حميد بن عوض العنزي
القادة العظماء هم من يضعون تاريخ الأمم ويرسمون مراحل الانتقال التي يتطلبها كل عصر, والأمة العظيمة هي تلك التي يسخر الله لها من يقودها إلى المعالي بالحكمة والعدل وتجمع على محبته قلوب الناس. وبلادنا ولله الحمد حباها الله بقيادة اجتمعت على حبها والإخلاص لها قلوب شعوبها وهذا الحب والإخلاص لم يأت من فراغ، بل من أعمال مخلصة توجهت أولاً إلى الله ثم إلى خدمة هذه البلاد وشعبها والشواهد على ذلك لا يمكن حصرها لا من حيث مسيرة البناء والتنمية وتوفير العيش الكريم ولا من حيث توفير كل سبل الارتقاء التي تركزت على بناء الإنسان السعودي وإذا كنا اليوم نحتفل بمرور 100 يوم على تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- مقاليد الحكم, فإننا لا نحتفل برمزية الزمن وإنما بحجم الإنجاز وأبعاده التي تتجاوز العمر الزمني بكثير وتنتهج آلية عمل مختلفة تتميز بالديناميكية والتفاعل السريع مع كل الأحداث سواء على المستوى المحلي أو الدولي, فالقرارات اليوم تصدر بقياس مختلف وبعيد عن البيروقراطية والإجراءات المطولة, فالقيادة تعمل على مدار الساعة وحين يعتمد القرار فيصدر بأي ساعة وبأسرع ما يمكن وبكل شفافية ووضوح، وهذا النوع من التعامل القيادي يأتي من خلفية غنية وثرية بالتجربة والحكمة، وسجل سلمان بن عبدالعزيز يعد مدرسة بالقيادة والحزم وهو أمر معهود له -حفظه الله- منذ كان أميراً للرياض.
احتفاء الرياض مدينة وسكاناً بالملك سلمان احتفاء خاص مختلف، فهو من كان يهندس شوارعها ويرسم خرائط توسعها ويمدها بكل ما تحتاجه، ولولا فضل الله ثم بعد رؤيته لما وصلت الرياض لما هي عليه الآن. وقد أنقذ الرياض من أزمة السكن في بداية الطفرة حينما بدأ الصندوق العقاري بضخ القروض والناس تشتري وتبني مساكنها وكانت مشروعات الخدمات من كهرباء وماء تحتاج لمزيد من الوقت فكان أن عرض عليه المهندسون إيقاف تراخيص البنى حتى تكتمل الخدمات.. إلا أن رؤيته البعيدة وتقديره للأمور بموازين صائبة جعله يأمر بأن يواصل الناس بناء مساكنهم أينما شاؤوا في المدينة وأن تعمل الجهات الخدمية على إيصال الخدمات للسكان أينما حلو.. وبالفعل تم هذا الإجراء وساهم في تجاوز أزمة السكن، والحديث عن سلمان والرياض شيق يجمع بين عبق التاريخ والحضارة ويمزج بين اصالة الأرض والروح.