د. عبدالرحمن الشلاش
يوظف تنظيم داعش الإرهابي كل إمكاناته المحدودة لتحريض شبابنا والتغرير بهم باسم الدين والجهاد لتجنيدهم لمحاربة وطنهم وسفك دماء أبنائه من الأبرياء. يستغل العاطفة فيزيد وتيرتها حيث يلهب حماس الشباب ويوجههم بشكل مباشر للقتل وإراقة الدم البريء فلم يعد يوظف أساليب غير مباشرة وبخاصة بعد أن أوجع مسيريه القصف المتواصل لطائرات التحالف. بدأ التنظيم الداعشي والمسمى زوراً وبهتاناً بـ»الدولة الإسلامية» يفقد صوابه في الآونة الأخيرة فحول جهده لداخل المملكة بهدف التخريب والتحريض لقتل جنود الوطن الذين يحافظون على أمنه واستقراره.
التجنيد الخفي بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا تويتر بدأ من فترة طويلة، وكان من ثمارها المرة انخراط عشرات الشباب في تنظيم داعش وقبله القاعدة، وكانت النتيجة الحتمية قتل معظمهم في حروب لم تكن موجهة لأعداء الدين الحقيقيين وإنما بين فصائل متباينة من أبناء المسلمين.
تنظيم داعش المجرم يرغب في المزيد من الحطب وقوداً لنيرانه، ولن يكون هذا الحطب سوى شبابنا المغرر بهم، أو من تخلت أسرهم عنهم وأهملت متابعتهم، أو من يعانون من ظروف أسرية قاهرة جدا أما أن تكون ظروفاً اقتصادية أو تفككاً أسرياً نتيجة انفصال الوالدين عن بعضهما أو الجهل وقلة الوعي لذلك بدأ يكثف عملية الاستهداف بنشر مقاطع ملغمة في الواتساب رغبة في نشرها في نطاقات أوسع لمعرفته بأن معظم الناس يتعاملون مع هذا البرنامج التواصلي.
تلقيت نهاية الأسبوع الماضي مقطعاً من تلك المقاطع التي تحرض على القتل والتدمير وسفك دماء المسلمين الأبرياء الآمنين المصلين القائمين بما أوجب الله عليهم من التكاليف. مقطع الفيديو الذي مدته دقيقتان يظهر فيه شاب من الدواعش المتعطشين للدماء يربط رأسه بشال وشعر رأسه كثيف يتدلى على كتفيه يتطاير الشرر من عينيه ويفيض الحقد من نبراته، لحيته كثيفة يتستر خلفها وقد هربت الابتسامة من وجهه الذي علاه الوجوم، وإلى جانبه شاب آخر بمثل هيئته لكنه أقل شعراً صامت لم ينبس بكلمة طيلة المقطع ويتحلق حولهم مجموعة من الشباب الصغار يقارب عددهم العشرين في هيئات مختلفة وأعمار متقاربة. تكلم هذا المتأزم كلاماً كثيراً وكرر عبارات دائما ترد في مقاطعهم ولعلي أنتقي من كلامه بعض العبارات التي توضح مخططات الدواعش الجديدة. يقول: «أخي الموحد يا من حبسك العذر في جزيرة العرب كل من يريد أن ينفر قل له لا تنفر اقتل أولاً جندياً أو جنديين وتعال.. يا أخوان تبرأو من أقرب الناس لكم.. عمك يحارب الدين تبرأ منه.. تبرأ من أبيك وأخيك.. تبرأ من الجميع.. ابدأ بنفسك.. عندك قريب عسكري يعمل في وزارة الداخلية تبرأ منه أولاً ثم اقتله.. نسأل الله أن يمكننا من رقابهم جميعاً».
في هذا المقطع شخص جاهل يتحدث عن الولاء والبراء دون أن يفهم معانيه وكأنه قتل لكل مخالف وقطع للأرحام.. يوضح سياسة داعش الحالية في قتل رجال الأمن غدراً. يعترف بتعطش هذا التنظيم الخارجي للدماء. السؤال هنا كيف نحمي شبابنا من تأثير هذه المقاطع الخبيثة، وكيف يمكن للجهات المسؤولة منع تسريبها وحظر انتشارها؟