د.علي القرني
الملك سلمان بن عبدالعزيز صاحب رؤية إستراتيجية واضحة للجميع، فهو قد بدأ مرحلة جديدة في الحكم في المملكة العربية السعودية، ووضع مسارات جديدة في مسارات الحكم الرشيد والرأي السديد لبلادنا..
ومنذ أن عرفنا سلمان بن عبدالعزيز وهو صاحب رؤية وصاحب فكر إستراتيجي، دائمًا هذه الرؤية وهذا الفكر هي المحرك الأساسي الذي يقود قراراته المتعلقة بمصالح الدولة والوطن.. واليوم وهو يضع أوامر ملكية جديدة نشاهد أن المسار الجديد في الحكم الذي يأخذ مكانة نوعية باختيار الأشخاص المناسبين ويضعهم في المكان المناسب وفي الوقت المناسب فهذا هو المسار الجديد الذي يجب أن يعتاد عليه المواطن السعودي في الحقبة الجديدة..
إن الأوامر الملكية التي صدرت يوم أمس الأربعاء تعكس وبقوة مثل هذا التوجه الصادق والمخلص في بناء قيادات المستقبل لهذه الدولة، وهي قيادات ستسعى إلى تأكيد وحدة وتلاحم هذه البلاد وبناء مستقبل مشرق لها بحول الله تعالى.. إن هذه الأوامر تعكس روحًا جديدة في الحكم السعودي في القرن الحادي والعشرين، وهي قرارات ستصب في خدمة المملكة ومواطنيها، وستعزز من الاستقرار والأمن في بلادنا الغالية..
إن اختيار الأمير محمد بن نايف وليًا للعهد ومبايعته يعكس بالدرجة الأولى التتويج للجهود الكبيرة جدًا التي يضطلع بها سموه خلال العقدين الماضيين في مكافحة الإرهاب الذي بدأ عام 2003م على خلفية أحداث 11 سبتمبر 2001م، وقد تصدت بلادنا لهذه الحملات المتتالية من عناصر القاعدة في الداخل والخارج وتلتها عناصر داعش في الداخل والخارج، واستطاعت هذه البلاد ولله الحمد أن توقف مثل هذه المحاولات التي تريد أن تزرع البلبلة وعدم الاستقرار في بلادنا، وتريد أن تحقق أجندات خارجية تخدم مصالح قوى وجماعات إقليمية..
الأمير محمد بن نايف هو شخصية قيادية يتمتع بالحب لهذه البلاد، والحب لأبناء هذه البلاد، حتى الأشخاص الذين غررت بهم جماعات متطرفة فقد احتضنهم سموه في بادرة مناصحة مخلصة لإعادتهم إلى أهاليهم وأسرهم وأعمالهم وحياتهم الطبيعية.. ونجحت هذه المبادرة مع الكثير منهم ولله الحمد.. كما أن سموه قد اضطلع بالملف الأمني بكل اقتدار ومسؤولية، وأشرك في هذا الملف كافة المواطنين ليصبح كل واحد منهم رجل أمن.. هذا النجاح الكبير لهذه الشخصية القيادية هو ما جعل الملك سلمان بن عبدالعزيز يختارها وليًا للعهد في ضوء اعتذار الأمير مقرن عن ولاية العهد..
كما أن اختيار الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد ومبايعته هو كذلك اختيار يأتي من رؤية إستراتيجية تصب في إشراك قيادات شابة في منظومة الحكم في المملكة.. والجميع يرى أن الرهان على شخصية الأمير محمد بن سلمان قد نجح بكل اقتدار ومسؤولية، فقد قاد «عاصفة الحزم» وزيرًا للدفاع بنجاح استثنائي، وهي ربما أهم الأحداث العسكرية العربية المشتركة خلال العقود الماضية، واستطاع سموه أن يدير هذه المعركة بحكمة ومسؤولية كبيرة.. ولهذا فقد استحق أن يضعه الملك سلمان في ترتيب الحكم الجديد في المملكة.
ونحن كمواطنين يومًا بعد يوم نرى تجسد الرؤية الإستراتيجية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على أرض الواقع، فاستطاع خلال أشهر فقط أن يعيد هيكلة الدولة ويرسم لها مسارات جديدة ومنهجية حكم رشيد وأسلوب عمل عصري.. ولم يكن أحد يتخيل أن هذه الشهور القليلة تستطيع نفث روح جديدة في كل أنحاء أجهزة الدولة، وتعطي علاجات شافية لبيروقراطيات امتدت لسنوات وعقود طويلة..
ما حققه الملك سلمان خلال فترة قصيرة جدًا هو للتاريخ، وهو للمستقبل وسيشهد لنا هذا التاريخ أن الملك سلمان قد وضع السياسة السعودية على المسار الصحيح في رؤية ممنهجة لإعادة هيكلة الدولة السعودية بما يواكب التطورات العصرية ويقود بلادنا إلى بر الأمان وعز الازدهار ويفتح مسارات جديدة وفرصًا نوعية في تنمية الجهاز الإداري الذي يقود البلاد للسنوات والعقود القادمة بحول الله تعالى.
إن المملكة العربية السعودية قد مرت بمراحل عديدة وتطورات وأحداث كبيرة وعشناها منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه- إلى عهد الملك سلمان -يحفظه الله-، وهي عهود نمو وازدهار وتطور ولله الحمد، ولكن عهد الملك سلمان سيشهد له التاريخ أنه بداية مرحلة جديدة في تاريخ الدولة السعودية، ويجب أن ننظر ليس فقط في الأوامر الملكية والقرارات السياسية فقط، بل يجب أن ننظر إلى فلسفة الحكم الجديدة التي يصنعها الملك سلمان في عهده الزاهر.. فهي فلسفة حكم ورؤية مستقبل وبرنامج عمل.. وهنا يصنع سلمان بن عبدالعزيز التاريخ من جديد..