حميد بن عوض العنزي
* * يبقى التخطيط المستقبلي للمتطلبات التنموية قاصراً حتى الآن عن وضع المؤشرات المساعدة على رصد الاحتياج المرتبط بالزيادة السكانية وما يتطلبه ذلك من مشاريع وخدمات قادرة على النمو الطردي مع الزيادة المتوقعة والتي تشير بعض الأرقام إلى أنها كبيرة، وهو ما يستدعي استنهاض كل أدوات التخطيط الفاعلة لمواجهته وعلى كافة المستويات والمجالات التنموية مما يستوجب تصويب الاستراتيجيات بهدف توفير الخدمات ذات المساس المباشر بتنمية الانسان ومن أهمها التعليم والصحة والتوظيف.
* * توقع تقرير اقتصادي صادر الأسبوع الماضي عن مجموعة ديلويت أنّ تحتاج المملكة في السنوات الخمس المقبلة إلى ما يقارب 4 ملايين فرصة عمل جديدة في مجالات متنوعة، وهذا رقم كبير ويشكل تحديا ولا يمكن مواجهته بالحلول الوقتية التي يعمل بها الان، فالقضية لا تعالج بمشاريع الاحلال انما تحتاج الى خلق وظائف جديدة، وهو ما يتطلب انشاء كيانات اقتصادية ضخمة تشكل قيمة مضافة للاقتصاد، فاليوم المسؤولية والحلول لا تقبل التأجيل وليس هناك من طريق سوى إنشاء مثل هذه الكيانات وتقديم الدعم والتمويل للقطاع الخاص للتوسع في الاستثمارات وتعزيز دوره ليكون الموظف الأول، إذا ما علمنا أن القطاع الحكومي غير قادر على استيعاب تلك الاعداد الكبيرة من طالبي العمل، خصوصا مع عمليات التوظيف التي تمت في القطاع الحكومي خلال السنوات الخمس الماضية.
* * الأمر الآخر الذي يجب معالجته هو ضعف التعليم التقني والمهني؛ فهذا النوع من التعليم يفترض أن يكون هو قائد مجالات العمل والتوظيف في المستقبل، إلا أنه للأسف تراجع في جودته ولم يعد يحظى بالأولوية من قبل الطلاب فقد باتت كليات التقنية تعاني العزوف منذ سنوات، وحتى ما يسمى بكليات التميز لم تستطع حتى الان اجتذاب الطلاب، بل انها فشلت حتى بالتعريف بنفسها، هذا القطاع التعليمي المهني المهم يحتاج الى لفتة عاجلة لتدارك وضعه وليعود الى دوره المفترض ويستعيد جودته ويرتقي لمستوى بعض الكليات الفنية التي تتبع جهات أخرى مثل الجبيل وينبع، والتي تحظى بقبول كبير من الطلاب ويتسابق القطاع الخاص على الظفر بمخرجاتها، وهذا دليل على ان الخلل في طريقة ومحتوى التعليم بمرافقة التعليم الفني، وان الشاب السعودي متى ما حصل على تعليم جيد يوفر له الحصول على وظيفة سيتجه له، فهل من تحرك سريع وفاعل لإعادة التعليم الفني الى جادة الاستثمار الحقيقي ؟