سعد السعود
ختامها مسك بحضور الملك.. هكذا عنونت مقال الأسبوع الماضي، وبالفعل هو ما كان.. بحضور الوالد القائد سلمان.. رغم ما عاناه - حفظه الله - من أحزان.. غادر للرياض على عجل لأداء الصلاة على أخته وتقبّل فيها العزاء.. ليتحامل على أحزانه ويعود لجدة بعد سويعات من مغادرته، ويشارك الرياضيين يومهم.. ليربط على جأشه، ويتعالى على آلامه وهو بقمة جلده حتى يكون بجانب أبنائه في يوم فرحهم.. فلله درك من ملك.
أما عن حكاية النهائي وكيف كان السيناريو بين المتحاورين.. فلا أخال أحداً كان ينتظر نهاية مثيرة كتلك بين الكبيرين.. ليكون الختام عطراً فواحاً للزعماء، يعبق بالياسمين.. ولا عجب في ذلك؛ فثمة علاقة أزلية بين الزعيم والذهب الثمين.. وإن شئتم فهو حب أبدي من طرفين.. لا يمكن أن يفارق الأول الآخر؛ فهو لا يقوى على الرحيل والبَيْن.. ولا يمكن للآخر الصبر عن البعد عن الحبيب حتى ولو لعامين.. لذا وجدنا البدر يكتمل بعد منتصف الشهر بيوم ويومين.. في ظاهرة كونية لا تحدث إلا في مجرة الزعماء التي لا تعترف بعلم الفضاء ولا بمسلَّمات الفلكيين.. وكأن لسان حال البطولات مع الهلاليين: (إنما أنت أنا لكنّما... وُضعت أرواحنا في جسدين).
هو هكذا الموج الأزرق، كلما ظننته سكن إذا به يعلو ليغمر شواطئ الذهب، ويعود بالغنائم.. وكلما توقعته تلاشى يفاجئك فيغرق كل سفينة تحاول أن تتجاوزه، ويكبّدها الهزائم.. ليعلنها على الملأ في كل ظهور: (أنام وما قلبي عن المجد نائم... وإن فؤادي بالمعالي لهائم).
مساء جمعة كانت فيه الإثارة مكتملة.. أمست فيه الجوهرة موطن متعة يأسر الأخيلة.. وكانت مهارات اللاعبين في الميدان مذهلة.. علا السهلاوي فوق الرؤوس، وقال كالعادة الكلمة.. ليظنّ الجميع بعدها انتهاء مراسم الحفلة.. وقبل الختام إذا بالجحفلي يبزغ من مجرة الهلال وهو يصرخ: (لا للمحال..)، فيسجل هدفاً والمباراة تلفظ أنفاسها المتثاقلة.. لتبتسم ركلات الترجيح للأزرق في مساء ما أجمله.. ويردد المشجع الهلالي بزهوٍ: بدر الهلال نهاية الموسم.. ما أكمله!
من النهائي
- بظني، إن أكثر من يستحق التهنئة من الهلاليين هو الأستاذ محمد الحميداني رئيس الهلال؛ فالرجل قاد الفريق في أصعب مرحلة، والنفسيات من العثرات نالها ما نالها.. لكنه استطاع أن يخرج بكل الغنائم الممكنة من تأهل لآسيا العام القادم، والسوبر، إضافة للتأهل لدور الستة عشر في آسيا هذا العام، علاوة على كأس الملك.. وحتماً، ذلك لا يُنسي عشّاق الهلال ما قدمه الأمير عبد الرحمن بن مساعد، الذي صنع هذا الفريق في أعوام.. بل حتى المدرب فهو من تكفل بعقده بعد رحيله.
- محمد الشلهوب ومحمد السهلاوي وسعود كريري وشايع شراحيلي.. واجهات مشرفة لرياضتنا، وصورة جميلة للاعب السعودي، سواء فيما يقدمونه من أداء داخل الملعب، أو في كيفية تعاطيهم مع المنافس برقي واحترام حتى في أصعب ظروف المباراة.. ونجوم كهؤلاء يستحقون الإشارة والإشادة.
- ناصر الشمراني إضافة لسوء مستواه وعدم تقديمه أي لمحة طوال المباراة.. وجدناه بعدها يمارس تصرفات أقل ما توصف بأنها لا تصدر من لاعب محترف.. وكم تمنيت منه فقط أن يدير ظهره للخلف، ويشاهد ما يصنعه سلمان الفرج مع احتياطي النصر.. فما أجمل التواضع عند الفوز، والابتسامة عند الخسارة.
- التجاوزات التي صدرت من حسين عبد الغني ومحمد عيد أثناء التتويج غير مبررة ومستهجنة مهما كانت المسببات.. وكان يجب عليهما ضبط النفس وعدم مجاراة الجماهير والانجراف لاستفزازات المدرج.. فالنجم هو من يكون نجماً داخل الملعب وخارجه.
- أتمنى من لجنة الحكام أن تعيد مشاهدة شريط مباراة النهائي بدلاً من المرة ألفاً.. وتتعلم من خلاله كيف أدار الحكم الإيطالي اللقاء.. عندما امتص حماس اللاعبين.. وتعامل بهدوء مع المواقف، واحتوى ما يمكن احتواؤه.. ومنح الكروت عندما استدعى الوقت والموقف إخراجها. بصراحة.. حكم كهذا هو من يمنح الإضافة للجميع، ويجعل الكل مطمئناً على عدالة الصفارة وقدرتها على قيادة أصعب لقاء إلى بر الأمان.. وكم أتمنى من اتحاد الكرة - كما طالبت كثيراً - أن يقتصر في انتداباته للحكام على الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا بدلاً من حكام المجر واليونان ورومانيا، ممن لا يقدمون أي إضافة.
خاتمة
للـبدر بن عبد المحسن:
(قالوا: البيت الحرم.. قلت: أرضي.. قالوا: الشرع الإمام.. قلت: أرضي.. قالوا: الحب السلام.. قلت: أرضي.. قالوا: في مدحك نزود.. قلت: يفداها الحسود.. ما على هالأرض.. أرض مثل أرضي).