر قرباً ومشاركة في أفراحنا وأحزاننا، فرغم صدق الكلمات التي تخرج بعفوية من قبل جميع من نلتقيهم، وتأكيدهم أن الوطن أولوية، إلا أن المنظمين لعزاء مسجد العنود في الدمام لم يتنبهوا إلى نقاط أظنها ستسهم في المزيد من التلاحم والقرب بين أبناء الوطن الواحد، فالشعور الذي دفعنا «زملائي وأنا» لحضور العزاء، كان المشاركة الإنسانية الوطنية التي جعلتنا نشعر بأن مصاب القديح والدمام هو مصاب الرياض وجدة والمدينة وحائل والقصيم، بل وكل مدن الوطن، لكننا لم نشاهد علم المملكة العربية السعودية، وهو رمز الوطن الجامع والموحد لكل شبر في هذه الأرض المباركة، التي غرس فيها المؤسس الملك عبدالعزيز شجرة الأمن والسلام والعدالة التي نتفيأ ظلالها جميعاً. كنت أتمنى أيضاً أن يبرز في مقام العزاء بالدمام حصول الشهداء الأربعة على نوط شجاعة ومعاملة شهداء الواجب، فالأمر الملكي الكريم كان رسالة واضحة، بأن شهداء الوطن وشجعانه، ينظر إليهم بعين واحدة في طول الوطن وعرضه، وبطولاتهم تضاف إلى رصيد بطولات الوطن. كنت أتمنى أيضاً أن تكون رموز الوطن الجامعة لنا جميعاً حاضرة في مقر العزاء، كما كانت حاضرة في قلوب وألسن الحاضرين.
***
أخيراً، لم أقدم هذه الملاحظات المغلفة بالعتب، إلا لثقتي أن أهلي وإخوتي في القطيف والدمام والذين غمرونا «زملائي وأنا» بالكرم والمحبة والمودة من أجل الوطن، يستحقون مني صدقاً بحجم هذه المحبة، فمنهم وإليهم كل الحب بحجم الوطن..