الجزيرة - فن:
كان لرحيل الملحن الدكتور عدنان خوج صباح أمس الأول «الأحد» وقع كبير في نفوس محبيه والمقربين منه، إذ اختار أن يموت بهدوء كعادته بعد معاناة مع المرض، منتكسة قبل نحو شهرين، بعد عودته من الصين، واستقراره في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض.
ابن المدينة عاد لها ميتاً ودفن فيها أمس، واليوم نطوي صفحة من صفحات واحد من أشهر الملحنين السعوديين أبناء الرعيل الثاني للأغنية السعودية، وأحد الذين شهدوا فترتها الذهبية في الثمانينيات، وأحد «النوادر» الذين درسوا الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى العربية بالقاهرة، وحصل على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف العالي من جامعة «السوربون» في باريس، وكانت أطروحته في فن الراحل طلال مداح.
يقول عدنان خوج عن نفسه: بدأت تعلم الموسيقى في المدينة المنورة على يد أحد العازفين، وعندما قررت تعلم العزف على آلة القانون ذهبت إلى جدة، وهناك عملت بإذاعة جدة، حيث قمت بالعزف مصاحباً الأستاذين محمد عبده وطلال مداح، وعندما جاء الموسيقي أحمد الحفناوي إلى السعودية، بدأت أشارك مع فرقته الموسيقية بالعزف وأرسلت في بعثة تعليمية للقاهرة لدراسة الموسيقى، وعندما كنت طالباً قام الموسيقار الراحل أحمد الحفناوي بتقديمي لعدد من المطربين، بعدها لحنت لكل من فايزة أحمد أغنيتين «مستحيل» و«السكة حرير» كلمات محمد حلوة.
كما لحنت للمطربة عفاف راضي من تأليف مصطفي الضمراني، والمطرب توفيق فريد، وشريفة فاضل أغنية خليجية «معاصي ولا أطيعك»، وعندما اشتهرت في مصر لحنت لكل من محمد عبده أغنية «المعازيم»، ولطلال مداح وعلي عبدالكريم وطلال سلامة، واكتسبت الخبرة من الملحنين أمثال بليغ حمدي وكمال الطويل.
الملحن الراحل عدنان خوج كان يحمل هم الأغنية السعودية، وكثيراً ما أعلن عن أسفه لتدهور الموسيقى العربية والخليجية في الفترة الأخيرة، بل وسمّاها بـ«الانحطاط الموسيقي»، وكان يعزو ذلك لقلة عدد النجوم في السعودية، ومحدودية الإمكانات بالنسبة للفنان، وعدم وجود حفلات غنائية دائمة، أو معهد موسيقي بالمملكة، أو إرسال بعثات من المملكة لتعلم الموسيقى في مصر أو الاستعانة بالخبرات الموسيقية من مصر لتعليم الموسيقى لمن يرغب من أبناء السعودية.
مات عدنان خوج، وفي جعبته أعمال كثيرة، كان محتفظاً بها للوقت المناسب والفنان المناسب، وفي حوار سابق مع «الجزيرة» وصف الملحن الراحل فنان العرب الأستاذ محمد عبده بالأمل الباقي للأغنية، وأن عبدالمجيد عبدالله هو أملها للمستقبل.. مات عدنان خوج وهو يأمل من وزارة الثقافة والإعلام أن تهتم بالفن، مناشداً تقديم فرقة موسيقية جيدة، مطعمة بعناصر سعودية يتعلمون مع الوقت ومدرِّبين يدربون الفنانين السعوديين الذين لا يعرفون عزف التشيللو، وهذه أيْضًا تتيح فرصًا وظيفية لشبابنا للعمل في وزارة الثقافة والإعلام وبالتالي يخرج لنا مع الزمن فنانون جيدون وعازفون من أبناء الوطن، يخافون على فنهم وتراثهم، وأيْضًا يخدمون الأغنية الوطنيَّة.
***
لقطات من تشييع جثمان الملحن الدكتور عدنان خوج في المدينة المنورة بعد ظهر أمس الأول - (صورة هاتفية)