د.علي القرني
المجتمع الدولي يجب ألا يترك الحوثيين ومعهم المخلوع علي عبدالله صالح ومن يعيش في كنفه من قوات خارجة على الدستور والشرعية، يجب ألا يتركهم يعبثون في اليمن مؤسسات ومقدرات وشعبًا وأمنًا واستقرارًا. يجب أن يكون صوت المجتمع الدولي عاليًا وواضحًا في حسم الأمور بسرعة وبإمكانات دولية كبيرة ودعم سياسي أكبر..
فلا يجب أن تظل الحالة اليمنية هكذا باستمرار العبث الحوثي والصالحي في اليمن.
إن مشكلة اليمن ليست مشكلة بالدرجة الأولى للمملكة العربية السعودية أو لدول مجلس التعاون الخليجي، فهي مشكلة دولية ويجب أن تتضافر كافة الجهود للاجهاز على فلول مقاومة الشرعية في اليمن، ويجب أن نسمع صوت الدول العظمى عاليًا ومدويًا لرفض الخيارات الإيرانية التي تحاول أن تفرضها على واقع الحالة اليمنية، كما يجب أن يدرك الحوثيون وأتباع علي عبدالله صالح أن الشرعية اليمنية يجب أن تسود وتنتصر، وأن الميليشيات غير الشرعية مصيرها تنتهي وتضمحل وسط هذا الرفض الشعبي لها داخل منظومة اليمن الأمنية والسياسية.
إن الجهود السياسية التي تعمل عليها الأمم المتحدة من خلال مبعوثيها لليمن يجب أن تدرك أن «الشرعية» هي المفتاح الذي تنطلق منه أي مبادرة أممية لحل النزاع في اليمن، وعدا ذلك هو استهلاك للوقت وهو لعب في الوقت الضائع، وهدفه هو تشتيت أوراق النزاع وإعطاء ميليشيات علي صالح والحوثيين وقتًا وفرصًا ومجالاً لبعثرة أوراق الأزمة وتشتيتها. ويجب أن تكون أي مبادرة دولية نحو حل النزاع تصب في إطار الاعتراف بالشرعية التي أسست لها قرارات مجلس الأمن ومنطق الأحداث في التركيبة السياسية وتراتب الأحداث التي مرت بها اليمن خلال الفترة الماضية.
الجميع يعلم أن مؤتمر جنيف هو مجرد خطة لبعثرة الأوراق يستمر فيها الحوثيون ومعهم علي عبدالله صالح في شراء الوقت وإخراج الأزمة من مسارها الطبيعي لعودة الشرعية سريعًا إلى مؤسساتها ومحاولة تضييع الوقت وتشتيت قوة المقاومة الداخلية التي بدأت تقوى وتحقق نجاحات كبيرة على كافة الأصعدة. ومؤتمر جنيف أرادت منه إيران ومن يتبعها من الداخل من حوثيين وصالحيين هو العودة إلى مربع القوة المفترضة لميليشيات الحوثيين وأتباعهم من زمرة قوة صالح وإعطائهم أصوات أنكرتها عليهم المقاومة الشعبية ومعها الرئاسة الشرعية. وللأسف تنطلي مثل هذه الحيل على أي مبعوث أممي بحجج واهية، تحت غطاء المفاوضات والحوار المزعوم الذي أقره المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر وبسببه انسلخت المؤسسات الشرعية وتسلطن الحوثيون وعلي صالح عليها في انتهاك كبير لحرمة المؤسسات الشرعية.
إن الرئاسة اليمنية الحالية برئاسة الرئيس منصور هادي تدرك هذه اللعبة التي تلعبها إيران في موضوع مؤتمر جنيف ولكن يجب كما سبق أن أكَّد هادي أن المرجعية يجب أن تكون القرارات الأممية الشرعية، ويجب الاعتراف أولاً بهذه القرارات لكل من يدخل مفاوضات جنيف قبل أن ينطق بكلمة للمشاركة، بل قبل أن يهم بالدخول إلى قاعة الاجتماعات، فهذا الاشتراط المسبق من شأنه أن يختصر الوقت وينهي المماطلة التي تسعى إليها إيران وأتباعها في الداخل اليمني.
المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ يجب ألا ينساق وراء سابقه بن عمر في تبني مواقف الحوثيين وميليشيات علي عبدالله صالح كأمر واقع، وتبني كل تبعات ما يتولد من ذلك من مواقف أدت إلى تردي الوضع وتفاقم الخلاف. يجب أن يكون إسماعيل ولد الشيخ واضحًا وصريحًا وشفافًا ليعلن أن الشرعية يجب أن تعود على حساب كل التداعيات التي فرضها سابقه جمال بن عمر. وإذا أراد إسماعيل ولد الشيخ أن يكون مؤتمر جنيف مجرد حفظًا لماء خاسري الحرب من الحوثيين وعلي عبدالله صالح فليكن ولكن يجب أن يضع النقاط على الحروف بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة والقرارات الإقليمية الخاصة باليمن دون تسويف أو مماطلة.