سعد السعود
ما أجمل النهايات عندما تكون سعيدة.. وما أجمل الحكايات عندما تكون نهايتها فريدة.. وعليه فليس أجمل من موسم رياضي يكون خاتمته بلقاء القيادة.. واحتضان الوالد لأبنائها الرياضيين في مشهد قلّ أن نجد نظيره.. مساء لا يشبهه مساء.. وليلة لا يدانيها بالفخر ليلة.. كيف لا وسلمان العز والحزم يطوق عنقها بحضوره.. فتزدان السماء بقمرها وهو يطل بكامل بدره.. ليشع الكون ضياءً ويرقص طرباً وزهواً ملعب الجوهرة.
مغبوط أهل الرياضة بهذا الاستحقاق الموسمي.. والذي تترسم فيه معالم الجمال بتوأمة تقطر رونقاً فنشاهد فرح الرياضي وهو يعانق المسئول الرسمي.. ليرى تقدير المليك يتحقق وهو اللاعب الذي طالما ردد: مصافحة الملك هي حلمي.. شكراً لأبي فهد سليل المجد وهو يخص الرياضة بهذا الشرف عندما يوجد وقتاً للقاء أبنائه وسط كومة مهامه الجليلة ليطوق بالفائز عنقه ويسدي توجيهاته للرياضيين لتكون نبراساً يضيء لهم الطريق وينير كل معتمٍ.
ولذا فليس أقل من إعطاء هذه المناسبة قدرها.. فالجمهور أولاً يجب أن يرسم لوحته الجميلة المعتادة في المدرج.. بمنأى عن أي تصرف أهوج.. ونبتعد عن الانزلاق لأي تعصب أعوج.. فكل ما في هذه الليلة مبهج.. لذا علينا أن نبتعد عن أي تصرف متشنج.. لنعاضد فريقنا طوال المباراة بين أهزوجة وتصفيق معجب.. ولنرضى بالنتيجة إن كان فريقنا فائزاً أو كان هو من غُلب.. ففي كرة القدم ليس هنالك سوى فائز واحد.. وإن كان نهائي كأس الملك دوماً يتمرد على هذه النظرية فحقاً ليس هنالك خاسر بحضرة الملك.. فالكل متوج.
أما الإعلاميون والإداريون.. فكم أتمنى أن نكون قدوة للاعبينا.. نتعاطى مع الأمر كما يجب.. فلا نوغل في التعصب.. ولا نفرط في التجاهل.. نحترم المنافس في كل كلمة تقال.. ونكتب العقلانية في أي طرح أو مقال.. نحمل مشعل الوعي بين اللاعبين.. ونخمد بهدوء نار كل متطاول.. لنكون عوناً في رسم المشهد بجمال.. لا معول هدم يقض الأركان ويحطم الآمال.
وعن طرفي النهائي فالفريقان من النوعية الثقيلة فنياً.. ولا يمكن التنبؤ بمن الفائز.. مهما كان حال الفريقين قبل المباراة.. وأياً كانت الظروف والإصابات.. فتلك الفرق من هذه النوعية ليست ممن ينحني للظروف بسهولة.. ولا يمكن التكهن بنتيجة لقاءاتهم مهما كان المشهد قبل النهائي واضحاً للمتابع.. فكم من فرق نفضت عنها غبار موسم كامل من السوء بتقديم وجه آخر مميز في النهائي.. ليصطبغ موسمها بالنجاح في ختامه.
النصر.. الطرف الأول للنهائي.. يبدو موسمه جيد جداً حتى قبل ليلة التتويج.. فبطولة الدوري دانت ثمارها إليه مجدداً بعدما قطفها العام الماضي.. وحال الفريق الفني مستقر مع مدربه ولاعبيه الذين أكملوا معه الأمتار الأخيرة بالدوري.. بعدما غادر الكتيبة بعض اللاعبين للإصابة.. لكن ظل البقية يدافعون عن حظوظ الفريق بكل شراسة وتفانٍ لينال الدوري ويصبح على أعتاب معانقة كأس الملك وهو الذي لم يحققه في نسخته الجديدة بعد إعادة الدوري للنقاط.. ومجد كهذا لا أخال العالمي سيتنازل عن كتابته بسهولة.
أما المنافس على نهائي كأس الملك.. فلا أدري حقيقة ما آلت إليه نتيجة مباراة الهلال والاتحاد.. فمادة هذا المقال أرسلت قبل إقامتها بساعات.. لكن الأكيد أن أياً من الفريقين لن يكون صيداً سهلاً للنصر.. فسواء الزعيم أو حتى العميد لم يقدما الكثير لجماهيرهما العريضة هذا الموسم.. فالبطولات توزعت بين الفرق ولم يكن لهما أي نصيب منها.. ولذا فالرهان على بطولة كأس الملك هو الوحيد الذي سيُخرج موسمهما من كآبته.. ويعيد كتابة الفرح في دواخل المحبين.. بعدما تعددت العثرات واستكان العشاق للألم والأنين.
أخيراً، همسة بأذن المتنافسين: تذكروا أن الرياضة أجمل عندما يبتسم الخاسر ويتواضع الفائز.. وليدرك الجميع أن « السنبلة كلما كبرت انحنت « .. ونحن حقاً كما قيل : ندنو من العظمة بقدر ما ندنو من التواضع.. ليكون بإذن الله مشهد الختام من كلا الفريقين هو المسك بحضور الملك.
خاتمة
من أجمل ما قيل في الأوطان:
ومن لم تكنْ أوطانهُ مفخرا لهُ
فليس له في موطنِ المجدِ مفخرُ
ومن كانَ في أوطانهِ حامياً لها
فذكراهُ مسكٌ في الأنامِ وعنبرُ
ومن لم يكنْ من دونِ أوطانهِ حمى
فذاك جبانٌ بل أَخَسُّ وأحقرُ